واشنطن – من حسين عبدالحسين
قال الرئيس السوري بشار الأسد ان "كل
حرب تنتهي بحل سياسي"، وان "الحوار المثمر سيكون بين الحكومة
والثوار" فقط، معتبرا ان هؤلاء الثوار سبق ان قالوا ان معارضة الخارج لا
تمثلهم. وأضاف الأسد، في مقابلة أجرتها معه مجلة "فورين افيرز"، ان
"المعارضة تعني الوطنية" وانه "لا يمكنها ان تكون معارضة إذا كانت ألعوبة
بأيدي قطر او السعودية او أي دولة غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة". لكنه
أردف انه مستعد "للقاء الجميع، من دون شروط".
والمقابلة في المجلة الأميركية تبدو جزء من
حملة "الربع الساعة الأخيرة" التي يقوم به اللوبي في واشنطن المؤيد
لبقاء الأسد، والذي تمول معظم نشاطه دولة خليجية. وشن القيمون على هذا اللوبي حملة
مكثفة في الآونة الأخيرة، ربما لاعتقادهم ان الوقت يداهمهم، وان النافذة الأخيرة
المفتوحة لإعادة تأهيل صورة الأسد أميركيا قد يتم اغلاقها بحلول 24 مارس، موعد
انتهاء مفاعيل التمديد الثاني لاتفاقية جنيف النووية المؤقتة بين مجموعة دول خمسة
زائد واحد وإيران.
وفي حال تعثرت المفاوضات الأميركية
الإيرانية، تحت ضغط هائل متوقع من الكونغرس الذي انقلبت غالبية غرفتيه جمهورية
مطلع العام، يخشى اللوبي المؤيد للأسد ان تتفاقم المواجهة بين أميركا وإيران بشكل
لا يسمح نيل موافقة واشنطن لبقاء الأسد في الحكم في سورية.
على هذه الخلفية جاءت مقابلة الأسد في
"فورين افيرز"، وهي تلت تصريح وزير الخارجية جون كيري الذي اعتبر فيه ان
بلاده تؤيد المجهود الروسي للتوصل الى حل سياسي في سورية. وبين تصريح كيري ومقابلة
الأسد، جاءت افتتاحية صحيفة "نيويورك تايمز" – المقربة من إدارة الرئيس
باراك أوباما – والتي اعتبرت فيها انه مقارنة بتنظيم "الدولة الإسلامية في
العراق والشام" (داعش)، يبقى الأسد أهون الشرين، ويصبح التعامل معه ضرورة قد
تحتم بقائه في السلطة.
لكن اللوبي المؤيد للأسد لم يقيض له الانفراد
بتوجيه الرأي العام الأميركي، فأطل اليمين الجمهوري بافتتاحية شرسة في صحيفة
"وال ستريت جورنال" جاءت بعنوان "رجلنا في دمشق"، وجاء فيها
ان "مصادر الإدارة صارت تسرب ان الرئيس (أوباما) يعتقد ان الأسد ونظامه
العلوي هما جزء من الحل". وتابعت الصحيفة انه يصعب رؤية كيف يساعد بقاء الأسد
مصالح أميركا على المدى الطويل، اذ جل ما يفعله هو "تقويض خطر تنظيم داعش
الجهادي الراديكالي في مقابل تقوية (تنظيم جهادي) راديكالي آخر شيعي ومدعوم
بقنبلة" إيران النووية.
ويبدو ان اللوبي الذي يعمل على إبقاء الأسد،
داخل واشنطن وفي عواصم العالم الأخرى، رأى من الضروري حض الأسد على تقديم تنازلات
وان في الاعلام فحسب، فقال الرئيس السوري انه تخلى عن مواقفه السابقة التي كانت
تقضي بضرورة القاء السلاح قبل موافقته على هدنة إنسانية في بعض المناطق. وقال
الأسد: "اخترنا سيناريوات مختلفة او مصالحات مختلفة... في بعض المناطق، سمحنا
لهم ان يتركوا المناطق الآهلة للوقاية من وقوع ضحايا بين المدنيين، فتركوا هذه
المناطق بأسلحتهم، وفي مناطق أخرى تخلوا عن أسلحتهم وذهبوا، وهذا يعتمد على العرض
الذي يقدمونه وعلى العرض الذي نقدمه".
وسألت "فورين افيرز" الأسد ان كان
متفائلا بلقاءات موسكو، فقال: "ما يحدث في موسكو ليست مفاوضات حول الحل، بل
تحضيرات فقط للمؤتمر". وشن هجوما على فرنسا، وقال انها أعطت تعليماتها
للمجموعات الموالية لها بإفشال مؤتمر موسكو، كما شن هجوما على رئيس تركيا رجب طيب
اردوغان، معتبرا ان بلاده هي المشكلة الرئيسية في السماح بعبور المال والمقاتلين
والسلاح الى داخل سورية. وعزا الأسد موقف اردوغان بدعم من اسماهم مقاتلي القاعدة في
سورية الى كون الرئيس التركي ينتمي الى تنظيم "الاخوان المسلمين".
واعتبر الأسد انه منفتح على تصريحات أميركا
المؤيدة لمؤتمر موسكو، لكنه وصف حديث أوباما عن "المعارضة المعتدلة"
ضربا من ضروب "الخيال"، وقال ان الثوار في سورية هم اما مع القاعدة، مثل
تنظيمي داعش و"جبهة النصرة" و"مجموعات صغيرة" أخرى، وان
الباقين من المعارضة المعتدلة "ليسوا معارضة بل ثوار"، وهم اما انضموا
الى القاعدة، او عادوا الى الجيش السوري الحكومي.
عن دور إيران و"حزب الله" اللبناني
في سورية، غمز الأسد من قناة "تخويف" الاميركيين ان ضعفه يؤدي الى
ازدياد نفوذ الإيرانيين داخل بلاده. وقال الأسد: "عندما يكون هناك صراع
وفوضى، يكون لدول أخرى نفوذ أكبر داخل دولتك، وعندما لا تكون مستعدا ان تحمي
السيادة، سيكون هناك هذا النفوذ (الخارجي)".
واعتبر الأسد انه ليس لدى إيران
"مطامع" داخل سورية، وان ما يحصل من تدخل عسكري إيراني في سورية يتم
بالتنسيق مع حكومته. وتابع الأسد ان الجنرال الإيراني محمد علي الله دادي، الذي
سقط بغارة إسرائيلية في منطقة القنيطرة السورية الأسبوع الماضي، كان يلعب دورا،
ولكن دوره ليس جزءا من "الهيمنة" الإيرانية داخل سورية، بل جزء من
"التعاون" بين دمشق وطهران.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق