| واشنطن – من حسين عبدالحسين |
كما كان متوقعاً، وفي أقل من أسبوعين منذ سيطرة الحزب الجمهوري على الكونغرس الاميركي بغرفتيه، بدأ مشرعون تقديم قوانين تهدف لإقرار «رزمة» عقوبات أميركية جديدة على إيران.
وقام العضو الديموقراطي اليوت انغل في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، بصياغة نص بالتشاور مع رئيس اللجنة الجمهوري اد رويس. والقوانين التي يبادر الى تقديمها الحزبان، غالبا ما تحوز اجماعا وتحصد أصواتا كثيرة للمصادقة. ومع ان النص الاولي لم يتم تقديمه الى قلم المجلس، الا ان مصادر انغل قالت لـ «الراي» ان «القانون الجديد سيأتي على شكل القانون الذي أقره مجلس النواب في يوليو الماضي بغالبية ساحقة بلغت 400 من أصل 438 عضوا».
وكان قانون 2014 نص على ربط رزمة العقوبات الجديدة على إيران «بفشل المفاوضين في التوصل لاتفاق مع تاريخ نهاية اتفاقية جنيف الموقتة في 23 نوفمبر». وبعد مصادقة مجلس النواب، انتقل القانون الى مجلس الشيوخ، الذي كانت تسيطر عليه غالبية ديموقراطية، فرماه زعيمه هاري ريد في الادراج بطلب من الرئيس باراك أوباما.
هذه المرة، يأمل انغل ان التغيير في الشيوخ سيعني حتمية مصادقة الكونغرس بغرفتيه على القانون.
وأنغل هو أحد متابعي شؤون الشرق الأوسط منذ زمن بعيد، وهو مؤلف قانون «محاسبة سورية وسيادة لبنان للعام 2002». وفي اثناء رحلة أوباما لزيارة إسرائيل في مارس 2013، دعا الرئيس الأميركي انغل ليرافقه في الطائرة الرئاسية. وتقول الأوساط الأميركية ان انغل، وهو من أبرز الداعمين للثورة السورية ضد الرئيس بشار الأسد، قدم مطالعة مطولة لأوباما وحاول اقناعه بضرورة تدخل واشنطن لإخراج الأسد من الحكم.
على ان السرعة في المصادقة على قانون عقوبات جديد على إيران لم تكن في مجلس النواب وحده، اذ سارع مجلس الشيوخ بدوره لتقديم نصه، وسعت في هذا السياق لجنتان هما الشؤون الخارجية والمصارف الى العمل على ابرام نص يتم تقديمه للهيئة العامة.
لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ انتقلت رئاستها من الديموقراطي بوب مينينديز الى الجمهوري بوب كوركر. ومينينديز كان من أكثر المتحمسين لإقرار قانون عقوبات على إيران الصيف الماضي، ونجح في تمريره في لجنته، ليصطدم بعقبة هاري ريد، الذي أبقى القانون خارج جدول اعمال الهيئة العامة. الآن، يعود مينينديز وقانونه، هذه المرة بدعم زميله ورئيس اللجنة كوركر، وهو من المشرعين الجمهوريين من أصحاب الوزن السياسي الثقيل في العاصمة الأميركية، لتقديم نسخة جديدة لهذا القانون.
هذه المرة، لن يخشى ثنائي مينيندير – كوركر الرئاسة، التي أصبحت في عهدة الجمهوري ميتش ماكونيل.
بدورها، سارعت لجنة المصارف كذلك لتقديم نسختها من قانون للعقوبات على إيران. وفي خضم السباق، أعلنت لجنة المصارف عقد جلسة استماع في العشرين من الجاري بعنوان «الضرورة الاستراتيجية لعقوبات على إيران». ومن المتوقع ان تصادق هذه اللجنة بسرعة على نسختها من القانون.
على انه رغم حتمية إقرار مجلس الشيوخ لقانون العقوبات الجديد، الا ان القانون سيحتاج الى غالبية الثلثين، أي 60 عضوا، حتى يتجاوز عقبة الفيتو الرئاسي. ومع ان البيت الأبيض بدأ جولات «لي الاذرع» باتصاله بالشيوخ الديموقراطيين وحضهم على التصويت ضد القرار حتى لا يصل الى غالبية الستين، اذ يملك الحزب الجمهوري غالبية 54 فقط، الا ان مهمة إدارة أوباما صعبة، ويفترض ان ينجح الشيوخ في إقرار القانون بغالبية عظمى، وهو ما يحرم أوباما من حق النقض «الفيتو».
ورغم إمكانية ابرام قانون جديد يفرض المزيد من العقوبات على إيران، الا ان تطبيق القانون يبقى رهن إرادة أوباما، الذي يمكنه تجاهل القانون تماما وعدم تطبيق أي من بنوده، بل أنه يمكن للرئيس الأميركي، في حال التوصل لاتفاقية نووية مع إيران، ان يرفع كل العقوبات الماضية، حتى وسط معارضة الكونغرس ومصادقته على قوانين عكس ذلك.
ربما يفطن الإيرانيون انه طالما ان أوباما موجود في البيت الأبيض حتى يناير العام 2017، لا خوف من عقوبات أميركية جديدة عليهم. لكن في الوقت نفسه، يكرر المسؤولون الإيرانيون ان أي عقوبات يقرها الكونغرس من شأنها ان تنهي المفاوضات تماما، وهي تصريحات جعلت البعض في إدارة أوباما يعتقدون ان «طهران تبحث عن سبب، حقيقي ام لا، حتى تخرج من المفاوضات من دون اتفاق، وفي الوقت نفسه توجه أصابع اللوم الى الكونغرس في خروجها».
وربما هذا السبب نفسه الذي يدفع الكونغرس الى تحريك عقوبات ضد إيران، فاذا ما خرجت إيران من المفاوضات، تنعدم مبررات أوباما لعدم تطبيق العقوبات الجديدة، فيجد الرئيس الأميركي نفسه في وسط قوتين، الكونغرس وإيران، تفضل كل منها البقاء في حال عداء من إعادة العلاقات الى ما كانت عليه قبل عقود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق