واشنطن - من حسين عبدالحسين
إدارة الرئيس باراك أوباما في سباق مع الزمن للافراج عن أكبر عدد ممكن من المعتقلين من سجن غوانتانامو العسكري في كوبا، اذ أفرجت أول من أمس عن خمسة معتقلين يمنيين، لينخفض اجمالي عدد السجناء الى 122، منهم كويتي واحد هو فايز الكندري.
ويعتقد المتابعون ان الرئيس الأميركي يسعى الى تقليص عدد المعتقلين الى نحو خمسين معتقلاً، فتصبح تكلفة ابقاء المعتقل مفتوحاً كبيرة جداً، ما يجبر الكونغرس على اقفاله. وكان عدد المعتقلين بلغ ذروته في العام 2003 عندما كان يؤوي 680 معتقلاً.
وتبلغ تكلفة كل معتقل حاليا 3.3 مليون دولار سنوياً، مقارنة بـ 78 الف دولار سنوياً للسجين الواحد في السجون ذات الأمن المشدد داخل الولايات المتحدة، ما دفع عددا من المشرعين الى الدعوة لاقفال المعتقل ونقل من تبقى من نزلائه الى سجون أميركية.
على ان مشكلة نقل المعتقلين الى الاراضي الأميركية تكمن في انها تمنح السجناء فوراً كل الحقوق التي يتمتع بها الاميركيون، خصوصاً حقوقياً، لناحية الزامية الافراج عنهم في مدة زمنية قصيرة في حال عدم توافر دليل مقبول ضدهم بالمعايير الأميركية.
اما غوانتانامو، فهي قاعدة عسكرية أميركية في كوبا، ما يعني ان القضاء المتوافر فيها هو قضاء عسكري، وما يحول المعتقلين الى «مقاتلين اعداء» ويعدل من اسس محاكمتهم. ولطالما لجأت السلطات الأميركية الى استبقاء معتقليها، مثل أبو أنس الليبي المتوفى حديثاً، على متن سفن حربية أميركية، حيث يمكن للمحققين الاميركيين استجوابهم في غياب محام، على عكس ما تفرض القوانين الأميركية.
وفي العام2014، نجحت الحكومة الأميركية في الافراج عن أكبر عدد من السجناء منذ تسلم أوباما الرئاسة في يناير 2009، فتقلص عدد نزلاء المعتقل من 242 الى 122. ومنذ مطلع يناير وحتى اليوم، أفرجت الادارة عما مجموعه 26 معتقلاً، كان بينهم الكويتي فوزي العودة.
لكن الخبراء يرون استحالة الافراج عن كل المعتقلين قبل خروج أوباما من البيت الابيض في يناير 2017 بسبب اشتداد معارضة الجمهوريين، الذين صاروا يسيطرون على الكونغرس بغرفتيه، والذين قام عدد من مشرعيهم بتقديم مشاريع قوانين تجبر الادارة على وقف عملية الترحيل.
«الراي» حاولت استطلاع رأي بعض الخبراء حول توقعاتهم في قضية الكندري (39 عاماً)، واذا كانت عملية الترحيل المستمرة ستشمل الكويتي المعتقل منذ العام 2002 في باغرام، افغانستان، حيث قام سكان محليون بتسليمه الى السلطات المحلية التي سلمته الى الاميركيين وتم نقله الى غوانتانامو.
المدعي العام العسكري كان وجه في 2008 تهمة ارتكاب «جرائم حرب» الى الكندري لدخوله في معسكر تدريب «خلدان»، لكن الادعاء لم يقدم أي وثائق تثبت تورطه، بل يبني الادعاء قضيته على أقوال شفهية، وهو أمر غير مقبول حسب القانون الاميركي ومعظم القوانين الدولية.
وفي اكتوبر 2008، عينت المحكمة باري وينغارد محامياً للدفاع عن الكندري. وحاولت «الراي» الاتصال بوينغارد، لكنه رفض التعليق، ربما بهدف الابقاء على حظوظ المعتقل الكويتي في الافراج عالية. وكان وينغارد قال، قبل سنوات، لصحيفة «بيتسبرغ بوست غازيت» ان الادعاء لم يقدم «أي دلائل ملموسة يمكننا دحضها... قالوا انه تم اعتقاله في الامارات، قلنا لهم زودونا ببيانات الاعتقال وتواريخه، ولم يفعلوا ذلك».
وكان الكندري قد قال ان بامكانه اثبات ان رحلته الى افغانستان كانت بهدف القيام باعمال خيرية وحفر آبار ارتوازية للسكان، وان بامكانه اثبات اقواله لو اعادت السلطات الأميركية له جواز سفره ووثائقه التي تمت مصادرتها.
وقال وينغارد: «لا يوجد دليل (ضد الكندري) سوى انه مسلم كان في افغانستان في الوقت الخطأ، وتم بناء القضية ضده على أقوال متواترة عبر شخصين او ثلاثة».
على ان المصادر الأميركية تقول لـ «الراي» ان الافراجات الجارية من معتقل غوانتانامو تحصل على اساس الاتفاقات التي تتوصل اليها الحكومة الأميركية مع حكومات العالم. وفي حالة اليمنيين الخمسة، تم التوصل الى اتفاق مع سلطنة عمان لترحيلهم. اما في حالة معتقلي غوانتانامو السابقين من الكويتيين، فتم ترحيلهم بناء على اتفاق مع الحكومة الكويتية.
وتقول المصادرالاميركية ان الحكومة الكويتية قد تكون «الاكثر نشاطاً» بين حكومات العالم في محاولتها الافراج عن معتقليها في غوانتانامو على مدى العقد الماضي، وان الحكومة الكويتية «استندت الى علاقاتها المميزة مع الولايات المتحدة للعمل على الافراج عن هؤلاء».
وتضيف المصادر انه «لم يحدث ان انعقد لقاء بين مسؤولي أميركا والكويت، على أي مستوى، من دون أن يثير الكويتيون مسألة معتقليهم في غوانتانامو».
هل يعني ذلك قرب الافراج عن الكندري؟ التكهنات صعبة، ورغم ان الحكومة الكويتية قدمت الضمانات المطلوبة للادارة الأميركية لاسترداده، الا ان بعض القوانين تقيّد حرية الحكومة الأميركية نفسها في عملية الافراج.
المصادر الأميركية تختم ان واشنطن تسعى الى الافراج عن جميع المعتقلين في اسرع وقت ممكن، على أمل الا ينجح الكونغرس في تعطيل هذا المسعى قبل وصوله الى خاتمته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق