| واشنطن – من حسين عبدالحسين |
وفاة عضو تنظيم «القاعدة» الليبي «أبو أنس»، المتهم بالمشاركة في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام العام 1998، ازاحت ثقلا كان يعتلي كاهلي أجهزة الاستخبارات الأميركية بسبب اقتراب محاكمته وتراجعه عن الإفادة الأولية التي أدلى بها وقال بعدها للقاضي انه قدمها اثناء اضرابه عن الطعام.
وباستثناء التصريح اليتيم الذي أدلى به برنارد كلاينمان، محامي المتهم نزيه عبدالحميد الرقيعي المعروف بـ «أبو أنس الليبي»، الى صحيفة «واشنطن بوست»، وأكد فيه وفاة موكله عن خمسين عاما في مستشفى في نيويورك، «اثر تدهور صحته في شكل كبير» على مدى الشهر الماضي، لم تصدر تصريحات عن مسؤولين أميركيين بسبب عطلة رأس السنة الميلادية، التي مازالت تفرض سباتا على العاصمة الأميركية ينتهي غداً.
وكان مدعي عام المنطقة الجنوبية في نيويورك بريت بهارارا أبلغ قاضي المحكمة في وقت سابق عن تدهور صحة المتهم، وكتب في رسالة: «نكتب لكم لإبلاغكم انه على رغم العناية التي يتلقاها في المستشفى، فان صحته تتدهور في شكل كبير».
ومع ان محامي «الليبي» لم يؤكد سبب الوفاة، الا ان الأوساط الأميركية تناقلت تقارير تشير الى ان الرقيعي كان مصابا بالتهاب الكبد «سي»، وان حالته تطورت الى سرطان الكبد، وتدهورت في شكل سريع على مدى الأسابيع الماضية، ليفارق الحياة مساء أول من أمس.
وكانت قوات خاصة أميركية اعتقلت الرقيعي في عملية في احدى ضواحي العاصمة الليبية طرابلس في أكتوبر 2013، منهية بذلك 12 عاما من المطاردة للرجل الذي كان «مكتب التحقيقات الفيديرالي» (أف بي أي) وضع مكافأة تبلغ 5 ملايين دولار لكل من يقدم معلومات تؤدي لاعتقاله.
واثناء نقل الليبي على متن سفينة عسكرية أميركية، قامت الأجهزة الأمنية الأميركية باستجوابه، وهو تكتيك تلجأ اليه هذه الأجهزة اذ يمكنها استخدام أساليب استجواب قد تتضمن تعذيبا طالما ان السفينة تبحر في المياه الدولية، ما يعلق القوانين الأميركية التي تحظر التعذيب اثناء الاعتقال أو الاستجواب.
ويعتقد البعض ان «أبو أنس الليبي» قد يكون تعرض لطرق استجواب محظورة اثناء اعتقاله في البحر، ما أدى بإدلائه بإفادة تدينه، تراجع عنها في وقت لاحق.
وكانت المحكمة عينت يوم 12 الجاري لاختيار «هيئة محلفين عظمى» حتى تنظر في الدلائل التي كان سيقدمها المدعي العام وتدرس إمكانية توجيه التهم الى «الليبي».
وكان يمكن ان يؤدي رفض المحلفين لتوجيه اتهامات للمدعى عليه، في حال عدم توافر الدليل القانوني الكافي، الى اثارة الحرج لبعض أجهزة الاستخبارات الأميركية، وكان يمكنه ان يعزز اقوال المتهم التي افاد بها انه كان انفصل عن القاعدة قبل وقوع الهجمات في العام 1998.
وتعتقد أجهزة الاستخبارات الأميركية ان «الليبي» قام بدور مراقبة وتقييم الأهداف، قبل ان يتم تقديمها الى زعيم التنظيم الراحل أسامة بن لادن لدراستها، واختيار الهجمات، وابرام قرار مهاجمتها.
وكانت عملية اعتقال «الليبي» في طرابلس ترافقت مع استرداد واشنطن من لندن، العام 2012، لمتهمين في القضية نفسها هما السعودي خالد الفواز والمصري عادل عبدالباري. وعلى رغم إصرار الرقيعي والفواز على برائتيهما، اعترف عبدالباري بتورط الثلاثة في العمليتين. وكان من المتوقع ان يستند الادعاء العام الى هذه الاعترافات، مقرونة باعترافات الرقيعي، التي تراجع عنها في ما بعد.
لكن حتى اعترافات عبدالباري قد تكون جاءت إثر صفقة بينه وبين الادعاء تؤدي الى تخفيف الحكم بحقه في أسلوب معروف ويجيزه القانون الأميركي.
وفي حال رفضت «هيئة المحلفين» أدلة الادعاء، ما كان سيفرض براءة «الليبي»، كانت أجهزة الاستخبارات الأميركية ستجد نفسها في مأزق بعد أسابيع قليلة على العاصفة التي اثارتها «لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ» ضد هذه الأجهزة بسبب لجوئها للتعذيب الذي لا يجيزه القانون الأميركي.
يذكر ان الإدارة الأميركية السابقة اجازت إقامة معتقل غوانتانامو في قاعدة عسكرية كوبا، حتى يكون خارج الأراضي الأميركية ويسمح بممارسة أساليب في الاستجواب غير متاحة على الأراضي الأميركية. وبعد انتخاب باراك أوباما، الذي أصر على اغلاق المعتقل ونقل نزلائه الى سجون أميركية، رفض الجمهوريون لان ذلك من شأنه ان يتيح للمعتقلين فرصة التمتع بالقوانين الأميركية التي تجيز للمتهمين حماية أكبر وتجعل من عملية الاتهام أصعب.
و«الليبي» كان سيكون من القلائل ممن تصنفهم الولايات المتحدة بإرهابيين او «بمقاتلين أعداء» ممن تتم محاكمتهم امام المحاكم الأميركية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق