حسين عبدالحسين
مشروع قانون "منع التمويل الدولي عن حزب الله للعام 2014" هو نص قدمته في أيار الماضي في مجلس الشيوخ السناتور الديموقراطية جين شاهين، زوجة المحامي الأميركي من أصل لبناني بيل شاهين. ولأن قانوناً من هذا النوع يحظى عادة بدعم واسع لدى الجمهوريين، شاركت في تبنيه مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين، تصدرهم الجمهوري ماركو روبيو.
ومع مرور الأسابيع، اتسعت دائرة المؤيدين بين الأعضاء حتى تعدت الخمسين، من أصل مئة عضو، مع نهاية تموز. الا انه على الرغم من تبني الغالبية لمشروع القانون، الذي تمت قراءته في جلسة عامة وإحالته الى اللجان المختصة، بقي عالقاً في اللجان من دون أي مبرر واضح. حتى شاهين قالت لمقربين إنه على الرغم من محاولاتها الحثيثة، لم تنجح في تحديد من الذي يعطل عملية الإقرار. في هذه الحالة، تتجه الشبهات نحو "القيادة" وزعيمها في مجلس الشيوخ الديموقراطي هاري ريد، الذي يبدو انه بإيعاز من الرئيس باراك أوباما، أوحى الى رؤساء اللجان بإشاحة نظرهم عن القانون ورميه على رفوف النسيان. وتجميد أوباما لقانون العقوبات على "حزب الله" يتماهى مع طلبه من ريد تجميد مشاريع قوانين مشابهة، مثل قانون جديد للعقوبات على إيران في حال فشل التوصل الى اتفاق نووي معها.
وعملية تجميد القوانين التي قد تثير حفيظة طهران تتماهى أيضاً مع قرار الرئيس الأميركي عدم القيام بأي مجهود عسكري – مباشر عن طريق استخدام سلاح الجو الأميركي او غير مباشر عن طريق تسليح المعارضة السورية – ضد الرئيس السوري بشار الأسد والقوات الموالية له. هكذا، بمساعدة الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ، أوصد أوباما الأبواب في وجه أي محاولات لفرض عقوبات او لتصعيد سياسي ضد إيران او حلفائها في سوريا ولبنان.
لكن اكتساح الجمهوريين للكونغرس بغرفتيه، الشيوخ والنواب، مطلع هذا الشهر، قلب ميزان القوى والمزاج العام بطريقة دفعت الديموقراطية اليزابيث وارن، الأسبوع الماضي، الى إضافة اسمها الى لائحة عرابي مشروع القانون، لتصبح العضو رقم 58 الذي يتبناه. وفي حال وصل العدد الى 60، وهو أمر مرجح، يمكن للمؤيدين حينذاك اجبار اللجان وريد على مناقشة القرار والمصادقة عليه. كما تنتزع أكثرية الستين عضوا صلاحية النقض "الفيتو" التي يمكن لأوباما ممارستها ضد أي قانون يصله من الكونغرس، وتجبره على التوقيع عليه كقانون نافذ.
وارن هي من أكثر أعضاء المجلس معارضة لحربي العراق وأفغانستان ولأي نشاط عسكري أميركي حول العالم وهي من الذين يعتبرون على يسار الرئيس الأميركي في السياسات الداخلية والخارجية، وفي تبنيها مشروع القانون إشارة الى ان المزاج الأميركي العام ينقلب، وأن الديموقراطيين قد لا يلتزمون إصرار أوباما على حماية إيران وحلفائها من قوانين عقوبات جديدة، وانهم قد يسبقون الجمهوريين في المصادقة على هذه القوانين. ماذا يعني إقرار القانون فعليا؟ يعني ان الولايات المتحدة وحلفاءها، الذين يسيطرون على الجزء الأكبر من النظام المصرفي العالمي، يمكنهم تجميد عمل أي مؤسسة يتم اتهامها بالتعامل مع "حزب الله".
حتى اليوم، العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة الأميركية تنحصر بمن تعتبرهم واشنطن أعضاء في الحزب او مؤسسات تابعة له. لكن القانون الجديد يفرض عقوبات على "كل من يتعامل" مع "حزب الله" او مؤسساته او أعضائه، أي ان الحكومة اللبنانية نفسها ومصرف لبنان والقطاع المصرفي بأسره قد يصبحون عرضة لخطر فصلهم من النظام المالي العالمي. على أن لأوباما صلاحية اختيار ما يتم تطبيقه من العقوبات حتى لو أقر الكونغرس القانون، فالقانون يطلب من الحكومة تحديد المؤسسات او الأشخاص التي ينطبق عليها الوصف المحدد واختيار نوع العقوبات التي تشملها، ما يعني ان تطبيق القانون رهن تفسير الحكومة.
والأمر نفسه ينطبق على العقوبات التي تفرضها واشنطن حالياً على إيران، اذ يمكن للرئيس الأميركي تعليق ما يشاء منها ساعة يشاء. حماية أوباما لإيران و"حزب الله" من المتوقع ان تستمر حتى خروجه من البيت الأبيض في كانون الثاني 2017. بعد ذلك، يصبح استمرار الحماية بيد الرئيس الجديد ورؤيته للأمور وسياسته الخارجية. فهل يستمر أوباما في حماية "حزب الله" من العقوبات؟ أم ان انهيار المفاوضات النووية مع إيران سيدفعه الى تأزيم الأمور والاذعان للكونغرس؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق