الخميس، 19 نوفمبر 2015

الجمهوريون يفتعلون أزمة وهمية حول اللاجئين السوريين

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

قدّم اليمين الأميركي هدية سياسية قيّمة للرئيس باراك أوباما، بإعفائه من مهمة رفض دخول لاجئين سوريين الى البلاد لأسباب إنسانية. وقام محافظو الولايات ذات الغالبية الجمهورية، ومعظم المرشحين الاميركيين للرئاسة، بانتفاضة ضد استقبال أي لاجئين سوريين قد يصلون الولايات المتحدة، بحجة ان أحد منفّذي هجمات باريس تسلّل الى أوروبا بين حشود اللاجئين السوريين المتدفّقين عبر الحدود.

والجمهوريون يعلمون ان لا صلاحية لحكومات الولايات او كونغرساتها او محافظيها بمنع او السماح بالدخول لأي شخص الى أراضيها، فهذه صلاحية منوطة بالحكومة الفيديرالية حصراً، ولا حدود بين الولايات الأميركية أصلاً حتى يتم إغلاقها او فتحها في وجه حركة عبور الافراد، وحتى لو قررت احدى الولايات منع دخول لاجئين سوريين إليها، فسيتعذّر عليها تطبيق قرار من هذا النوع.

لكن اليمين الأميركي لا يهتم، بل إن السياسيين الجمهوريين يعلمون ان البلاد مقبلة على انتخابات مقررة في أقل من عام، وأن الإدلاء بتصريحات ضد اللاجئين السوريين المسلمين من شأنه ان يكسبهم نقاطا شعبية امام القاعدة اليمينية المسيحية للحزب.

وكان آخر استطلاعات الرأي الذي أجرته وكالة «بلومبرغ» أظهر ان غالبية 53 في المئة من الاميركيين يعارضون خطة أوباما باستقبال وتوطين 10 آلاف لاجئ سوري، قبل خروجه من الحكم مطلع العام 2017. وقال 11 في المئة من الذين تم استفتاؤهم، إنهم يؤيدون استقبال أميركا وتوطينها لاجئين سوريين مسيحيين فقط.

وعلى الرغم من قيام أوباما، في تصريحاته، وفي اتصال هاتفي اجراه مع 34 محافظاً، بتصوير نفسه وكأنه المدافع الأول عن فكرة استقبال الولايات المتحدة للاجئين سوريين هاربين من الحرب الدائرة في بلادهم، إلا أنه يعلم ان الإعلانات الأميركية المتكررة حول نية استقبال لاجئين سوريين هي تصريحات للاستهلاك الإعلامي فحسب.

أما سبب اقفال الولايات المتحدة حدودها في وجه السوريين عموماً، واللاجئين منهم خصوصاً، فسببه ان نظام اصدار السفارات الأميركية للتأشيرات، حتى السياحية منها والدراسية، يشترط حصول السفارات على موافقة أمنيّة، وهذه تستند الى عمليات بحث وتحر عن الشخص المطلوب.

وعمليات التحري عن الأشخاص ممن تم منحهم تأشيرة دخول أميركية تتضمن قيام السفارة باستيفاء أكبر معلومات مالية وعائلية ووظيفية عن صاحب الطلب. وفي أوقات، تتصل السفارات الأميركية بالسلطات المحلية للمزيد من التحقق.

في الحالة السورية، لا سفارة أميركية تعمل في دمشق، فيما العلاقة مقطوعة مع السلطات السورية، ما يجعل من عملية التحقّق من معلومات اللاجئين قبل منحهم تأشيرات دخول وحق لجوء عملية شبه مستحيلة.

هكذا، تنطّح السياسيون اليمينيون الاميركيون وأطلقوا تصريحات معارضة لإمكانية استقبال او توطين لاجئين سوريين. واليمينيون أنفسهم هم من دأبوا على دعوة أوباما الى التدخّل في سورية لحماية الأقليات، خصوصاً المسيحيين.

وفي هذا السياق، كتب السيناتور الجمهوري في كونغرس ولاية فرجينيا ريتشارد بلاك، وهو سيناتور محلي، وليس عضواً في الكونغرس الفيديرالي عن ولاية فرجينيا، حسبما صوّرت الرئاسة السورية، رسالة الى الرئيس السوري بشار الأسد «شكره» فيها على حماية الأقليات المسيحية واليهودية من خطر المتطرّفين الإسلاميين.

وأثارت رسالة بلاك الى الأسد عاصفة من الردود، شاب بعضها التهكّم، وقام زميله الجمهوري أيضاً في كونغرس ولاية فرجينيا، بالتعليق قائلاً: «ما الأمر يا ديك (ريتشارد)؟ أتعاني من أن حاكم كوريا الشمالية (كيم جونغ أون) لا يرد على رسائلك النصّية الهاتفية؟»

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008