| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
بدا محيراً التغيير الطارئ على كثافة القتال الذي ينخرط فيه الأميركيون ضد تنظيم «داعش»، إذ يبدو أن واشنطن كبحت جماح قواتها في الموصل، وأطلقت يدهم في مناطق متعددة في سورية. وتشير أحدث تقارير «القيادة الوسطى» في الجيش الأميركي أنها شنت 11 غارة جوية ضد مواقع تابعة لـ«داعش» في العراق، و17 غارة في سورية، وهو ما يشير بوضوح إلى تغيير في الأولويات الاميركية.
ويشير الصحافيون الاميركيون المنتشرون في الصفوف الامامية لحرب الموصل ان المعارك غرب المدينة «متوقفة منذ أسابيع»، ما عدا التراشق بالقذائف وبعض الغارات الجوية. ويقول الصحافيون ان اسباب توقف المعركة ما تزال مجهولة، وهو ما سمح لـ«داعش» بمحاولة اعادة التمدد ونشر قناصين في مناطق غربية كان خسرها أخيراً. وكان التحالف الدولي نجح في طرد مقاتلي التنظيم من قرابة ثلثي الموصل، فيما بقيت سوق البلد القديمة، غرب الفرات، والمناطق المحيطة بها، جنوبه، تحت سيطرة التنظيم المحاصر.
وبسبب تباطؤ حملة طرد «داعش» كلياً من مدينة الموصل، طالب المسؤولون العراقيون الولايات المتحدة علناً بـ«المساعدة» بإنهاء تحرير هذه المدينة، فيما حاول مسؤولون عراقيون آخرون التغطية على التعثر الحاصل بإطلاق توقعات مفادها ان القوات الحكومية العراقية والميليشيات المتحالفة معها ستستعيد المدينة بالكامل قبل نهاية الشهر الجاري.
ولم يعلن المسؤولون في واشنطن، حتى الآن، أي تغييرات في أولوياتهم في الحرب ضد «داعش» أو في قيامهم بنقلها من العراق الى سورية، لكن ما يتم تداوله همساً هو تذمر أميركي، خصوصاً لدى اصدقاء اسرائيل، من قيام «الحرس الثوري» الايراني بافتتاح مكاتب في الاحياء المحررة في الموصل.
ووردت تقارير عن إمساك الايرانيين بأحياء الموصل المحررة، تزامناً مع مقتل جندي أميركي من الفرقة ٨٢ المحمولة جواً (ضابط المشاة اللفتنانت أول وستون لي البالغ 25 عاماً من بلوفتون بولاية جورجيا)، إثر اصابته بانفجار لغم أرضي قرب المدينة. وتردد في الاوساط الاميركية المعارضة للتنسيق الاميركي - الايراني في الحرب ضد «داعش» في العراق، إن «جنودنا يموتون في الموصل، وإيران تتسلم المناطق المحررة من داعش».
وحاول بعض المعنيين بحرب الموصل الاجتهاد بالقول ان مقتل الجندي الاميركي «يحمل بصمات ايرانية»، وان «داعش» لم يلجأ لاستخدام اسلوب العبوات لاستهداف الجنود الاميركيين، فيما قامت الميليشيات الموالية لايران، اثناء الاحتلال الاميركي في العراق قبل نهاية العام ٢٠١١، باستخدام هذا الاسلوب.
وتشير البيانات الاميركية الى انه من اصل أربعة آلاف جندي أميركي قتلوا في العراق، تتحمل ايران والميليشيات العراقية العاملة بإمرتها مسؤولية مقتل ألف منهم على الأقل.
هكذا، مع الزيادة في التوتر بين الاميركيين والايرانيين، يبدو ان بعض دوائر القرار في واشنطن باتت ترى ان الحرب ضد «داعش» في سورية أجدى بكثير بالنسبة للاميركيين، حيث تتحالف القوات الاميركية مع قوات كردية، في شمال سورية الشرقي، ومع قوات عربية سورية معارضة للرئيس بشار الأسد في الجنوب السوري.
ويبدو ان بعض الاوساط الاميركية تعتقد ان نجاح أميركا والقوات الكردية والسورية المتحالفة معها بالسيطرة على منطقة غرب الفرات التي تمتد من الحدود مع تركيا الى الحدود السورية مع الاردن هي استراتيجية من شأنها ان تعطل تمدد إيران وحلفائها عبر خط طهران - بغداد - دمشق - بيروت، وهي استراتيجية لا بد انها تحظى بقبول ودعم اسرائيلي تام، إذ أن الاسرائيليين يضعون إخراج ايران وحلفائها من سورية بمثابة اولوية، لا تضاهيها الا أولوية تل أبيب في الإبقاء على الأسد في الحكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق