الثلاثاء، 24 نوفمبر 2015

واشنطن لا تعارض انتخاب فرنجية رئيساً للبنان والعونيون يتحركون لثنيها عن دعمه

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

بدأ أنصار رئيس التيار الوطني الحر اللبناني العماد ميشال عون في واشنطن حملة اتصالات مع مسؤولي الإدارة لثنيهم عن قبول النائب المتحالف مع عون سليمان فرنجية رئيساً للبنان، بعدما تردد في العاصمة الأميركية أن الولايات المتحدة لا تتحفظ على انتخاب فرنجية.

وتداولت الأوساط السياسية في العاصمة الأميركية ان حلفاء الولايات المتحدة أطلعوها على المحادثات الداخلية والإقليمية الجارية في الموضوع اللبناني، والتي يتصدرها إمكانية انتخاب رئيس للجمهورية بعد نحو 18 شهراً على شغور المنصب، بانتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان وخروجه من الحكم.

وقالت الأوساط ان حلفاء واشنطن أبلغوها ان «المفاوضات جارية حول إمكانية اختيار النائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية»، وان الإدارة الأميركية ردت بان «لا تحفّظات لديها على فرنجية، وأنها تقبل بأي رئيس يختاره اللبنانيون».

وفور شيوع انباء حول الموقف الأميركي، سارع مؤيدو عون المرشح الدائم للرئاسة، الى القيام بحملة اتصالات مع مسؤولي الإدارة لثنيهم عن قبول فرنجية رئيساً للبنان. ومن الاتهامات التي كالها العونيون الاميركيون لفرنجية قولهم ان الأخير «لا يتمتّع بثقل شعبي خارج بلدته زغرتا»، وان «التمثيل المسيحي في لبنان ينحصر بعون وحده».

وكانت انباء سرت عن لقاء بين رئيس حكومة لبنان السابق سعد الحريري، رئيس أكبر كتلة برلمانية وزعيم الطائفة السنّية في لبنان، وفرنجية، في باريس. وفي وقت لاحق، أكد أعضاء كتلة الحريري البرلمانية حصول اللقاء.

ورغم الصداقة التي تجمع فرنجية والرئيس السوري بشار الأسد، إلا انه يبدو ان قبول التحالف المعارض للأسد و«حزب الله» برئيس من الصف المناوئ لهم هو قبول مبني على «رزمة متكاملة من الاتفاقيات الجانبية، في طليعتها» تحييد لبنان عن الحرب السورية، وتقديم الدعم والتسليح للجيش اللبناني لإبقاء الحدود اللبنانية آمنة، وصد أي محاولات تسلّل قد يقوم بها ارهابيون من سورية الى الأراضي اللبنانية.

وكانت المواقف في العاصمة الأميركية انقلبت أخيراً، للمرة الأولى منذ سنوات، من معارضة لدعم الولايات المتحدة للجيش اللبناني الى مؤيدة.

ولطالما عارض أعضاء الكونغرس، من الحزبين، تزويد الجيش اللبناني بأسلحة نوعية، معللين معارضتهم بالقول ان «حزب الله»، الذي تضعه وزارة الخارجية الأميركية على لائحتها للتنظيمات الارهابية، يخترق الحكومة اللبنانية ويسيطر على الجيش.

على انه منذ مطلع العام الحالي، كثّفت الولايات المتحدة من دعمها للجيش اللبناني، وتجلّى الدعم ببيع واشنطن بيروت أسلحة للجيش بقيمة مليار دولار، قدمتها المملكة العربية السعودية. ويُضاف المليار السعودي الى ثلاثة مليارات سبق ان اشترت بها المملكة أسلحة وعتاداً نوعياً للجيش اللبناني من فرنسا.

وعلى مدى السنتين الماضيتين، رصد المراقبون حركة زيارات مكثفة لضباط الجيش اللبناني الى واشنطن وعقدهم لقاءات مع نظرائهم في وزارة الدفاع بهدف زيادة التقارب بين الجيشين الأميركي واللبناني وتوطيد العلاقات، خصوصاً لناحية «مكافحة الإرهاب».

والتحالف مع قوات محلية لمواجهة الإرهاب هي واحدة من سياسات الرئيس باراك أوباما، وكانت سياسة من هذا النوع سبق ان قادت واشنطن الى التنسيق حتى مع مجموعات كانت محظورة حتى الأمس القريب، من قبيل التنسيق الأميركي مع المقاتلين الحوثيين في اليمن لمكافحة تنظيم «القاعدة» هناك. لكن هذا التنسيق توقّف، حسب المطّلعين، بعد دخول الحوثيين صنعاء واجبارهم الرئيس عبد ربه منصور على الفرار في فبراير الماضي.

ويبدو ان إدارة الرئيس باراك أوباما لا تمانع التنسيق مع «حزب الله»، وإن بشكل غير مباشر وعن طريق وسطاء، هم في الغالب «استخبارات الجيش» اللبناني، لتثبيت الوضع في لبنان ومكافحة أي مجموعات إرهابية يمكن ان تخترق الحدود السورية والنفاذ الى لبنان.

على ان التنسيق مع الحزب محفوف بمصاعب سياسية جمّة في العاصمة الأميركية، خصوصاً بسبب العداء الذي يكنّه أصدقاء ومؤيدو إسرائيل للحزب داخل الكونغرس.

ويبدو ان مبادلة ضمنية حصلت بين البيت الأبيض وأصدقاء إسرائيل من المشرّعين، وهي مبادلة تقضي بإسقاط أعضاء الكونغرس لمعارضتهم تسليح الجيش اللبناني ودعمه، مقابل اسقاط أوباما التحفّظ الذي كان يفرضه على مشروع قانون يقضي بزيادة العقوبات المالية على«حزب الله»، فانضم أعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيون الى زملائهم الجمهوريين في المصادقة على نسخة مشابهة للقانون الذي تم اقراره بالإجماع في مجلس النواب في مايو الماضي.

ومازال قانون العقوبات على الحزب يحتاج الى المزيد من الاخذ والرد بين الغرفتين لتوحيد النصّين والاتفاق على نص موحّد، من المتوقّع ان يحوز على غالبية كبيرة وتوقيع الرئيس.

ويرى مراقبون ان تحييد لبنان عن الحرب السورية عملية جارية منذ أكثر من 18 شهراً، وان الافرقاء المعنيين، خصوصاً السعودية وإيران، توافقان على هذا التحييد الذي افضى الى تأليف حكومة وحدة وطنية في مايو 2014 برئاسة النائب في كتلة الحريري تمام سلام.

وتعتقد الأوساط الأميركية انه يمكن للبنانيين، واصدقائهم الإقليميين المتخاصمين، التوصّل الى تسويات في موضوع رئاسة الجمهورية على غرار تسوية تأليف الحكومة، في وقت يبدو ان التسوية الرئاسية في لبنان صارت موضوعاً ملحّاً، دفَع القوى السياسية اللبنانية وحلفاءها الإقليميين الى تسريع انتخاب رئيس، وهي الخطوة الوحيدة التي يسمح الدستور اللبناني للبرلمان - المنعقد بصفة هيئة رئاسية ناخبة منذ شغور منصب رئيس الجمهورية - القيام بها.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008