واشنطن - من حسين عبدالحسين
تسبّب انتخاب إبراهيم رئيسي رئيساً لإيران، بخيبة أمل واسعة في صفوف «أصدقاء ايران» في واشنطن، الذين انقسموا إلى فريقين في توجيه أصابع الاتهام حول الطرف المسؤول عن غرق إيران في المزيد من التطرف.
الفريق الأول، الذي يقوده «معهد كوينسي»، وهو مركز أبحاث مقره العاصمة الأميركية يديره إيراني - أميركي ويموله الملياردير الأميركي الديموقراطي جورج سوروس، اتهم اليمين الأميركي بالتسبب بنجاح رئيسي، فيما الفريق الثاني، من أمثال الصحافي الذي كان معتقلاً في إيران جايسون راضيان، اعتبر أن انتخاب رئيسي هو آخر المطاف، وهو يشي بأن النظام غير مهتم بأي إصلاحات لتحسين أوضاع الإيرانيين.
على موقع «كوينسي»، استعاد ريان كوستيلو تصريحات لمسؤولين أميركيين من الحزب الجمهوري سبق أن عبروا فيها عن أملهم بنجاح المتطرفين في إيران، حتى يظهر الوجه الحقيقي للنظام.
وقال إن المسؤول السابق عن ملف إيران إليوت أبرامز كتب مقالاً في مايو عام 2017 بعنوان «لماذا أنا منحاز للمتشددين في الانتخابات الإيرانية: هتاف لإبراهيم رئيسي!»
وتابع كوستيلو أن أبرامز كان مدركاً أن رئيسي كان من القضاة الذين «أشرفوا على إعدام آلاف السجناء السياسيين في الثمانينات»، وأن «رئاسته يمكن أن تجعله الخلف الواضح للمرشد الأعلى علي خامنئي، الأمر الذي قد يكون له عواقب بعيدة المدى لعقود مقبلة».
وبحسب أبرامز، فإن انتخاب «متشدد مثل رئيسي من شأنه أن يقرب الجمهورية الإسلامية من الانهيار ويقدم رؤية أوضح لطبيعة النظام».
وكان الرئيس «المعتدل» حسن روحاني، هزم رئيسي قبل أربعة أعوام، بنسبة 57 إلى 38 في المئة، وسط إقبال كبير على التصويت، وهو ما أظهر «استمرار الدعم الشعبي للتسوية الدولية، ولرفع العقوبات، وللوعود بالإصلاحات في الداخل».
واعتبر كوستيلو أن المتشددين الأميركيين هم من سعوا إلى إفشال روحاني، بناء على دعوة «صقور» من أمثال جون بولتون ومايك بومبيو داخل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، ومجموعات خارجية مثل «جمعية الدفاع عن الديموقراطيات»، وهي مركز أبحاث مقره واشنطن، فخرج ترامب من الاتفاق النووي الذي كان احتفل به العديد من الإيرانيين، وأدى ذلك الى ضغوط على روحاني وتبرئة منتقديه الذين كانوا حذروا من أنه لا يمكن الوثوق بالولايات المتحدة.
على أنه ورغم إحباط «اللوبي الإيراني» في واشنطن من فوز رئيسي، واتهام اليمين بالتسبب بالفوز، إلا أن هذا اللوبي لم يدافع عن الرئيس الإيراني المنتخب.
وفي هذا السياق، كتب كوستيلو أن روحاني سيترك منصبه مع غياب أي إنجازات يمكن الاشارة إليها، وأن الايرانيين يشعرون باليأس وخيبة الأمل وسط استمرار القمع، والتضخم الناجم عن العقوبات الدراماتيكية، والوباء المدمر، «وسط عدم اكتراث الناخبين الإيرانيين... و(قيام) قادة إيران بتزوير اللعبة (الانتخابية) بوقاحة لصالح المرشح الذي تغنى به المتشددون الأميركيون والإيرانيون: إبراهيم رئيسي».
بدوره، كتب راضيان في صحيفة «واشنطن بوست»، أن رئيسي «يمكن أن يكون أكثر شخصية قمعية حتى الآن لشغل» منصب رئيس إيران، مضيفاً أن «رئيسي ليس صديقاً للتقدم، ولا لحقوق الشعب الإيراني»، وأن «أبرز ما فعله في حياته المهنية هو دوره كقاضٍ شاب عمل في لجنة أرسلت آلاف المعارضين إلى حتفهم من دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة في عام 1988»، وهو ما تم توثيقه، حسب الكاتب الإيراني الأميركي، «من قبل هيئات مراقبة حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية»، ما يعني أن رئاسته ستؤدي «إلى تكتيكات أكثر قمعية من قبل الدولة، ومساءلة أقل لأولئك الذين يسيئون استخدام السلطة».
وانتقد راضيان «رفض مجلس صيانة الدستور الموافقة على ترشيحات العديد من الشخصيات السياسية المعروفة الأخرى، فجاءت عملية فحص المرشحين، بلا خجل، غير ديموقراطية، وسيطرت عليها هيئة غير منتخبة تقوم بتقديم عطاءات مرشد أعلى غير منتخب».
ورغم التلاعب بالترشيحات، رأى راضيان أن نتيجة الانتخابات كانت ستكون مهمة للشعب، و«لاحتمالات عودة النظام الإيراني والولايات المتحدة إلى الامتثال للاتفاق النووي».
كما انتقد «المرشحون السبعة الذين سُمح لهم في النهاية بالترشح». وقال إن «جميعهم موالون لمبدأ واحد يشترك فيه كل مرشح سابق، وهو الالتزام ببقاء النظام»، أما الاختلافات بين المرشحين، فهي حول «الكيفية التي يتصورون فيها ضمان استمراريته: إما من خلال الانفتاح الأكبر على الغرب، أو من خلال التمسك بنظام ثوري يرغب عدد متزايد من الإيرانيين في القضاء عليه».
وختم راضيان أن النتيجة «تعكس كيف فشلت في نهاية المطاف الفصائل الإيرانية المطالبة بالإصلاح، وذلك بسبب مزيج من خيبة الأمل بعد 8 أعوام من الوعود التي لم يتم الوفاء بها من قبل روحاني، وقرار النظام بالتلاعب بالعملية الانتخابية أكثر من المعتاد».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق