| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
لف الغموض مصير المفاوضات في جنيف بين مجموعة دول خمس زائد واحد وايران حول ملف الاخيرة النووي. وكان مقررا لهذه الجولة ان تنتهي اول من امس، الا ان الطرفين قررا تمديدها حتى اليوم ليتسنى لهما التوصل الى اتفاق.
ورغم تكتم معظم المعنيين على فحوى النقاش الحاصل، الا انه صار معلوما ان الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا والمانيا وافقت على اتفاق هو بمثابة مرحلة اولى، حسبما تم التوصل اليه في الجولة السابقة في جنيف بين السابع والتاسع من الشهر الحالي. فرنسا وحدها عارضت تلك الاتفاقية، ومازالت تعارضها.
وفي هذا السياق، علمت «الراي» من مصادر ديبلوماسية رفيعة في العاصمة الاميركية ان «تخصيب اليورانيوم بنسبة لا تتعدى الخمسة في المئة، وفي منشأة ناتانز فقط، هي السيناريو الوحيد الذي تقبل به فرنسا للموافقة على اي الاتفاقية الاولية مع ايران لمدة ستة اشهر، يتم البحث اثنائها في تفاصيل الاتفاقية النهائية بين طهران والمجوعة الدولية».
ومن دون موافقة فرنسا، لا يمكن للدول الست السير قدما في اي نوع من الاتفاقيات مع ايران، لان التوافق هو اساس عمل هذه المجموعة. والتوافق، حسب المصادر نفسها، عملت على تثبيته في الماضي كل من روسيا وايران لمنع الولايات المتحدة من القيام بأي عمل عسكري منفرد ضد ايران، ولاجبار واشنطن على الالتزام بموقف اجماعي موحد. هذا يعني، انه كما لا يمكن لاي من الدول الست توجيه ضربة احادية، لا يمكن لاي منها الانفراد بقرار تخفيف العقوبات بشكل ثنائي مع ايران.
وحتى توافق فرنسا على الافراج عن تخفيف العقوبات مؤقتا بما يقدم نحو 10 مليارات دولار للخزينة الايرانية، «على ايران تجميد التخصيب في منشأة فوردو المحصنة داخل الجبال قرب مدينة قم، وتجميد نشاط مفاعل آراك الذي يعمل بالمياه الثقيلة من اجل انتاج البلوتونيوم، وتحويل 196 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة التي تملكها ايران الى قضبان ابحاث ووقود لانتاج الطاقة».
كذلك، تطالب فرنسا بالسماح لمفتشي وكالة الطاقة الذرية بوضع المنشآت التي يتم الاتفاق على تجميد العمل فيها في فترة الاشهر الستة.
المطالب الفرنسية اعتبرها الايرانيون «تعديا على حقوق الامة الايرانية»، وقال الوفد الايراني ان طهران مستعدة للتعاون مع الوكالة لضمان سلمية برنامجها، من دون ان يعني ذلك حصر التخصيب في منشأة معينة. كذلك، اعتبر الايرانيون ان مطالب الفرنسيين هي بمثابة الاتفاق النهائي، وانه في حال وافقت ايران على الشروط الفرنسية، «لن يبقى شيئ للتفاوض عليه لرفع كامل للعقوبات الدولية عن ايران»،وفق قول المصادر التي تضيف ان الفرنسيين ردوا ان «في الاتفاقية الاولى تجميدا، وفي الاتفاقية النهائية تفكيكا للبنية التحتية النووية واغلاقا نهائيا للمنشآت موضع الجدل».
وتابعت المصادر ان الوفد الاميركي نفسه تحول الى «وسيط» بين الايرانيين والفرنسيين. فواشنطن موافقة على الاتفاقية بشكلها الحالي، وكذلك موسكو وطهران، ورئيس حكومة بريطانيا دايفيد كاميرون تحادث مع رئيس ايران حسن روحاني عبر الهاتف في اول محادثة من نوعها منذ سنوات. وحدها فرنسا مصرة على «تأكيد سلمية» البرنامج النووي الايراني، حتى اثناء المرحلة الاولية.
ويقول الفرنسيون، حسب المصادر الديبلوماسية، ان «تأكيد سلمية البرنامج النووي في فترة الستة اشهر هو امر طبيعي، اذ لا يعقل ان تنعقد مفاوضات فيما يلف بعض الغموض برنامج ايران النووي وبغياب تأكيدات ان وقت المفاوضات لن يتم استخدامه لتقليص المدة المطلوبة لانتاج القنبلة».
وفي حال استمرار المعارضة الفرنسية وعدم تراجع الايرانيين، فان ذلك قد يؤدي الى اغلاق النافذة الاميركية من اجل التوصل الى تسوية. صحيح ان ادارة الرئيس باراك أوباما تعمل لاقناع الكونغرس على تأجيل فرض المزيد من العقوبات المالية على ايران، الا ان ستة من اعضاء مجلس الشيوخ من الجمهوريين اعدوا بندا، الثلاثاء، لالحاقة بقانون الدفاع الوطني، الذي يتم اقراره سنويا لتمويل القوات الاميركية حول العالم، وفي التعديل عقوبات جديدة على ايران.
ومن المقرر ان يقر مجلس الشيوخ قانون الدفاع قبل نهاية هذا العام، وهو ما حمل زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ السناتور الديموقراطي هاري ريد، الذي منع مناقشة او تصويت قانون اقره الكونغرس بغالبية 400 من اصل 435 صوتا لفرض عقوبات جديدة على طهران، لاعتبار ان 15 ديسمبر المقبل هو الموعد النهائي للتوصل الى اتفاقية مع الايرانيين. وتقول اوساط ريد انه بعد ذلك التاريخ سيسمح بالتصويت على قانون العقوبات الجديدة على ايران الملحق بقانون الدفاع.
هكذا، ينتظر مجلس الشيوخ نتائج مفاوضات جنيف، فان فشلت، يفرض عقوبات جديدة على ايران على شكل تجميد نحو 10 مليارات دولار موضوعة في بنوك دولية ولايران حتى الآن حرية التصرف بها.
اما في حال التوصل الى اتفاق في جنيف قبل 15 ديسمبر، يؤجل مجلس الشيوخ العقوبات الجديدة، لكن اي اتفاقية نهائية مع ايران تحتاج الى موافقة الكونغرس، اذ يمكن لاي رئيس ان يعلق اي مجموعة عقوبات على اي دولة بمرسوم يتم تجديده سنويا، لكن اي تعليق دائم يحتاج الى قانون من السلطة التشريعية، وهو ما يعني ان أوباما سيحتاج الى استصدار موافقة الكونغرس على اي اتفاقية نهائية ودائمة مع ايران لرفع العقوبات بشكل دائم عنها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق