| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
بدأ الحوار بين واشنطن و«حزب الله» اللبناني، وان بشكل غير مباشر. فمكافحة ارهاب «القاعدة»، والاستقرار الامني، واجراء مناقصات من اجل منح تراخيص لمسح واستخراج الغاز في المياه اللبنانية مع ما يحتاج ذلك من تشكيل حكومة، وتأمين جلسة انتخاب هادئة لخلف الرئيس اللبناني ميشال سليمان العام المقبل، كلها نقاط تتلاقى فيها واشنطن تماما مع «حزب الله» اللبناني. وباستثناء مشاركة الحزب في الاعمال القتالية في سورية، وفي ظل التقارب الاميركي - الايراني، يبدو الحوار بين اميركا و«حزب الله» نتيجة متوقعة لمسار الامور.
في هذا السياق، قالت مصادر ديبلوماسية رفيعة ان ديبلوماسيين بريطانيين يعقدون جلسات «تبادل آراء» مع قياديين في «حزب الله»، وان البريطانيين ينقلون فحوى هذه اللقاءات الى نظرائهم الاميركيين ويعملون على انشاء قناة تواصل غير مباشر بين الحزب اللبناني وواشنطن.
وكانت العلاقة بين ايران وبريطانيا تدهورت الى ادنى مستوياتها في نوفمبر 2011 عندما اقتحم ايرانيون السفارة البريطانية في طهران، لتعود المياه الى مجاريها في 11 من الشهر الجاري، عندما اعلنت المملكة المتحدة تعيين قائم بالاعمال غير مقيم لها في ايران. والاسبوع الماضي، تحادث رئيس حكومة بريطانيا ديفيد كاميرون والرئيس الايراني حسن روحاني في مكالمة هاتفية كانت الاولى من نوعها منذ العام 2003.
وفي موازاة تحسن العلاقات البريطانية - الايرانية، باشرت لندن منذ فترة على اعادة فتح قنوات، لم تغلقها كليا في الماضي، مع «حزب الله» في بيروت.
وتقول المصادر الديبلوماسية في العاصمة الاميركية ان الحوار المذكور «يهدف الى مواكبة التغيرات في المنطقة والعالم، والعودة المرتقبة لايران الى المجتمع الدولي»، وان لا جدول اعمال محددا حتى الآن، بل «تعزيز اواصر العلاقة مع الجناح السياسي للحزب، وتبادل لوجهات النظر حول قضايا لبنان وسورية والمنطقة عموما».
وتضيف المصادر انه بسبب انقطاع العلاقة بالكامل بين «حزب الله» والمسؤولين الاميركيين، الذين تضع بلادهم الحزب على لائحة التنظيمات الارهابية وترفض التمييز بين جناحيه السياسي والعسكري على عكس البريطانيين، فانه «لا يمكن قانونا للمسؤولين الاميركيين اجراء اي حوارات مباشرة مع اي عضو في هذا الحزب».
لكن البريطانيين، حسب المصادر، يبلغون واشنطن بفحوى حواراتهم، فيما يبدي الاميركيون استعدادا لسماع وجهات نظر الحزب والعمل على «تسخين العلاقة المباشرة معه مستقبلا».
وتشترط اي علاقة مباشرة بين واشنطن و«حزب الله» رفع الاولى الاخير عن لائحة التنظيمات الارهابية، وهو امر ممكن ولا يتطلب اكثر من مذكرة يعممها وزير الخارجية جون كيري.
وكانت مؤسسات اعلامية اميركية مغمورة نقلت عن مسؤولين في تحالف «14 مارس» قولهم ان لقاءات تعقد بين مسؤولين اميركيين و«حزب الله»، الا ان الاوساط الاميركية نفت اي لقاءات من هذا النوع نفيا كاملا، وقالت ان لقاءات كهذه تعرّض اي مسؤول يشارك بها الى ملاحقة قانونية في الولايات المتحدة.
وكانت ادارة الرئيس جورج بوش عرضت علنا، في العام 2005، الانفتاح على الحزب ورفعه عن لائحة الارهاب، على شرط «اعلان رفضه للعنف»، وهو ما اعتبره الحزب آنذاك شرطا غير مقبول.
لكن التغييرات في علاقات ايران مع اميركا وبريطانيا والغرب عموما قد تغير من قواعد اللعبة، حسب المصادر الديبلوماسية في واشنطن.
وكانت ادارة الرئيس باراك أوباما وجدت نفسها «على نفس الضفة السياسية» مع الحزب في عدد من الاحداث الماضية. ففي اثناء المواجهات في مدينة صيدا الجنوبية في يونيو الماضي بين «الجيش اللبناني» و«حزب الله»، من جهة، والمجموعة المسلحة التي كان يقودها الشيخ احمد الأسير، اعلنت واشنطن تأييدها للجيش، وضمنيا لموقف «حزب الله»، رغم ان لا الاسير ولا مجموعته كانا على اللائحة الاميركية للتنظيمات الارهابية.
وفي التفجيرات التي طالت مناطق تسكنها غالبية مؤيدة للحزب، بما فيها التفجير الانتحاري الذي استهدف السفارة الايرانية في بيروت الاسبوع الماضي، عمدت واشنطن الى ادانة التفجيرات من دون تحميل الحزب مسؤولية التفجيرات بسبب مشاركة مناصريه في الاعمال القتالية في سورية، على غرار ما فعل بعض السياسيين اللبنانيين، خصوصا من تحالف «14 مارس».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق