| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
ليس مفهوما لدى غالبية المسؤولين الاميركيين، الحاليين والسابقين، او الخبراء، سبب التصعيد المفاجئ الذي اعلنته ايران ضد اسرائيل، كما جاء على لسان الأمين العام لـ «حزب الله» اللبناني السيد حسن نصرالله، الذي هدد بقصف مفاعل ديمونا الاسرائيلي النووي، في وقت دعا مرشد الثورة الايرانية علي خامنئي الفلسطينيين الى شن انتفاضة ثالثة ضد الاسرائيليين.
ويقول المعنيون بشؤون الشرق الاوسط ان «ايران تعرف قواعد اللعبة جيدا مع اسرائيل، وتعرف الخطوط الحمر، رغم محاولتها دائما تجاوزها».
هذه الخطوط الاسرائيلية الحمراء على ايران، حسب مصادر واشنطن، هي عدم تجاوز مقاتلي ايران و«حزب الله» حدود محافظة القنيطرة السورية الجنوبية المجاورة لهضبة الجولان التي تحتلها اسرائيل. وتحاول ايران و«حزب الله»، منذ انهيار سلطة الأسد على هذه المحافظة مع بدء الثورة السورية في العام 2011، التسلل الى هذه المنطقة، واقامة بنية تحتية عسكرية يمكنها شن هجمات منها ضد اسرائيل.
وتعتقد اسرائيل، حسب الاميركيين، ان الحدود اللبنانية - الاسرائيلية مقفلة عسكريا بسبب «عقيدة الضاحية»، التي كرسها الاسرائيليون في حرب يوليو 2006، والتي قضت بالحاق اسرائيل دمارا شاملا بمناطق «حزب الله» ومناصريه، وهي معادلة صارت تردع الحزب عن شن عمليات عسكرية ضد اسرائيل خوفا من ردة فعل الاسرائيليين والدمار الهائل الذي سيلحق بمناصريه واحيائهم.
وتضيف المصادر الاميركية ان ايران رأت فرصة سانحة في انهيار سيطرة الأسد على جنوب سورية لاقامة منطقة عسكرية بديلة عن الجنوب اللبناني، لكن اسرائيل نجحت حتى الآن في اصطياد كل القوافل العسكرية المتجهة جنوبا، من سلاح ومقاتلين، حاولت ايران ارسالها الى القنيطرة، بما في ذلك نجل القائد العسكري الراحل في «حزب الله» جهاد عماد مغنية، والأسير الذي حرره الحزب في حرب 2006 سمير القنطار.
ويتساءل الاميركيون، انه في وسط الاوضاع القائمة، وفي وقت تعرف ايران ان لا ثغرات حدودية متاحة امامها لشن حرب ضد الاسرائيليين، وفي وسط انغماس ايران و«حزب الله» في الحرب السورية، «ما جدوى تهديد اسرائيل او التحريض ضدها؟»
وينقسم الاميركيون في الاجابة عن هذا السؤال، فيرى بعضهم ان تصريحات نصرالله وخامنئي موجهة للداخلين اللبناني والايراني، فيما يرى البعض الآخر ان ايران تتمنى لو انتفض الفلسطينيون لأن ذلك سيكون اداة تستخدمها ضد الاسرائيليين من دون ضرورة فتح جبهات في جنوبي لبنان او سورية. كذلك، تعتقد قلة من المسؤولين والخبراء الاميركيين ان كلاً من اسرائيل وايران تصعد كلاميا ضد الاخرى على أمل دفعها الى ارتكاب مغامرة تفتح باب مواجهة واسعة وتعديل في ميزان القوى لمصلحتها.
الاسرائيليون، حسب مقالات وتصريحات اصدقائهم في العاصمة الاميركية، يعتقدون ان تشديد الضغط على ايران وفرض عقوبات عليها بسبب «دعمها الارهاب» قد يدفع طهران الى الرد بالتصعيد في ملفها النووي، وهو تصعيد يقدم فرصة لاسرائيل، عن طريق صديقها الرئيس دونالد ترامب، للانقضاض على الاتفاقية النووية، وتاليا عودة العقوبات الدولية بموجب بنود الاتفاقية نفسها.
ويبدو ان ايران، بالطريقة نفسها، تعتقد انها في حال صعدت ضد اسرائيل، التي ترى نفسها في موقع قوة بسبب وصول رئيس أميركي متهور مثل ترامب الى السلطة، قد تقوم اسرائيل بمغامرة تفتح فيها حدود لبنان وتفتح معها المواجهة العسكرية على مصراعيها، مع امكانية التوصل لهدنة افضل من قرار مجلس الأمن 1701، الذي يفرض الهدوء على الحدود اللبنانية - الاسرائيلية اليوم.
ما مدى رغبة كل من ايران او اسرائيل في التصعيد؟ وما مدى استخدام كل منهما الخطابات النارية من اجل تحقيق نقاط سياسية داخلية؟ الاجابات عن هذه الاسئلة تحيّر الاميركيين المعنيين في العاصمة واشنطن، خصوصا في ظل غياب فريق سياسة خارجية اميركي متماسك يمكنه تقديم اجابات افضل من التكهنات المتوافرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق