| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
لم يغادر الرئيس الايراني حسن روحاني نيويورك قبل ان يفجر قنبلة سياسية بمكالمة هاتفية مع نظيره الاميركي باراك أوباما، دامت 15 دقيقة، ووصفها المسؤولون الاميركيون بـ «الودية»، وهي حدثت بعد ان طلب مساعدو روحاني من مساعدي أوباما الاتصال. والمكالمة هي الاولى بين رئيسي الولايات المتحدة وايران منذ 34 عاما، ودفعت أوباما نفسه الى الاعلان عنها فور انتهائها.
واطل أوباما على الصحافيين في البيت الابيض، اول من امس، وكان واضحا التزامه بمعظم المطالب الايرانية، فكرر ان فتوى مرشد ايران الاعلى علي خامنئي ضد تطوير الاسلحة النووية يمكنها ان تكون اساسا للحل، وقال ان اميركا «تحترم حق الشعب الايراني» في استخدام سلمي للطاقة النووية، وانه في حال نجحت ايران في تأكيد ذلك بمراقبة دولية، يمكن حينذاك رفع العقوبات الدولية عنها، ثم البناء على الثقة المتولدة لبناء علاقة جديدة بين اميركا وايران مبنية على «الاحترام المتبادل»، وهي العبارة التي كررها روحاني في مقالته في «واشنطن بوست» وفي خطابه في الامم المتحدة. ومما قاله أوباما للصحافيين: «انهيت للتو مكالمة عبر الهاتف مع رئيس الجمهورية الاسلامية في ايران تحدثنا فيها عن مجهودنا المتواصل للتوصل الى اتفاق حول برنامج ايران النووي، وكررت للرئيس روحاني ما سبق ان قلته في نيويورك، انه فيما نتوقع عوائق مهمة في عملية تقدمنا الى الامام، وفيما النجاح ليس مضمونا، انا اعتقد انه يمكننا التوصل الى حل شامل».
وتابع أوباما: «وجهت وزير (الخارجية جون) كيري للاستمرار في هذا المجهود الديبلوماسي مع الحكومة الايرانية... لمتابعة العمل بصورة سريعة، بالتعاون مع دول خمس زائد واحد، للتوصل الى اتفاقية». واضاف أوباما انه اثناء المفاوضات مع ايران، ستبقى الولايات المتحدة على تنسيق مع اصدقائها وحلفائها في المنطقة، «بما في ذلك اسرائيل».
وقال: «نحن مدركون للتحديات امامنا، وواقع ان الاتصال كان الاول بين رئيسي اميركا وايران منذ العام 1979 يظهر عمق اللاثقة بين بلدينا، لكنه يشير في الوقت نفسه الى وجود امكانية تعدي هذه المرحلة الصعبة من تاريخنا».
وكرر أوباما ما قاله في خطابه امام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، الثلاثاء الماضي، فاعتبر «ان هناك اساسا للحل، فالمرشد الاعلى في ايران اصدر فتوى ضد تطوير الاسلحة النووية».
وقال اوباما انه «اكد» لروحاني ان بلاده «تحترم حق الشعب الايراني في استخدام سلمي للطاقة النووية في سياق التزام ايران بالتزاماتها». وتابع أوباما: «يصبح الامتحان (امام ايران) قيامها بخطوات ذات معنى وشفافة وممكن التأكد منها، وهو ما يمكنه ان يتسبب برفع العقوبات الدولية الشاملة الموضوعة حاليا».
الرئيس الاميركي اعتبر ان حل المشكلة النووية يمكن ان يشكل «خطوة كبيرة الى الامام لعلاقة جديدة» بين البلدين، وتاليا لانفراجات في منطقة الشرق الاوسط عموما. وتبنى أوباما ما ورد في خطاب روحاني في الامم المتحدة، الثلاثاء ايضا، فاعتبر ان العلاقة الجديدة بين واشنطن وطهران ستكون مبنية على «المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل، ويمكنها ان تسهل في علاقة افضل بين ايران والمجتمع الدولي، والآخرين في المنطقة»، كما «يمكنها ان تساعد في معالجة مصادر قلق اخرى،» وان «تأتي بسلام اكبر واستقرار في منطقة الشرق الاوسط».
ولفت أوباما الى ان مكالمته مع الرئيس الايراني جاءت «في اليوم نفسه الذي نجحنا فيه بتحقيق اختراقا ديبلوماسيا كبيرا حول سورية»، اذ من المتوقع ان يصوت «مجلس الامن في الامم المتحدة على قرار يفرض على نظام الاسد وضع اسلحته الكيماوية تحت الوصاية الدولية حتى يتم بعد ذلك تدميرها»، حسب الرئيس الاميركي، الذي ختم بأن «القرار الملزم سيضمن ان يحافظ نظام الاسد على التزاماته، او يواجه عواقب، وسيكون علينا ان نبقى متأهبين للمتابعة».
وفور الانتهاء من مؤتمره الصحافي، عقد مسؤول رفيع المستوى في البيت الابيض لقاء مع الصحافيين، وقدم رؤية الادارة للمكالمة الرئاسية، شرط عدم ذكر اسمه. وقال المسؤول ان أوباما بدأ حديثه مع روحاني بتهنئته على انتخابه رئيسا، ثم قال له ان هناك تاريخا من عدم الثقة بين البلدين.
وتابع المسؤول ان أوباما قال لروحاني ايضا ان جولة المفاوضات بين مجموعة دول زائد خمسة وايران، في نيويورك الخميس، جاءت «بناءة جدا»، وان امام العالم وايران «فرصة لحل الموضوع النووي».
واضاف المسؤول الاميركي ان جولة ثانية من المحادثات على مستوى وزراء الخارجية ستنعقد في جنيف في اكتوبر المقبل «للبناء على الايجابية التي تولدت (الخميس)». وكرر المسؤول ما قاله أوباما من ان «الاختراق الديبلوماسي في الملف النووي الايراني سيفتح الباب لعلاقة جديدة بين اميركا وايران، والانفراجات في منطقة الشرق الاوسط».
كذلك لفت الى ان أوباما اثار مع نظيره الايراني مسألة اميركيين ثلاثة هم روبرت ليفينسون، المفقود في ايران والذي تقول السلطات الايرانية انها لا تعلم مكان وجوده، والقس سعيد عابديني، وامير حكمتي، وهما اميركيان من اصول ايرانية. وطلب أوباما من روحاني الافراج عن الاميركيين «حتى يتسنى لهم العودة الى عائلاتهم».
ماذا تغير بين يوم الاثنين، عندما رفض روحاني لقاء أوباما، ويوم الجمعة عندما بادر للاتصال به؟ يجيب المسؤول الاميركي: «عليكم ان تسألوهما، ولكن في تقييمنا ان الاجتماع الايجابي جدا الخميس هو الذي دفع الرئيس روحاني الى المبادرة الى الحديث مع الرئيس (أوباما)».
وختم المسؤول ان أوباما ابلغ روحاني ان التوصل الى حل نووي سيؤدي الى بناء ثقة تفتح بدورها الابواب لمسارات سياسية اخرى، منها سورية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق