| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
أسبوعان مضيا على المصادقة على تعيين ريكس تيلرسون وزيرا للخارجية الاميركية، ومازالت وزارته حتى الآن من دون المؤتمر الصحافي اليومي المعتاد. يتحادث الوزير مع نظرائه حول العالم، يعلم الصحافيون بالمحادثات من اعلان وزارات الدول الاجنبية. مكاتب الوزارة الاميركية خالية منذ ان هجرها ديبلوماسيو الرئيس السابق باراك أوباما.
حاول تيلرسون تعيينا «يتيما» بتقديمه المخضرم اليوت ابرامز لمنصب نائب وزير، لكن الرئيس دونالد ترامب بعدما التقى ابرامز ووافق على تعيينه، تراجع عن موافقته، في الغالب بتحريض من مستشاره للشؤون الاستراتيجية سيتفن بانون، الذي قدم لترامب مقالة كان كتبها ابرامز، اثناء الترشحيات الرئاسية، انتقد فيها ترامب.
هكذا، التقى ترامب رئيسي حكومة كندا جستن ترودو واسرائيل بنيامين نتنياهو بغياب تيلرسون، وهو أمر مخالف للأعراف، وحضر بدلا عن وزير الخارجية توماس شانون، الديبلوماسي المعين في منصبه من قبل ادارة أوباما، والذي ترأس الوزارة بالوكالة في الوقت الذي تطلبته المصادقة على تعيين تيلرسون.
وهكذا، طار تيلرسون الى المانيا حيث يعقد وزراء دول مجموعة العشرين لقاء مخصصا للقمة المقررة لزعماء هذه الدول في يوليو المقبل. لم يشارك تيلرسون في التحضيرات فعليا، واكتفى ببعض اللقاءات الجانبية مع نظرائه المشاركين.
وكان تيلرسون شكل وفده الى المانيا من ثمانية ديبلوماسيين اميركيين، خمسة منهم يشغلون مناصبهم بالوكالة.
وفي الاجتماع مع وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، اول من امس، لم يكن مفهوما هدف تيلرسون. دخل الوفدان الاميركي والروسي القاعة، ثم تم السماح للمصورين بالدخول لالتقاط الصور وتسجيل حديث موجز للوزيرين. توجه لافروف بالتهنئة لتيلرسون امام الاعلاميين في مجاملة معروفة بين الديبلوماسيين، وعندما حان دور تيلرسون، رفض الكلام فيما تولى اعضاء في الوفد الاميركي اخراج الاعلاميين من الغرفة. وقبل خروجهم، سمع الاعلاميون لافروف يتوجه الى تيلرسون بالقول: «لماذا تخرجهم من الغرفة (قبل ان تدلي بتصريح)؟».
اذا، بلغ تدهور الديبلوماسية الاميركية ان رئيسها لا يدلي بتصريح حتى من باب المجاملة، ووصل الدرك بالوزير الاميركي والتزامه الصمت ان نظيره الروسي، المقلّ عادة في تصريحاته وابتساماته ودردشاته مع الاعلاميين، ان تفاجأ من الجلف الاميركي، وحاول حض تيلرسون على الحديث.
وتيلرسون هذا مازال يلتزم الصمت منذ اعلان تعيينه وزيرا، ولولا جلسة الاستماع امام «لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ»، لكانت العامة تجهل صوته ونبرته.
وعما دار في اللقاء بين الوزيرين، يلتزم الاميركيون الصمت، لكن «الراي» علمت من مصادر ديبلوماسية أوروبية في العاصمة الاميركية، نقلا عن نظيرتها الروسية، ان «لافروف كان يستعد لتعنيف تيلرسون، خصوصا على خلفية تكرار المسؤولين الاميركيين القول ان العقوبات الاميركية على روسيا لن يتم رفعها ما لم تنه موسكو احتلالها لشبه جزيرة القرم الاوكرانية».
وكانت الموفدة الاميركية الدائمة الى مجلس الأمن نيكي هايلي اول من صرحت بربط العقوبات بانسحاب روسيا من القرم. وفي وقت لاحق، وعلى خلفية محاولته التملص من علاقته بالروس، غرّد الرئيس دونالد ترامب انه «يتوقع» ان تعيد روسيا القرم الى اوكرانيا، وهي تصريحات يبدو انها أغضبت موسكو وخيبت آمالها في بناء صداقة مع ترامب تؤدي الى رفع العقوبات الاميركية، من دون شروط، واتمام صفقة النفط مع اكسون، التي كان يترأسها تيلرسون قبل وزارته، وهي صفقة تبلغ قيمتها نصف تريليون دولار، وتقوم بموجبها اكسون وشركة روزنفت الحكومية الروسية بالتنقيب عن النفط واستخراجه في محيط القطب الشمالي.
ويبدو ان تيلرسون بدا ضعيفا وقليل الحيلة الى درجة دفعت الروس الى الاحجام عن مهاجمته. ونقل الاوروبيون عن الروس ان «لافروف شعر ان لا فائدة من تعنيف وزير لا علم لديه بالتفاصيل»، واكتفى بتقديم «نقاط الكلام» الروسية المعروفة.
ومنذ خروج أوباما من البيت الابيض وواشنطن فاقدة لتوازنها داخليا وخارجيا بالكامل. مرّ شهر على تسلم ترامب السلطة، واسبوعان على المصادقة على وزير خارجيته، لكن لا مقابلات تجرى في مبنى الخارجية مع موظفين محتملين ولا تعيينات متوقعة، بل المزيد من الضياع، وهو ما يشي بأنه للمرة الأولى منذ اكثر من نصف قرن تعيش الولايات المتحدة من دون وزارة خارجية فعليا، وتاليا من دون سياسة خارجية مفهومة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق