| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
يستقبل الرئيس دونالد ترامب، في البيت الابيض اليوم، رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو، في لقاء يعوّل عليه الجانبان لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين الحليفين، بعد التوتر الذي ساد بين الدولتين، خصوصا في الاسابيع الاخيرة من ولاية الرئيس السابق باراك أوباما، الذي امتنع عن ممارسة حق الفيتو ضد قرار في مجلس الأمن دان الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية.
ويتمتع ترامب ونتنياهو بصداقة سابقة على انتخاب الاول رئيسا للولايات المتحدة. وكان نتيناهو من أوائل المؤيدين لوصول ترامب للرئاسة، وأول المهنئين له، وزيارته الى العاصمة الاميركية هي الخامسة من نوعها يقوم بها رؤساء الدول الحليفة، بعد بريطانيا والاردن واليابان وكندا.
ولرد جميل نتنياهو وتأييده، سارع ترامب الى اعلان ان ادارته تنوي نقل سفارتها من تل ابيب الى القدس، «في الاسبوع الاول لها» في الحكم. لكن الاسابيع مرت، وتحول اعلان نقل السفارة الى قول ترامب انه «يدرس» عملية النقل بجدية حتى يتخذ قراره، فيما يبدو انه تراجع واضح عن عملية نقل السفارة. كذلك، اصدر البيت الابيض بيانا أعرب فيه عن معارضته توسيع اسرائيل استيطانها في الاراضي الفلسطينية.
ويدير العلاقة بين ترامب ونتنياهو ثلاثة يهود اميركيين، هم: صهر ترامب وأقرب مستشاريه جارد كوشنر، ومرشح ترامب لمنصب سفير في اسرائيل دايفيد فريدمان، ومستشار نتنياهو رون ديرمر، والثلاثة هم من طائفة اليهود المحافظين المعروفين بالاورثوذوكس. وسبق لترامب ان أعلن ان كوشنر سيلعب دور «مبعوث سلام» للعمل على التوصل الى تسوية بين الاسرائيليين والعرب.
في السياسة، يبدو ان كل من ترامب ونتنياهو يعملان لتحصيل أكبر فوائد سياسية شخصية ممكنة من العلاقة بينهما. ترامب يعتقد انه، وهو يعلن نفسه مهندس الصفقات الصعبة، سيكون الرئيس الأميركي الذي يتوصل الى تسوية بين الاسرائيليين والعرب. اما نتنياهو، فيبدو ان سياسته لا تشذ عن القاعدة التي أطلقها وزير خارجية أميركا السابق اليهودي هنري كيسنجر، الذي قال يوما ان «لا سياسة خارجية في اسرائيل، بل منافسات داخلية على شكل سياسات».
ترامب، الذي سجّل سابقة بترشيح نفسه قبل اربع سنوات من موعد اعادة انتخابه في العام 2020، يعتقد ان بمصادقته اسرائيل، سيحوز على الصوت اليهودي الاميركي، الحاسم في ولايتين او اكثر، مثل نيويورك وفلوريدا.اما نتنياهو، فهو يجد نفسه مضطرا لمماشاة تركيبة سياسية وحكومية اسرائيلية تقترب اكثر تجاه اليمين، واليمين المتطرف، مع مرور الايام.
ويعتقد الخبراء الاميركيون ان التهديد الوحيد لنتنياهو في منصبه رئيسا للحكومة يأتي من الوزير اليميني المتطرف نفتالي بينيت، لا من أي جهة يسارية اسرائيلية، وهو ما يدفع نتنياهو الى الاتجاه نحو اليمين اكثر فأكثر، والموافقة على بناء مستوطنات جديدة في اراضي الفلسطينيين.
على انه في جعبة نتنياهو أكثر من طلبه تأييد ترامب للاستيطان، اذ يعتقد نتنياهو ان امام اسرائيل فرصة في الانفتاح على الدول العربية، وخصوصا الخليجية، في ظل خوف اسرائيل والعرب المشترك من الخطر الايراني المتصاعد. ويعتقد الاسرائيليون ان خوف العرب سيدفعهم الى الضغط على الفلسطينيين للقبول بتسوية، وان التسوية ستفضي الى معاهدات سلام اسرائيلية - عربية.
ويعمل كوشنر عن كثب مع ديبلوماسيين عرب في العاصمة الاميركية يتمتع واياهم بصداقة وثيقة. ويعتقد هؤلاء الديبلوماسيون انه من شأن التوصل لاتفاقية سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين تعزيز شعبية السلطة الفلسطينية، على حساب منافستها حكومة حركة «حماس»، المحسوبة على تنظيم «الاخوان المسلمين»، المحظور في بعض الدول العربية بتهم الارهاب.
لكن التوصل الى تسوية سلمية يبدو اسهل كلاما منه فعلا، خصوصا ان مصلحة قادة اسرائيل، وبعض قادة العرب، اقضت بالانغماس في عملية محادثات أبدية تغنيهم عن ضرورة القبول بأي تنازلات قد تضعف من شعبيتهم او تخرجهم من الحكم.
أما ترامب، فيبدو انه يسعى الى امرين متضاربين: فرض تسوية سلمية مكلفة على صعيد رصيده الشعبي مع الاسرائيليين، او دعم الاسرائيليين بشكل مطلق حتى ينال تأييد يهود الولايات المتحدة لتعزيز فرص انتخابه لولاية ثانية وتاليا التخلي عن فكرة رعاية التوصل لسلام عربي - اسرائيلي.
ولكن حتى صداقة اليهود الاميركيين مع الرئيس الاميركي يبدو انها تهتز احيانا، خصوصا بعد قيام ترامب، ومن خلفه مستشاره للشؤون الاستراتيجية ستيفن بانون، بالاطاحة بترشيح صديق اسرائيل اليهودي الاميركي المخضرم في السياسة الخارجية اليوت ابرامز الى منصب نائب وزير خارجية، وهي خطوة ازعجت حلفاء اسرائيل في العاصمة الاميركية، لكنهم أثروا التزام الصمت بهدف تفادي تعكير صفو زيارة تجديد الصداقة التي يقوم بها نتنياهو الى واشنطن.
وكان أصدقاء اسرائيل في أميركا دعوا الى تشديد الضغط على ايران بسبب «نشاطاتها المزعزعة في المنطقة»، اي تشديد الضغط على ايران وحلفائها مثل «حزب الله» اللبناني. ويعتقد الاسرائيليون ان تشديد الضغط قد يدفع ايران الى الرد بالتصعيد واختراق بنود الاتفاقية النووية، وهو ما يعطي فرصة لاميركا الى دفع المجتمع الدولي الى اعادة فرض العقوبات، حسب نص الاتفاقية، والعودة للتفاوض للتوصل الى اتفاقية جديدة بديلة.
وبين الطموحات المتضاربة للقادة المعنيين في لقاء اليوم، لا شك ان لقاء ترامب نتنياهو، والاطلالات الصحافية التي سترافقه، ستتمحور حول حديث الرجلين عن الخطر الايراني، وتوعدهما بالتصدي لايران ومنع برنامجها النووي ورعايتها المزعومة للارهاب، وهو حديث لم يعد يبدو جديا خصوصا مع التقارير المتواترة من فريقيهما، والتي تفيد بأن واشنطن وتل ابيب تسعيان الى الالتزام بالاتفاقية النووية الموقعة مع ايران، وزيادة الضغط في مجال الارهاب لدفع ايران على نقض الاتفاقية، وتاليا العودة الى المواجهة والمفاوضات معها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق