الأربعاء، 6 مارس 2013

لبنان يرفض هبة بمليار دولار لخصخصة «الكهرباء»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

في الوقت الذي ترفض حكومة لبنان، برئاسة نجيب ميقاتي، مطالب «هيئة التنسيق النقابية» بمنح موظفي القطاع العام زيادة في الرواتب بحجة عدم توافر الاموال اللازمة لدى الخزينة اللبنانية، علمت «الراي» من مصادر ديبلوماسية رفيعة في العاصمة الأميركية أن كبار المسؤولين «في البنك الدولي» زاروا بيروت أخيراً، وعرضوا تقديم هبة فورية بمبلغ مليار دولار، شرط ان تقوم الحكومة اللبنانية بخصخصة شركة «كهرباء لبنان»، لكن المسؤولين اللبنانيين رفضوا العرض، مع العلم أن هذه الشركة التي تعمل تحت ما يسمى وصاية وزارة الطاقة والمياه» ووزيرها جبران باسيل صهر النائب ميشال عون، تكبد الخزينة اللبنانية خسائر تقدر بملياري دولار سنوياً.
المصادر الديبلوماسية قالت لـ «الراي» إنه «بشكل مختصر، تنفق الحكومة اللبنانية نحو 8 مليارات دولار سنوياً، وتجني 7، ما يعني أن العجز السنوي يبلغ قرابة المليار»، لافتة إلى أن الانفاق اللبناني، حسب المصادر المتابعة ينقسم إلى 4 بنود كبرى حسب بيانات وزارة المالية اللبنانية.
هذه البنود هي 3 مليارات لخدمة الدين العام المتراكم وإعادة تغذيته، وملياران دولار تكاليف الجيش اللبناني والقوى الامنية، وملياران دولار لشركة كهرباء لبنان، ومليار دولار لعموم مصاريف الحكومة بما فيها رواتب الموظفين غير العسكريين، وصيانة المنشآت الرسمية وتكاليف أخرى.
ويقدر الدين العام في لبنان بنحو 57 مليار دولار، وهو من الأعلى في العالم مقارنة بالناتج الإجمالي المحلي، وتلفت المصادر إلى أن الحكومة اللبنانية والمصرف المركزي يحاولان منذ فترة ابتكار وسائل للجم الارتفاع المضطرد والهائل للدين، وإلى أن من هذه الوسائل إبقاء الدين داخليا لتفادي التعاطي مع مستثمرين دوليين قد يحجمون عن الاستدانة مستقبلاً كما حصل مع اليونان.
وفي هذا السياق، ارتفع الدين العام الداخلي بواقع 66 في المئة بين العام 2006 و2012، فيما ارتفع الدين العام الخارجي بواقع 13 في المئة للفترة نفسها ايضاً حسب بيانات وزارة المالية.
كما تعتقد المصادر الديبلوماسية المتابعة للموضوع الاقتصادي اللبناني، أن «بيانات وزارة المالية اللبنانية تظهر تنامي اكتتاب القطاع العام ومصرف لبنان في سندات المديونية، وأن الأرجح هو أن الحكومة تدفع صندوق الضمان الاجتماعي وصناديق التعاضد الاخرى، لاستخدام أموالها لشراء سندات الدين بدلاً من إيداعها في المصارف الخاصة كما في الماضي.
هذا المأزق المالي والاقتصادي اللبناني المتنامي دفع باقتصاديين دوليين إلى محاولة تقديم المساعدة إلى لبنان، وارتأى هؤلاء أن الوسيلة الأفضل تكمن في الاقتطاع من الانفاق، وبما أنه لا يمكن للحكومة اللبنانية وقف الإنفاق على قواتها الأمنية أو على موظفيها، كما لا يمكنها التقاعس عن تمويل دينها العام، يصبح البند الوحيد الممكن التخلص منه هو خسائر شركة كهرباء لبنان. وتنقل المصادر الديبلوماسية عن الاقتصاديين قولهم إنه «لو نجحت الحكومة اللبنانية في التخلص من خسائر الكهرباء وتحويلها الى ارباح، على غرار شركات الهاتف النقال التي تعود بنحو ملياري دولار من الإيرادات سنوياً على الخزينة اللبنانية، لانقلبت الصورة».
وتضيف المصادر: «يعتقد الاقتصاديون انه لو تخلصت الحكومة من شركة كهرباء لبنان، ينقلب العجز السنوي البالغ مليار دولار الى فائض بواقع مليار دولار، ما يسمح للحكومة بزيادة الرواتب والاستثمار في منشآتها والبنية التحتية والجامعة اللبنانية والمستشفيات والمدارس وما شابهها».
وتتابع المصادر ان مسؤولين في «البنك الدولي» زاروا لبنان منذ فترة قصيرة، و»عرضوا تقديم هبة بقيمة مليار دولار تساهم في اعداد شركة كهرباء لبنان للخصخصة، اي انها تسدد ديون الشركة وتعويضات العاملين فيها حتى تصبح جذابة للمستثمرين».
المستثمرون بدورهم يسددون دفعة اولى كبيرة للحكومة للتملك، يلي ذلك تسديد مبالغ شهرية او سنوية للحكومة حتى نفاد العقد بين الطرفين، وهو ما يساهم ايضا في تعزيز الوضع المالي للخزينة بزيادة الواردات، وتاليا زيادة الفائض السنوي. المسؤولون اللبنانيون رفضوا العرض الدولي لخصخصة شركة كهرباء لبنان ورفضوا الهبة النقدية، حسب المصادر الديبلوماسية.
«الراي» سألت عن الاسباب، فأجاب الديبلوماسيون ان «المسؤولين في لبنان لم يقدموا اجابات قاطعة، لكن الانطباعات الاولية لدينا مفادها ان هناك مافيا مولدات كهربائية تجني ارباحا طائلة من استمرار الوضع كما هو عليه، وهذا مبني على استمرار تقنين الكهرباء حتى يتمكن هؤلاء من الاستمرار في بيع الكهرباء الخاصة للمواطنين».
واضاف الديبلوماسيون انه «ربما يكون المسؤولون هم انفسهم اصحاب هذه المولدات، او ان اصحاب المولدات يدفعون مبالغ طائلة كرشوة للمسؤولين للضغط عليهم، ولكن كيفما اتفق الحال، يبدو ان المستفيدين من انقطاع الكهرباء في لبنان لديهم نفوذ سياسي كاف ليعطل التوصل الى حل لهذا الموضوع»، وهذا ما سيبقي الوضع المالي الحكومي اللبناني مأزوما، وهو ما سيبقي على الاغلب الاضطرابات العمالية قائمة.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008