| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
أكدت مصادر رفيعة المستوى في الادارة الاميركية ان «الفرصة سانحة لانتخاب رئيس جمهورية في لبنان» بعد 29 شهرا على شغور هذا المنصب، اثر نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان. وتعتبر مصادر الادارة انه «على عكس الاعتقاد السائد، فان انتظار اللبنانيين جلاء الصورة في المنطقة عموما، ان في سورية او في العراق او لناحية ما يتعلق بالعلاقات السعودية - الايرانية في شكل عام، قد لا يكون بالضرورة في مصلحة لبنان».
وتعتقد المصادر الاميركية انه، بعيدا عن المواجهة السعودية - الايرانية، تمر العلاقات بين الدول الكبرى بمرحلة من الهدوء، وان العلاقة بين الغرب وروسيا قد لا تستمر على هذا النحو، وقد تتجه نحو التأزيم بعد وصول رئيس جديد الى البيت الابيض.
وتردد المصادر الديبلوماسية الاوروبية في واشنطن انه لطالما توسل حلفاء اميركا الاوروبيين الولايات المتحدة للقيام بدور أكبر في التصدي للتوسع الروسي شرق اوروبا وفي الشرق الاوسط. وتردد المصادر نفسها ان العواصم الاوروبية غير قادرة على خوض مواجهة عسكرية ضد روسيا، وان أميركا هي وحدها التي تتمتع بمقدرات تجعل الروس يتراجعون عن استعراضات القوة التي يقومون بها، حتى من دون الوصول الى حد الاصطدام العسكري.
بيد ان الاوروبيين «مستعدون لتقديم كل الغطاء السياسي المطلوب لواشنطن، في مجلس الأمن ان امكن، او داخل تحالف الاطلسي، ان تعذر العمل من خلال الامم المتحدة، لكبح جماح الجنون الروسي»، حسب المصادر الاوروبية.
هذا يعني انه في حال وصول رئيس اميركي مستعد للانخراط في سياسة خارجية اميركية اكثر نشاطا، فهو او هي ستجد دعما اوروبيا ديبلوماسيا وسياسيا، وحتى ماليا، كاملا.
بدورها تقول المصادر الاميركية انه «في حال وجد الاوروبيون رئيسا اميركيا متجاوبا مع طموحهم في التصدي لـ(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، فان المواجهة بين الغرب وروسيا ستحتدم، وهو ما قد يحول كل قضية دولية الى مواجهة، بما فيها شؤون دول ذات اهمية استراتيجية محدودة مثل لبنان».
وصار معروفا في اوساط واشنطن ان الادارة الاميركية كانت توصلت مباشرة مع الحكومة الايرانية، عبر القناة المفتوحة بين وزيري خارجية البلدين جون كيري وجواد ظريف، وكذلك بالوساطة مع «حزب الله» عبر بعض الاجهزة الامنية اللبنانية، الى تسوية قضت بابقاء لبنان خارج المواجهة الاقليمية، التي تجتاح عاصفتها دول متعددة منها سورية والعراق واليمن.
لكن تحييد لبنان لا يعني بالضرورة اتفاقا على تسيير اموره، خصوصا ان الاتفاق الاميركي - الايراني هو اتفاق مخصص لتثبيت الامن في لبنان فقط، من دون ان يتطرق الى شؤون السياسة، التي تعثرت بسبب ارتباط الاطراف السياسية اللبنانية المؤثرة بالسعودية وايران. وطالما تستمر المواجهة بين السعوديين والايرانيين، يصبح من شبه المستحيل التوصل الى تسوية سياسية لبنانية.
المصادر الاميركية تنفي ان حواراتها المتواصلة مع السعودية تشمل ملفات مثل لبنان. وتقول المصادر: «حوارتنا مع السعودية متواصلة في شكل شبه يومي، وهي تشمل شؤون مكافحة العنف المتطرف، ومحاولة التوصل الى تسويات في مناطق ساخنة مثل سورية واليمن، وشؤون اخرى تتعلق بالعلاقة الثنائية بين البلدين».
على ان المصادر نفسها تقول انها تعتقد انه «على مدى العام الماضي، تبدو السعودية وكأنها انكفأت عن لبنان، وقلصت من دعمها المالي والسياسي له ولحلفائها داخله». وتتابع المصادر الاميركية: «يبدو ان ايران كانت تعتقد انه يمكنها انتزاع تسويات من السعوديين في لبنان، ولكن مع تقلص الاهتمام السعودي بلبنان، تراجعت الاهمية الاستراتيجية لهذا البلد، وصارت شؤونه داخلية بحتة ولا تعني الا اللبنانيين انفسهم».
هذه هي الظروف المؤدية الى تحييد لبنان عن عواصف المنطقة، وهي قد تؤدي الى انفراجات سياسية وانتخاب رئيس للجمهورية، وربما تشكيل حكومة واقامة انتخابات برلمانية، وكلها امور، حسب المسؤولين الاميركيين، من شأنها ان تجدد الثقة الدولية بلبنان وان تؤدي الى تحريك عجلة اقتصاده.
لكن الظروف المؤاتية لانفراجات سياسية لبنانية قد تتغير مع قدوم رئيس اميركي جديد يعدل من الموقف الاستراتيجي الاميركي في وجه روسيا، وهو ما يعني، حسب المصادر الاميركية، ان «الفرصة متاحة للبنانيين في تدبير شؤونهم السياسية في الايام المئة المقبلة». بعد ذلك، «قد تغلق هذه النافذة ويصبح وقتذاك متعذرا التوصل الى تسويات ما لم تنجح القوى الكبرى في التوصل الى تسويات فيما بينها اولا، ان في سورية ولبنان ام في اليمن والعراق».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق