| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
الهدف هو تحجيم قوة نظام بشار الاسد بشكل يحرمه من امكانية شن هجمات بالاسلحة الكيماوية مستقبلا. والسبب هو الادلة، التي لا تقبل الشك حسب وزير الخارجية جون كيري، بأن النظام، بأوامر من الاسد نفسه، استخدم اسلحة كيماوية في هجومه على 12 منطقة من ضواحي دمشق يوم 21 اغسطس الماضي. اما اجبار الاسد على الرحيل والتوصل الى تسوية سياسية من بعده، فهو مازال هدفا اميركيا منذ اكثر من عامين، ولكنه ليس جزءا من حسابات الضربة العسكرية المتوقعة ضد اهداف الاسد قريبا.
هذه هي العناوين العامة للحملة الكبيرة التي شنتها ادارة الرئيس باراك أوباما داخل اروقة الكونغرس الاميركي لاقناعه، بغرفتيه، على المصادقة على طلب الرئيس باراك أوباما «استخدام القوة العسكرية» ضد اهداف قوات الأسد في سورية.
وكانت اولى ثمار حملة أوباما مشروع قانون قدمه كل من رئيس «لجنة الشؤون الخارجية» في مجلس الشيوخ السناتور الديموقراطي روبرت مينينديز، ونظيره كبير الجمهوريين في اللجنة السناتور بوب كوركر، وجاء في النص الجديد، الذي استبدل نصا كانت ارسلته الادارة اعتبره المشرعون يعطي تفويضا مفتوحا للرئيس، ان الكونغرس يمنح تفويضا باستخدام القوة في سورية لمدة 60 يوما، قابلة للتجديد 30 يوما، على شرط عدم استخدام اي قوات على الأرض.
ومن المتوقع ان تتم المصادقة على النص في اللجنة بسرعة حتى تتم احالته الى الهيئة العامة. وبسبب الخوف من ان يقوم بعض الاعضاء من المتطرفين المحسوبين على كتلة «حفلة الشاي»، من امثال راند بول او تيد كروز، بممارسة حق المماطلة المعروف بـ «فيليبستر»، سيعمد زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ الديموقراطي هاري ريد الى حشد اكثرية 60 صوتا، وهو ما يقضي على «حق المماطلة»، ويقر القانون ويرسله الى مجلس النواب. ولأهمية القانون، من المرجح ان يترأس نائب الرئيس جو بيدن التصويت عليه في مجلس الشيوخ ليضمن الغالبية بأكثرية 60 من اصل 100 عضوا.
وكانت حملة الادارة من اجل «استخدام القوة في سورية» بدأت، اول من امس، بلقاء مغلق في البيت الابيض، بحضور أوباما وقادة الحزبين الديموقراطي والجمهوري في الكونغرس، ورؤساء لجان الخارجية والدفاع والاستخبارات والامن من مجلسي الشيوخ والنواب من الحزبين. واللقاء المغلق، الذي قدمت خلاله الادارة «ادلة دامغة» على تورط الاسد في الهجوم الكيماوي، كان الاول من خمسة تعقدها الادارة على مدى الاسبوع الحالي لاعضاء الكونغرس.
وعلى اثر اجتماع الثلاثاء، توجه أوباما الى قاعدة اندروز الجوية ليستقل الطائرة الرئاسية في طريقه الى مؤتمر «قمة الدول العشرين»، المنعقد في مدينة سان بطرسبرج في روسيا. ومن المقرر ان يعود أوباما الى واشنطن غدا.
اما الجانب العلني للحملة فاستهلته الادارة بجلسة استماع عقدتها «لجنة الشؤون الخارجية» برئاسة مينينديز، ومشاركة كيري، ووزير الدفاع تشاك هيغل، ورئيس الاركان الجنرال مارتن ديمبسي.
واختيار جلسة الاستماع في اللجنة هذه لم يكن صدفة، فهي سبق ان ترأسها بيدن، وكيري، وكان في عضويتها أوباما وهيغل، ما يعني ان للأربعة علاقات متينة باعضائها، ما يجعلها مكانا «صديقا» لاطلاق الحملة السياسية العلنية.
ويوم امس، شارك كيري وهيغل وديمبسي في جلسة مغلقة عقدتها اللجنة نفسها، وكذلك شاركوا في جلسة استماع علنية عقدتها «لجنة الشؤون الخارجية» في مجلس النواب، برئاسة الجمهوري اد رويس. وبدا ان الامور تسير في مصلحة أوباما، فرئيس الكونغرس الجمهوري جون باينر، والذي يندر ان يوافق على اي موضوع تطرحه الادارة، صرح علنا انه سيصوت لمصلحة الضربة، فيما اصدرت «لجنة العلاقات الاميركية - الاسرائيلية»، اي اللوبي الاسرائيلي المعروف بنفوذه عند الجمهوريين خصوصا، بيانا حث فيه اعضاء الكونغرس على الموافقة على استخدام القوة العسكرية ضد نظام الأسد.
فريق أوباما الذي شارك في جلستي الاستماع في مجلسي الشيوخ والنواب قاده كيري، الذي اظهر براعة في تقديم المسألة. وتركزت مطالعة كيري على ثلاث نقاط رئيسية هي أن ادلة دامغة تدين الأسد، وان الضربة الاميركية غير مرتبطة بالمواجهة العسكرية الدائرة في سورية وانما بالحفاظ على نظام دولي عمره مئة عام معزز بقوانين اقرها الكونغرس نفسه على مدى السنين، وانه في حال تقاعست اميركا فان ديكتاتوريات اخرى، مثل ايران، تراقب عن كثب، وتتحين الفرصة حتى تستخدم هي اسلحة الدمار الشامل التي بحوزتها او التي تعمل على صناعتها.
كيري افتتح شهادته الاولى بالقول انه وهيغل يتذكران تصويتهما على حرب العراق اثناء عملهما في مجلس الشيوخ، لذا، قال كيري: «لا نريد انا وتشاك للكونغرس ان يصوت بناء على تقارير استخباراتية خاطئة هذه المرة».
ومما كرره كيري في الشهادتين ان «لدينا الادلة، ويمكننا ان نقول لكم من دون اي شك ان نظام الاسد حضر للهجوم، وحذر جنوده من عواقبه بتوزيعه اقنعة الغاز، وشن الهجوم الصاروخي، ولم يسقط ولا صاروخ واحد في حي يسيطر عليه النظام». وقال كيري ايضا ان «ليس لدى المعارضة الامكانية لشن هكذا هجوم، خصوصا في معاقل النظام» وتابع ان «النظام امر في ما بعد بوقف العملية، وبدأوا محاولة تدمير الشواهد، ومن ذلك حديثي مع (وزير الخارجية السوري) المعلم، وقلت له اذا لم يكن لديكم ما تخفونه، دعوا المفتشين يدخلون».
لكن نظام الاسد لم يسمح للمفتشين بالدخول في مطلع الامر، «واستمروا في القصف لاربعة ايام، والآن لدينا عينات شعر ودم تؤكد استخدام السارين، واستطيع ان اقول لكم اننا نعرف ذلك من دون اي شك».
وتابع المسؤول الاميركي: «نحن اليوم هنا ايضا بسبب ما حدث قبل قرن تقريبا عندما تم استخدام الاسلحة الكيماوية، حيث قرر العالم حظرها، وقررت 180 دولة، منها العراق وايران وروسيا، حظرها، حتى الدول التي لا نتفق معها كثيرا، نتفق معها على حظر الاسلحة الكيماوية». واضاف كيري: «هذا النقاش هو حول خطوط العالم الحمراء، وخطوط الكونغرس، انتم الكونغرس قررتم حظر هذه الاسلحة وليس فقط الرئيس اوباما هو الذي وضع الخطوط الحمراء».
ولفت كيري ان الكونغرس هو الذي صوت على «قانون سيادة لبنان ومحاسبة سورية» في العام 2003، وان القانون حذر من «خطر الاسلحة الكيماوية السورية، ومن امكانية استخدام الاسد للكيماوي». وفي هذا السياق لفتت السناتور عن الحزب الديموقراطي باربرا بوكسر ان هذا القانون، الذي ساهم في العمل على اصداره السياسي اللبناني المنفي في حينه ميشال عون ومستشاروه في واشنطن، تمت الموافقة عليه بأغلبية كبيرة في مجلس الشيوخ بلغت 89 صوتا، مقابل معارضة اربعة اعضاء فقط.
وقال كيري ان «ايران تأمل في ان تتغاضى اميركا عن هجوم الاسد الكيماوي، وحزب الله يأمل ان نعزل انفسنا عن العالم، وكذلك كوريا الشمالية». واضاف: «كلهم يستمعون، واذا لم نعاقب الأسد، نتخلى عن عرف دولي عمره مئة عام، واذا ما رأى الطغاة انه يمكنهم ان يتخطوا الحظر، هذا يعني ان الحظر هو عبارة عن ورق».
وختم كيري: «دعوني اكون واضحا: الرئيس أوباما لا يريد الذهاب الى الحرب، وانا اقول هذا الى جانب ديمبسي وهيغل و(السناتور الجمهوري) ماكين، وكلهم يعرفون ما معنى الحرب (الاربعة قاتلوا في حرب فيتنام)... لا جزمات اميركية على الارض، والرئيس يطلب الموافقة لضعضعة امكانيات الاسد كي لا يستخدم الاسلحة الكيماوية مرة اخرى».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق