حسين عبدالحسين
في أغسطس (آب) الماضي، شكل 11 خبيرا أميركيا من مراكز أبحاث مختلفة «مجموعة عمل» حول مصر، وأصدروا بيانا طالبوا فيه الإدارة الأميركية بقطع مساعداتها السنوية إلى الحكومة المصرية المؤقتة. وجاء في البيان أنه «إذا فشل الرئيس (باراك أوباما) في القيام بذلك، ندعو الكونغرس إلى تعليق المساعدة العسكرية إلى مصر حتى تتحقق الشروط».
أما شروط الخبراء فتضمنت أن «تتوقف الحكومة المصرية عن استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين»، وأن «تفرج عن السجناء السياسيين إلا من يتم تقديم دلائل جرمية ضدهم إلى القضاء»، وأن «تظهر الحكومة الحالية التزاما ذا مصداقية لاستئناف العملية السياسية العادلة والمنفتحة والتي تتضمن حرية التجمع والتعبير ومشاركة جميع المواطنين السلميين في التظاهرات المطالبة بعودة النظام الديمقراطي إلى الحكم».
ومن الموقعين مسؤولون سابقون من أمثال مساعدة وزير الخارجية تمارا ويتس كوفمان من «معهد بروكنغز»، وعضو مجلس الأمن القومي السابق اليوت إبرامز من «مجلس العلاقات الخارجية»، فضلا عن ميشال دن من «مركز رفيق الحريري» التابع لـ«مجلس الأطلسي»، والتي كانت أدلت بشهادة قبل ذلك بفترة أمام الكونغرس حول الأحداث في مصر.
لكن موقف الخبراء هذا لا يختصر الموقف الأميركي الرسمي، ولا حتى موقف المراكز التي يعمل فيها هؤلاء، إلى حد دفعهم لتذييل بيانهم بالعبارة التالية: «إن تضمين مواقعنا المهنية هو من باب التعريف فقط ولا يشير إلى دعم مؤسساتنا لموقفنا».
على أن مجموعة موازية من الخبراء الأميركيين قدموا موقفا معاكسا تماما، ففي «معهد دراسات الشرق الأدنى» شبه إجماع عند الخبراء بتأييد الإطاحة بحكومة الرئيس السابق محمد مرسي، وفي «مؤسسة راند للأبحاث» دعوات صريحة لعدم قطع المساعدات عن مصر، حسبما ورد في المؤتمر الصحافي الذي شاركت فيه الباحثة داليا كاييه، والتي اعتبرت أن قطع المساعدات «يرسل الرسالة الخاطئة إلى الشعب المصري والمنطقة بشكل عام». ودعت كاييه إلى تعديل المساعدة وتوسيع الجزء غير العسكري فيها من أجل التنمية الاقتصادية لمصر.
أما دايفيد روثكوبف، الباحث في «معهد كارنيغي للسلام»، فقدم مطالعة برر فيها عدم قطع إدارة أوباما للمساعدات على أثر إحداث 30 يونيو (حزيران). ومما كتبه روثكوبف «إننا إن كنا نبحث عن أخطاء في ردة الفعل الأميركية تجاه مصر، فلننظر إلى قبولنا لتجاوزات مرسي وفشلنا في التصدي له ولقمعه للحريات الفردية والإعلام ولإلقائه المعارضين في السجن».
وأضاف روثكوبف أنه لو كانت واشنطن اتخذت موقفا أكثر حزما، وبنت تحالفا دوليا لوقف ممارسات مرسي، لكانت أوقفت الوضع من الوصول إلى ما وصل إليه
أميركا غير الرسمية منقسمة حول الموقف من مصر، وحول مصير المساعدات السنوية، ومثلها أميركا الرسمية، حيث يبرز أعضاء في الكونغرس من أمثال جون ماكين وليندسي غراهام ليحاولوا قول ما لم تقله حكومتهم، وإطلاقهم تسمية انقلاب على أحداث 3 يوليو (تموز).
لكن على الرغم من موقف ماكين وغراهام، وغيرهم، ما زالت إدارة أوباما ترفض أن تستخدم كلمة انقلاب لوصف الأحداث، وتتمسك بعلاقتها القوية مع الجيش المصري والحكومة المؤقتة، حتى وإن بدا في العلن أن الود بين واشنطن والقاهرة مفقود.
وعلى الرغم مما هو شائع عن دعم أميركا للإخوان، فإن البيت الأبيض لم يتمسك بمرسي، وهو في البيان الصادر عنه في 3 يوليو، طالب الجيش بالتسريع في نقل السلطة إلى المدنيين، ولكنه لم يطالب بإعادة مرسي. وفي وقت لاحق، طار مساعد الخارجية ويليام بيرنز إلى مصر، فيما بدا أنه أول اعتراف غربي بالحكومة الانتقالية، وقال المسؤول الأميركي إن أمام مصر فرصة ثانية نحو الديمقراطية، وهو موقف كرره لاحقا وزير الخارجية جون كيري.
في المقابلة التي أجرتها ليلي وايموث من صحيفة «واشنطن بوست»، في أغسطس الماضي، عاتب وزير الدفاع عبد الفتاح المصري عبد الفتاح السيسي الأميركيين لإدارة ظهورهم للمصريين، وعدم إسدائهم النصائح لمرسي أثناء فترة حكمه. لكن عندما سألت ويموث السيسي إن كان يتحادث مع نظيره الأميركي تشاك هيغل، أجاب المسؤول المصري: «يوميا».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق