واشنطن - من حسين عبدالحسين
اعتبر السفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد ان الولايات المتحدة هي بمثابة سلاح الجو التابع للرئيس السوري بشار الأسد في شرق سورية.
وفي شهادة امام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس تضمنت انتقادات لاذعة للسياسة الأميركية في سورية، توقع الديبلوماسي المتقاعد ان «تتمتع الدولة الإسلامية (داعش) بقاعدة آمنة، في شرق سورية ووسطها، في المدى المنظور»، معتبرا ان «العمق الاستراتيجي الذي ستتمتع به الدولة الإسلامية في سورية سيعرقل جهود تدمير قواتها في العراق».
وبينما كان فورد، ومسؤولون سابقون آخرون، وخبراء، وأعضاء الكونغرس من الحزبين يشنون هجوماً لاذعاً ضد سياسة أوباما في سورية والعراق في قاعات مجلس النواب جنوبي مبنى الكابيتول، كانت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، شمالي الكابيتول، تقذع نائب مستشارة الأمن القومي انتوني بلينكن، الذي حضر جلسة للمصادقة على تعيينه في المنصب الثاني في الخارجية، خلفا لوكيل الوزارة المتقاعد بيل بيرنز.
في مجلس النواب، قال فورد: «نحن ندك مواقع الدولة الإسلامية في كوباني، حيث تقاتل مجموعة كردية مرتبطة بتنظيم بي كي كي الإرهابي، ونحن سلاح الجو للكرد على الرغم من ان ذلك يثير غضب الترك، الذين تمثل مساعدتهم ضد الدولة الإسلامية عاملاً حيوياً إذا ما قررنا القضاء على تنظيم الدولة».
وتابع فورد: «لم نهاجم ابدا الدولة الإسلامية بالقرب من حلب حيث تواجه مقاتلين سوريين معتدلين»، مضيفا: «يقاتل المعتدلون على جبهتين ضد الأسد وضد الدولة الإسلامية، وهم لم يستفيدوا من أي من ضرباتنا الجوية».
عوضا عن ذلك، يقول فورد: «آذت عملياتنا الجوية في شمال سورية الغربي المجموعات المسلحة المعتدلة بشكل مباشر، وضرباتنا ضد عناصر من جبهة النصرة أدى الى اشتباه جبهة النصرة بأن المعتدلين الذين ساعدناهم، هم في الواقع طابور أميركي خامس ضد الجهاديين، فشنت الجبهة قبل أسبوعين هجوماً استباقياً ضد العناصر المعتدلة شمالي غربي سورية، وقضت عليهم بشكل كبير».
وأضاف: «لم نحذر المقاتلين المعتدلين من عواقب استراتجيتنا، فكانوا غير مستعدين وتفاجأوا بالضربات الجوية، وبرد جبهة النصرة ضدهم»، مستغربا عدم تنسيق واشنطن استراتجيتها مع هؤلاء المقاتلين المعتدلين ان كانت تحسبهم حلفاءها.
ومما قاله فورد، في شهادته التي حازت اهتماماً واسعاً بين أعضاء الكونغرس وفي الأوساط المعنية بالسياسة الخارجية في واشنطن، ان مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة مضغوطون بين نظام الأسد والجهاديين، وانهم لن ينجوا ان استمرت مقاربة أميركا – التحالف الدولي على هذا الشكل.
وتابع فورد عن الثوار المعتدلين: «معنوياتهم بالأرض فهم معزولون سياسيا لأن اللوم يقع عليهم باتهامهم انهم عملاء أميركا عندما يتعرض معارضي الأسد الآخرين للقصف الجوي الأميركي»، موضحا انه «في أشهر قليلة، أشك ان يبقى معارضة معتدلة شمال» سورية.
واقعيا، يعتقد فورد انه «إذا لم نعدل تكتيكاتنا بشكل جذري، لن ينجح المعتدلون في احتواء جهاديي النصرة والدولة الإسلامية، حتى لو قررنا يوما ما تدريب خمسة او عشرة الاف مقاتل (من المعتدلين)».
في هذه الاثناء، يرى السفير السابق أن «نظام الأسد يفتقر للعدد الكافي لاستعادة شمال سورية الشرقي، وحتى لو تمكن من حشد العدد المطلوب، فقوات النظام السوري تتقدم فقط بمساعدة قوات الإيرانيين وحزب الله، ووجود قوات ايران وحزب الله شرق سورية يثير الشبهات عند العرب السنة غرب العراق من ان ايران ووكلاءها يحاصرونهم من الشرق والغرب، وهو ما يعرقل المجيء بالعراقيين السنة العرب للمشاركة في القتال ضد الدولة الإسلامية في الجبهة الشرقية (غرب العراق)»، وهو ما يعطي، برأي فورد، «قاعدة آمنة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام للبقاء شرق ووسط سورية في المستقبل المنظور».
في هذه الاثناء، كان بلينكن يصارع الشيوخ، من الحزبين، الذين جعلوا منه «حفلة شواء»، حسب التعبير الأميركي. وحاول بلينكن، الذي عقد جلسة مغلقة مع الشيوخ أنفسهم سبقت المفتوحة، القول ان الإدارة تطلب تخويلاً جديداً لاستخدام القوة العسكرية ضد «داعش»، ولكن بمهلة زمنية غير مفتوحة ومحددة يصار الى الطلب الى الكونغرس تجديدها في حال اقتضت الحاجة.
لكن كبير الأعضاء الجمهوريين، ورئيس اللجنة ابتداء من أول يناير، السناتور بوب كوركر وصف، في حديث الى الصحافيين، خطة أوباما العسكرية لمواجهة داعش «بالنصف مخبوزة»، وقال ان أعضاء الإدارة «لا يطلبون تخويلاً، وليسوا مستعدين لطلبه لأنه ليس لديهم استراتيجية بعد، ولا يمكن أبدا ان يحصلوا على تخويل استنادا الى ما قدموه».
ولم يوفر الديموقراطيون سهامهم الموجهة للبيت الأبيض، فعبر السناتور كريس كونز عن «مشاركة الإحباط» مع الجمهوريين لأن استراتيجية الادارة مازالت «قيد التطوير»، مشيرا الى ان سفر وزير الخارجية جون كيري الى فيينا للمشاركة في المفاوضات النووية مع إيران أدى الى تأجيل مناقشة الاستراتيجية والتخويل المطلوب.
بلينكن، بدوره، استبعد التوصل لاتفاق مع الإيرانيين مع نهاية مهلة اتفاقية جنيف المؤقتة الاثنين. وقال: «الأمر يعتمد بشكل كلي على إذا ما كانت إيران مستعدة لاتخاذ خطوات عليها ان تتخذها لإقناعنا، واقناع شركائنا، ان هذا البرنامج (النووي) سيكون لغايات سلمية بحتة». وختم: «ونحن نتحدث، لم نصل الى تلك النقطة مع إيران».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق