| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
أكد مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى، نقلاً عن نظرائهم الاسرائيليين، أن لا حرب إسرائيلية مقبلة في لبنان، وأن كلاً من تل أبيب و«حزب الله» يدرك أن تكلفة أي حرب ستكون عالية جداً على الطرفين، لذا، عمدا إلى تنظيم المواجهة بينهما وحصرها بالساحة السورية المفتوحة.
وباستثناء رد يتيم قام به الحزب اللبناني من داخل لبنان ضد اسرائيل، على إثر قيام مقاتلات اسرائيلية بقصف موكب تابع للحزب أدى الى مقتل جهاد مغنية، نجل القائد العسكري للحزب عماد مغنية الذي كان تعرض بدوره للاغتيال داخل سورية قبل نحو عقد، لم يرد «حزب الله» على أي من الضربات الاسرائيلية الجوية المتعددة التي تعرضت لها مواقعه داخل سورية، بشنه هجمات من داخل لبنان.
ويعزو المسؤولون الاميركيون حذر الحزب من التورط في حرب مع اسرائيل إلى «عقيدة الضاحية»، التي كرستها إسرائيل أثناء حرب يوليو 2006، وعمدت بموجبها إلى إلحاق دمار هائل وكبير طال مناطق واسعة يقطنها مؤيدو الحزب. كما طال الدمار الاسرائيلي جزءاً لا بأس به من البنية التحتية اللبنانية، خصوصاً في الجنوب، حيث غالبية السكان من مؤيدي الحزب الموالي لايران.
ويلفت المسؤولون الاميركيون إلى أنه في السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، كان لبنان هو «صندوق بريد الرسائل الاقليمية»، إذ كانت حكومته الاضعف، وكانت الحكومات المجاورة تتمتع بقوة تجعل من أي مواجهة بينها وبين اسرائيل مكلفة. مثلاً تواجهت اسرائيل وسورية مراراً، بشكل عسكري مباشر وغير مباشر، فوق الاراضي اللبنانية، لكن تلك المواجهات لم تعكر يوماً صفو خط الجبهة في الجولان السوري، الذي تحتله اسرائيل منذ العام 1973.
هذه المرة، انتقل التوازن الاستراتيجي من توازن بين سورية وإسرائيل إلى توازن بين لبنان واسرائيل. «صحيح أن الحكومة اللبنانية ضعيفة ومفككة»، يقول المسؤولون الاميركيون، «إلا أن حزب الله هو الحكومة اللبنانية الفعلية، وانخراطه في أي حرب مع إسرائيل مكلف له، وهو ما يثنيه عن ذلك، ويدفعه للجوء إلى مواجهات ضد الاسرائيليين في أماكن اخرى».
وبسبب ضعف الحكومة السورية، منذ اندلاع الثورة الشعبية ضد حكم الرئيس السوري بشار الأسد في العام 2011، حاولت إيران استبدال لبنان بسورية، وراحت تعمل على خلق بنية تحتية عسكرية قريبة من الجولان المحتل يمكنها أن تهدد منها أمن اسرائيل.
أي عملية عسكرية يشنها «حزب الله» ضد اسرائيل من سورية، ستجبر تل أبيب إما على الانخراط في حرب استنزاف عبر الحدود الاسرائيلية - السورية، وإما محاولة توجيه ضربات في العمق، ولكن العمق السوري خال من الحزب، وهو ما سيجبرها على ضرب لبنان، لكن لضرب لبنان حسابات عسكرية ودولية مختلفة، إذ ذاك عمدت اسرائيل، منذ الأيام الاولى لانهيار سيطرة الأسد على حدوده معها، الى محاولة استبداله بحلفاء محليين، واستخدام قوتها الجوية لمنع «حزب الله» وإيران من التسلل نحو الجولان وإقامة بنية عسكرية فيه.
الاعتبارات من الجانبين، اللبناني والاسرائيلي، تجعل قيام أي منهما بالمبادرة الى شن حرب، بمثابة عمل انتحاري، وهو ما يحصر المواجهة بينهما، في المدى المنظور على الأقل، في سورية.
والمواجهة في سورية لا تعني ان الاسرائيليين ينتظرون توسع «حزب الله» لتوجيه ضربات وقائية تبقيه بعيداً عن الجولان، بل تعني ان اسرائيل تعمل بقوة من أجل بناء تحالف ضمني دولي لإخراج إيران وحلفائها من سورية، والابقاء على الأسد في الحكم برعاية روسية، حتى لو بقي ضعيفاً ومعزولاً دولياً.
لا يوافق عدد كبير من الأميركيين على الرؤية الاسرائيلية القائلة إنه يمكن فصل الأسد عن إيران، كذلك ترفض بعض الدول العربية هذه النظرية وترى صعوبة في بقاء الأسد من دون استناده على ايران.
وسط هذه الصورة الاقليمية والدولية المعقدة، تبدو إمكانية اندلاع أي حرب بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني «منخفضة جداً»، حسب المسؤولين الاميركيين، الذين يقولون ان نظراءهم الاسرائيليين يعتقدون ذلك أيضاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق