| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
علمت «الراي» من مصادر أميركية واسعة الاطلاع ان «خلافاً مصرياً - تركياً يعرقل انشاء قوة أرضية، عربية - تركية مشتركة، تشارك في عملية (العزم المتأصل)، التي تقودها الولايات المتحدة جواً، وتستهدف تنظيميْ الدولة الاسلامية (داعش) و(جبهة النصرة) في سورية».
وذكرت المصادر لـ «الراي» ان «هذا الخلاف مازال هو نفسه منذ اليوم الأول للحرب الدولية ضد (داعش)، اذ تشترط انقرة، لفتح أراضيها لأي عملية برية لاكتساح الأراضي التي يسيطر عليها الثوار شمال وشمال شرقي سورية، ان تتوسع العملية لتشمل مناطق تسيطر عليها قوات الرئيس السوري بشار الأسد والميليشيات المقاتلة في صفه، فيما تصرّ مصر ان يقتصر الاجتياح البري العربي - التركي على المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد».
وترى واشنطن، التي تميل الى الخيار المصري، انه «يمكن للمعارضة السورية الدخول الى المناطق المحررة، وإقامة حكومة هناك، وانشاء قوى أمنية، ويمكن بعد ذلك اجراء مفاوضات مع نظام الأسد لرحيله ودمج الحكومتيْن. اما في حال انهيار الأسد، فيمكن كذلك للحكومة المعارضة ان تتمدد لتغطي بقية سورية».
والخلاف المذكور حول مدى عمق أي عملية عسكرية، ان كانت بقيادة قوات سورية محلية تشنها المعارضة المسلحة المعتدلة او ان كانت قوات إقليمية دولية، هو الخلاف الذي اخرج وزير الدفاع تشاك هايغل من منصبه بعدما أرسل الى مستشارة الأمن القومي سوزان رايس يسألها - نظرياً -انه «في حال قدمت اميركا غطاء جويا للمعارضة، التي تنوي تدريبها وتسليحها، في المواجهة ضد (داعش)، فهل تقدم واشنطن غطاء جويا كذلك في حال حصلت مواجهة بين هذه المعارضة المعتدلة المدعومة من اميركا وقوات الأسد؟».
والسؤال نفسه، يبدو انه كان سيؤدي الى اخراج الجنرال في «القيادة الوسطى» للجيش الاميركي مايكل ناغاتا، الذي عهد اليه قائد القيادة أوستن لويد، مهمة تدريب وتسليح القوة السورية المزعوم تشكيلها، بعد ان نقلت وكالة «بلومبرغ» ان ناغاتا قدم استقالته. لكن بيانا صادرا عن وزارة الدفاع نفى انباء خروج الجنرال المذكور، وجاء فيه انه «مستمر بقيادة برنامج الولايات المتحدة لتدريب وتجهيز المعارضة السورية المعتدلة»، وانه «لا يجري حاليا اي جهد لاستبداله».
وبعدما سرت انباء ان واشنطن لا تمانع توسيع حملة «عاصفة الحزم»، التي تقودها السعودية ضد متمردين حوثيين في اليمن، لتصل الى سورية، قال المسؤولون الاميركيون انهم لا يمانعون ان تقوم السعودية بهذا الدور، «لكن المشكلة انه يتعذر في الوقت الحالي ترتيب تحالف عسكري ديبلوماسي عربي ضد الأسد في سورية يشبه التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن».
ومن علامات انقسام الموقف العربي حول الأسد، ان وفد المعارضة السورية لم تتم دعوته الى القمة العربية الأخيرة المنعقدة في القاهرة، خلافا للقمتيْن السابقتيْن في قطر والكويت. كذلك، تتهم بعض أوساط المعارضة السورية القاهرة بتزويد قوات الأسد بالسلاح، وتقدم دلائل على ذلك ان عددا من القذائف التي يرميها الأسد على مناطق المعارضين ولا تنفجر مكتوب عليها انها انتاج «التصنيع العسكري العربي»، التابع للجيش المصري.
وتتابع المصادر الأميركية ان «الرياض بذلت جهداً كبيراً لرأب الصدع بين المعارضة السورية والقاهرة، وهو ما أدى الى خروج تنظيم (الاخوان المسلمين) السوري من صفوف المعارضة المعتدلة».
الا ان الرياض لم تنجح حتى الآن، على الرغم من مساعيها حسب المسؤولين الاميركيين أنفسهم، في لمّ الشمل التركي – العربي، اذ يستمر الانقسام بين القاهرة وبعض العواصم العربية، من ناحية، وانقرة وعواصم عربية أخرى تدعم الاخوان وتميزهم عن التنظيمات الإسلامية المتطرفة، من ناحية اخرى.
ويختم المسؤولون الاميركيون بأن «تولي قوة عسكرية عربية - تركية اجتياح المناطق السورية الخارجة عن سيطرة الأسد، وإقامة حكومة سورية معارضة فيها، هو ترتيب تؤيده واشنطن، وتفضله على استلام مجموعات معارضة حديثة التدريب لحكم هذه المناطق إذا ما نجحت في دحر المجموعات المتطرفة». لكن المسؤولين الاميركيين يستبعدون حصول السيناريو العربي – التركي في المدى المنظور، على الأقل «حتى يتم ردم الهوة بين تركيا ومصر حول موضوع الاخوان، وتاليا حول الموقف من نظام الأسد».
اما عن الفارق في القوة العسكرية بين الأسد والحوثيين، خصوصا لناحية قوة أنظمة الدفاع الجوي السورية وإمكان ان تكون هذه الأنظمة هي التي تعرقل توسيع «عاصفة الحزم» من اليمن الى سورية، فيقول المسؤولون الاميركيون انه «لو توافر تحالف عربي – تركي عسكري ديبلوماسي لاجتياح مناطق (داعش)، على غرار الذي توافر في اليمن، فلن تشكل دفاعات الأسد الجوية عقبة... ويمكن الاهتمام بها.»
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق