| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
تحول وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل الى أول الضحايا السياسيين للحرب الأميركية المتعثرة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، فقدم استقالته بعد أقل من 21 شهراً على تعيينه وزيراً في فبراير 2013، ليصبح بذلك وزير الدفاع صاحب ثاني أقصر مدة خدمة في منصبه في التاريخ الأميركي.
وعادة يتسابق المسؤولون في أي إدارة الى رمي أنفسهم خارجها في السنتين المتبقيتين في حكم أي رئيس، من قبيل خروج نائب مستشارة الأمن القومي انتوني بلينكن، الذي مثل أمام مجلس الشيوخ في جلسة مصادقة على تعيينه وكيلاً في وزارة الخارجية، في وقت يسعى مسؤولون كثر الى البحث عن مناصب في القطاع الخاص ومراكز الأبحاث المختلفة.
لكن هيغل لم يكن مقرراً ان يكون من هؤلاء، فهو عاد الى السياسة من تقاعده في العام 2008 على إثر ولايتين في مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري، وهو كان من المرجح أن يخرج مع الرئيس باراك أوباما من الحكم الى تقاعد نهائي هذه المرة، على غرار وزير الخارجية جون كيري.
لكن هيغل كان متعثراً في منصبه منذ اليوم الأول، فهو قدم أداء مزرياً في جلسة المصادقة على تعيينه امام زملائه السابقين في مجلس الشيوخ. ومع أنه قام بالدور المطلوب منه بالإشراف على انهاء حربي العراق وأفغانستان والاقتطاع من الموازنة السنوية لوزارة الدفاع، عملاً باتفاقيات التقشف بين الرئيس الديموقراطي والمعارضة الجمهورية، الا ان هيغل بقي على مدى الأشهر العشرين الماضية خارج دائرة الثقة المحيطة بالرئيس. فأوباما أبلغ هيغل قراره بتفادي الضربة ضد قوات الرئيس السوري بشار الأسد في سبتمبر 2012، على إثر المجزرة الكيماوية في غوطة دمشق، عبر الهاتف ومن دون ان يستشيره مسبقاً، وبعد ان اتخذ أوباما القرار مع مجموعة من المحيطين به في البيت الأبيض.
كذلك، كان رئيس الأركان الجنرال مارتن ديمبسي هو الذي تسبب بتغيير رأي أوباما حول ضرورة التدخل العسكري في العراق في وجه تمدد «داعش» الصيف الماضي، بعد ان تسلل ديمبسي الى الليموزين الرئاسية التي كانت تهم بالعودة من وزارة الخارجية الى البيت الأبيض بعد جلسة لأوباما مع رؤساء الدول الافريقية.
هكذا، لم يساهم هيغل لا في قرار تفادي توجيه ضربة الى قوات الأسد، ولا في قرار توجيه ضربة الى «داعش»، وهو بقي مسؤولاً هامشياً في معظم أيام عمله وزيراً للدفاع، وكان غالباً ما يبدو ملحقاً بديمبسي، اثناء جلسات الاستماع المتكررة التي شارك بها الرجلان في الكونغرس.
وفي سياق استقالة هيغل، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين في الإدارة قولهم ان أوباما أراد توجيه رسالة الى الاميركيين مفادها انه أدرك ان الوزير الحالي ليس مناسباً لمهمة الحرب على «داعش»، وأن هيغل تم توظيفه لإنهاء الحروب، وانه لا يملك الرصيد السياسي الكافي او الحنكة لشنها.
وأشارت الصحيفة الى ثلاثة مرشحين لخلافة هيغل هم المسؤولون السابقون في وزارة الدفاع ميشال فلورناي وآش كارتر، والسناتور السابق جاك ريد. وعلمت «الراي» من مصادر في الإدارة الأميركية ان عملية الاختيار انتهت فعلياً، وانه ما لم تحدث مفاجآت في آخر لحظة، من المتوقع لان يعين أوباما ريد خلفا لهيغل.
وسبق لريد ان خدم في فرقة المارينز 82 المحمولة جواً، وهو يتمتع بخبرة عسكرية ممتازة وعلاقات بالعسكر وبالحزبين، ما يجعله الأكثر كفاءة لتولي منصب وزير الدفاع في وقت تتحول الوزارة، والبلاد عموماً، من طي صفحتي الحربين في العراق وأفغانستان الى فتح صفحة الحرب ضد «داعش»، مع ما يعني ذلك من استحصال الموافقات اللازمة من الكونغرس عبر استصدار قانون جديد «يخول استخدام القوة العسكرية».
وكان الكونغرس عقد جلسات استماع مع هيغل وديمبسي وبيلنكن على مدى الأسبوعين الماضيين، لكن أعضاء في الكونغرس وجهوا نقداً لاذعاً للحكومة وقالوا ان إدارة أوباما لم تقدم استراتيجية واضحة يمكن للكونغرس التصويت على أساسها ومنحها تخويلاً لاستخدام القوة العسكرية. وساهم وجود كيري في فيينا للمشاركة في المفاوضات النووية مع إيران في المزيد من التأخير. ومن المتوقع ان يساهم استبدال هيغل في المزيد من التأخير كذلك حتى يتسنى لوزير الدفاع القادم المشاركة في صياغة استراتيجية الحرب الجديدة وتقديمها للسلطة التشريعية والحصول على موافقة للمباشرة بتطبيقها.
وفي اعلانه استقالة وزيره وقد أحاط به نائبه جو بايدن والوزير نفسه، قال أوباما ان الوزير توصل الى استنتاج بان الوقت الحالي «ملائم لإنهاء خدمته».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق