| واشنطن – من حسين عبدالحسين |
لم يكد يجف حبر وثيقة لوزان حول الاتفاق النووي بين مجموعة دول خمس زائد واحد وإيران، حتى ظهرت التباينات، فاتفاقية الإطار، التي وزعها وزير الخارجية جون كيري في أربع صفحات، اختلفت عن تلك التي وزعها نظيره جواد ظريف، التي لم تتعد الصفحة ونصف، فيما شخصت الأنظار في العاصمة الأميركية نحو مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، الذي التزم الصمت ولم يعلق على ما حصل في لوزان حتى الآن.
وقالت الباحثة الأميركية من أصل إيراني هالة اصفندياري، وهي من مؤيدي التوصل لاتفاقية مع الإيرانيين، ان الرئيس حسن روحاني سيتمتع بدعم شعبي بسبب الاتفاقية، لكن العيون ستكون شاخصة نحو المرشد الأعلى.
ويبدو ان الاختلاف الرئيسي في نسختي الاتفاقية الأميركية والإيرانية تكمنان في توقيت رفع العقوبات، فالإيرانيين يعتقدون ان على العقوبات ان ترفع فور توقيعهم الاتفاقية النهائية في 30 يونيو، فيما ورد في النسخة الأميركية ان العقوبات يتم رفعها فور تجاوب طهران مع بنود الاتفاقية وتقديم وكالة الطاقة الدولية افادة بذلك الى مجلس الأمن.
والموقف الإيراني يتناسق مع ما قاله خامنئي اثناء خطابه الأخير لمناسبة «النوروز»، في 21 مارس، وجاء فيه: «نحن نرفض عرض الولايات المتحدة الزائف حول التوصل لاتفاقية مع إيران أولا ثم رفع العقوبات، فرفع العقوبات هو جزء من الاتفاقية وليس نتيجة لها».
ورغم ان الرئيس باراك أوباما وادارته والاعلام المؤيد له يتصرفون وكأن الاتفاقية النووية حاصلة وكأن استئناف العلاقات مع طهران صار تحصيل حاصل، الا انه من الواضح انه حتى لو تم توقيع الاتفاقية، من غير المفهوم كيف يمكن ان ينعكس ذلك على العلاقات الأميركية الإيرانية او ان يؤدي الى تحسينها.
وفي اتصاله مع رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، أول من أمس، قال أوباما ان «التفاهم النووي بين مجموعة خمس زائد واحد وإيران لن يقلل ابدا من مخاوف الولايات المتحدة حول نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة». وأضاف الرئيس الأميركي، حسب البيان الصادر عن البيت الأبيض، ان أوباما ونتنياهو اتفقا على البقاء على اتصال «لمواجهة التهديدات الإيرانية».
والفصل بين الاتفاقية النووية والأمور الأخرى هو موضوع شدد عليه المسؤولون الاميركيون اثناء حديثهم الى الصحافيين على أثر انتهاء مفاوضات لوزان.
ويؤكد استمرار الخلاف الأميركي – الإيراني في الملفات غير النووية قول المرشد الأعلى، في خطاب النوروز نفسه، ان «المفاوضات مع الولايات المتحدة هي حول الشؤون النووية، ولا شيء غير ذلك». وأضاف خامنئي: «نحن لا نتحدث حول مواضيع إقليمية اذ ان أهدافهم هي عكس اهدافنا».
حتى ان خامنئي اعتبر ان رسالة أوباما للإيرانيين بمناسبة النوروز، أي رأس السنة الفارسية، تتضمن مطلبا اميركيا الى إيران بقبول «الاملاءات الأميركية» في مقابل موافقة اميركا على تحسين الوضع الاقتصادي الأميركي، وهو ما وصفه خامنئي «بوجهة النظر المتعجرفة».
ليس واضحا على ماذا اتفقت مجموعة خمسة زائد واحد وإيران في لوزان، وحتى لو تم التوصل الى اتفاقية نووية، لا دلائل على انها ستؤدي الى تحسين العلاقات بين اميركا وإيران في المجالات الاخرى، بل ان المواجهة بينهما تبدو مستمرة، على عكس ما يحاول أوباما تصويره.
ربما كان من المبكر إعطاء الرئيس الأميركي لنفسه ولفريقه «تربيت على الكتف»، حسب التعبير الأميركي الشائع. لكن من الجلي ان أوباما يحاول ان يبني اندفاعة وخلق صورة إيجابية تساعد على دفع الاتفاقية قدما وتحسين العلاقات مع إيران. اما فرص نجاحه في ذاك فما زالت غامضة، حتى لو تصرّف هو واعلامه عكس ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق