| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
وفقاً لما سبق أن أوردته «الراي»، نجحت المؤسسة العسكرية الاميركية في إثبات صحّة وجهة نظرها، تجاه الأزمة السورية، والاساليب المتوجّبة للتعاطي معها، وتحويلها من مجرد «حرب على الارهاب» الى «موضوع إستراتيجي يتعلّق بكيفية التعاطي مع روسيا». ويعتقد جنرالات أميركا أن «موسكو صارت تبني إستراتيجيتها، حول العالم وفي سورية، على اعتبار ان واشنطن ليست جدّية في استخدام قوتها العسكرية».
وتقول المصادر العسكرية الاميركية إنه «لا أهمية إستراتيجية لسورية، لا بالنسبة لواشنطن ولا لموسكو، لكن الروس حوّلوا الأزمة السورية الى سباق مع الاميركيين، يحاولون فيه ان يمتحنوا صبر الولايات المتحدة وإمكاناتها، فالروس يبحثون عن مواطن تراخٍ اميركية لإثبات حضورهم حول العالم».
ومن المعلوم في أوساط متابعي السياسة الخارجية في العاصمة الاميركية، ان ادارة الرئيس باراك أوباما قررت، منذ اليوم الاول لاندلاع الثورة السورية عام 2011، التعاطي معها على أنها تندرج في خانة «الحرب على الارهاب»، وهو ما يحصر السياسة الاميركية تجاه سورية بالحرب الدولية على تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، ويجعل من التواصل مع موسكو تفصيل يضاف الى تفاصيل ادارة التحالف الدولي الذي يشن الحرب على «داعش». لكن المؤسسة الدفاعية الاميركية شعرت أن الروس يرون أن حصر أميركا استخدام قوتها بالحرب على الارهاب - حسب قانون الكونغرس الذي يجيز للرئيس أوباما استخدام القوة العسكرية لمكافحة الارهاب حصراً - جعل موسكو تتصرف وكأنه يمكنها ملء الفراغ الذي تتركه اميركا، في الشرق الاوسط وحول العالم.
وينقل المتابعون عن قادة عسكريين قولهم إن «لأميركا القدرة على تدمير دفاعات الرئيس السوري بشار الأسد الجوية وكل مقاتلاته ومروحياته، بغض النظر عن أماكن تواجد القوات الروسية». ولا تفصح القيادة العسكرية الاميركية عن الاساليب التي قد تلجأ اليها لاعتبارها نوعاً من الاسرار العسكرية، لكن الاميركيين يؤكدون ان ما يؤخّر توجيه اي ضربة لقوات الأسد هو غياب الارادة السياسية في واشنطن، لا التواجد العسكري الروسي في سورية.
وكانت بعض المصادر العسكرية الاميركية ردت بتهكم، في جلسات خاصة، لدى إعلان الروس نشر منظومة صواريخ «إس 300» للدفاع عن قاعدة مدينة طرطوس البحرية في سورية، قائلة: «ألم يعلن الروس نشر منظومة إس 400 في سورية قبل أشهر، وأن الاخيرة تغطّي معظم المساحة السورية؟ أين اصبحت إس 400؟».
ويعتقد الاميركيون انه «في اللحظة التي يشعر الروس بجدية اميركية في توجيه ضربة عسكرية ضد الأسد، سينسحبون ويفسحون المجال». ويذكّر المسؤولون الاميركيون بانسحاب تشكيلة بحرية روسية من 16 سفينة عسكرية في 2013 من البحر الابيض المتوسط، بعدما نشر الاسطول الاميركي السادس بعض قطعاته استعداد لتوجيه ضربة لقوات الأسد على إثر المجزرة الكيماوية في ضواحي دمشق، والتي راح ضحيتها اكثر من 1300 مدني سوري.
ويرى الاميركيون ان الامور لن تصل حد المواجهة مع الروس، ويتوقعون ان تسحب موسكو قواتها من اي بقعة يعلمهم الاميركيون نيتهم بالقيام بأعمال حربية فيها ضد قوات الأسد.
وسألت «الراي» المصادر الاميركية ما إذا كانت القيادة العسكرية قدمت لأوباما خطة لتدمير قوة الأسد الجوية او لفرض منطقة آمنة داخل سورية، فأجابت انه «منذ عام 2011، قدمت القيادة العسكرية الاميركية عددا من السيناريوات العسكرية الممكن تنفيذها في سورية، وهذه السيناريوات مازالت على مكتب الرئيس منذ ذلك التاريخ، بانتظار اختياره احدها».
على ان المقرَّبين من البيت الابيض يكررون أن «أوباما لم يعبّر حتى الآن عن اي رغبة في القيام بأي عمل عسكري في الشرق الاوسط، خارج اطار الحرب على الارهاب». ويستبعد هؤلاء ان يغير الرئيس الاميركي موقفه، خصوصاً انه صار يرى نفسه خارج البيت الابيض، قبل شهر فقط على إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في 8 نوفمبر المقبل.
أما سبب اعلان اميركا تعليقها الحوار مع روسيا حول الأزمة السورية، واعلان مسؤولي الادارة الاميركية عن لقاءات «مجلس الأمن القومي» وإمكانية النظر في عمل عسكري في سورية، فهذه من قبيل إضاعة الوقت.
ولأن روسيا تعلم ان أميركا ليست جدّية في تلويحها بالخيار العسكري، راحت تتصرف بقوة، وتحذّر واشنطن، وتعلن نشر منظومات صاروخية للدفاع الجوي. وتختم المصادر الاميركية انه «لو شعرت موسكو بالجدية العسكرية الاميركية، لكانت سحبت قواتها بهدوء وبعيدا عن الاضواء لإفساح المجال لأي ضربة اميركية، على غرار صيف 2013، لكن الروس يعلمون ان واشنطن تراوغ، وهم لذلك يعملون على الإفادة سياسيا من الموضوع والتصرّف وكأنهم في موقع قوة وتفوق على اميركا».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق