| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
في اليوم الثاني لحملة الرئيس باراك أوباما من اجل اقناع الكونغرس بالاجازة له باستخدام القوة العسكرية في سورية، برز تطوران، اولهما قول وزير الخارجية جون كيري ان «الدول العربية عرضت تحمل تكاليف» اي ضربة عسكرية ضد قوات الأسد، وثانيهما نجاح السناتور الجمهوري جون ماكين في ادخال تعديل على مشروع قانون مينيندير - كوركر، الذي يجيز للرئيس استخدام القوة لمهلة لا تتعدى 90 يوما، يطلب من الادارة الاميركية العمل على «تغيير الزخم»، وقلب الموازين داخل سورية، وتسليح الثوار.
وفي اليوم الثاني لحملة أوباما السياسية ايضا، واجهت الادارة صعوبات طرحت تساؤلات حول مصير مشروع القانون الذي يجيز استخدام القوة، اذ برزت معارضة حادة داخل «لجنة الشؤون الخارجية» في مجلس النواب اثناء جلسة الاستماع التي عقدتها برئاسة العضو الجمهوري اد رويس، ومشاركة كيري، ووزير الدفاع تشاك هيغل، ورئيس اركان الجيش الجنرال مارتن ديمبسي.
وبانت الصعوبات التي تواجهها الادارة اثناء اقرار «لجنة الشؤون الخارجية» في مجلس الشيوخ مسودة مينينديز - كوركر، اذ صوت لمصلحة القانون 10 اعضاء، وصوت ضده سبعة، وامتنع واحد عن التصويت. وكانت التوقعات تشير الى ان المصادقة على القانون في اللجنة المذكورة ستكون الاسهل، نظرا لعلاقات الادارة المتينة باعضائها وللاغلبية التي يتمتع بها الحزب الديموقراطي في مجلس الشيوخ.
وتمت احالة مسودة القانون المصادق عليها في اللجنة الى الهيئة العامة لمجلس الشيوخ، الذي سيناقشها على الاغلب الاربعاء، وسيحتاج مؤيدو الضربة الى غالبية 60 صوتا من اصل 100 للاقرار، وهو ما يبدو صعبا، وانه ليس مستحيلا، حتى الآن. اما ان مر القانون في مجلس الشيوخ، فستتم احالته الى مجلس النواب، ذات الغالبية الجمهورية، لإقراره.
في جلسة استماع «لجنة الشؤون الخارجية» في مجلس النواب، اول من امس، سألت العضو الجمهوري اليانا روس ليتنن كيري عن «من سيتحمل نفقات الضربة»، وان كانت الدول العربية التي يعنيها موضوع سورية مستعدة لذلك، فاجاب كيري: «في ما يتعلق بالدول العربية فهي عرضت تحمل التكاليف».
واستطرد كيري ليقول ان «في الواقع، بعض الدول العربية قالت اذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للقيام بالعمل كاملا، على غرار ما فعلنا سابقا في دول اخرى، فهم مستعدون لتحمل التكاليف»، واضاف: «الى هذا الحد يصل مدى اهتمامهم بالموضوع السوري».
على ان الوزير الاميركي اعتبر ان اجتياح اميركا لسورية وقيامها بالاطاحة بنظام الأسد «ليس بين الخيارات، ولا احد منا يتحدث عن ذلك، ولكنهم (العرب) يتحدثون بشكل جدي عن كيفية اتمام هكذا عمل». وفي الجلسة نفسها، اظهرت تصريحات هيغل وديمبسي ان الضربة ضد الاسد ستكون قاسية، ولن تكون «وخزة ابرة» حسب تعبير هيغل، في وقت تحدث الخبراء عن ان الاهداف الاكثر ترجيحا للضربة الاميركية ستكون مطارات الاسد الستة ومقاتلاته العسكرية.
في هذه الاثناء، واجه كيري وهيغل وديمبسي في جلسة الاستماع حملة حادة من بعض اعضاء اللجنة من الحزبين ضد توجيه ضربة. وكان لافتا ان المعارضين لفتوا الى الاتصالات التي بدأت تصل الى مكاتبهم من ناخبيهم، وقال بعض اعضاء الكونغرس من معارضي الضربة انهم تلقوا اتصالين يؤيدان الضربة مقابل 300 اتصال يرفضونها.
وايدت معظم استطلاعات الرأي الاميركية اقوال اعضاء الكونغرس من معارضي الضربة، فالاستطلاعات لم تظهر ان تأييد الاميركيين للضربة متدن فحسب، بل انه يتقلص اكثر فاكثر مع مرور الايام. وزاد الطين بلة ان غالبية البرامج الحوارية على الشبكات التلفزيونية والقنوات الاذاعية تبدي معارضة شديدة لأي تورط عسكري في سورية، وتتنوع الاسباب بين القول ان «الحروب في الشرق الاوسط لا تنتهي، وتدخلنا يزيد في تأزيمها»، واعتبار انه «بدلا من انفاق اي اموال على حروب في الخارج، الاجدى انفاقها على الاميركيين في الداخل في وقت تعاني معظم الموازنات الحكومية تخفيضات مزمنة».
وذهب بعض الاميركيين الى التشكيك في جدوى استمرار لعب الولايات المتحدة دور «شرطي للعالم»، وقال بعض هؤلاء: «نحن نتعاطف مع الضحايا السوريين، ولكن لتتحمل الدول الاخرى مسؤولية وقف المجازر وتكون اميركا واحدة ممن يشاركون في وقفها، لا الوحيدة».
لكن الادارة الاميركية لم تتراجع، واستمرت في حملتها وفي اتصالاتها باعضاء الكونغرس لاقناعهم، ودخلت زعيمة الاقلية الديموقراطية في الكونغرس نانسي بيلوسي على الخط، وتوجهت برسالة ثانية، في اقل من يومين، الى زملائها في مجلس النواب، حثتهم فيها على الاطلاع على التقارير الاستخباراتية السرية والتصويت لمصلحة التدخل. وكررت بيلوسي انها لن تستخدم قنوات الالتزام الحزبي الرسمية من اجل فرض التصويت لمصلحة الضربة، ولكنها لن تتوانى عن «حث» زملائها على ذلك.
وتوقعت بيلوسي، في تصريح اعلامي، ان يستغرق النقاش حول قانون استخدام القوة العسكرية في سورية حتى الاسبوع الثاني من الشهر الجاري، في وقت اظهرت رسالتها ان مجلس النواب يعكف على كتابة مسودة خاصة به، وهو ان كان صحيحا، يعني المزيد من التأخير اذ سيضطر قادة الغرفتين في الكونغرس الى «توليف» القانونين والتصويت على نسخة نهائية مشتركة.
وفي كواليس الحزب الديموقراطي، عمد القياديون الى القول لزملائهم ان سمعة رئيسهم ومستقبل حزبهم في الانتخابات المقبلة على المحك، فيما توجهت الادارة الى الجمهوريين بالقول عكس ذلك واعتبارها ان التصويت لا يصب في مصلحة سياسية داخلية بل في مصلحة البلاد عموما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق