| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
اشتعلت بين ادارة الرئيس باراك أوباما والكونغرس، فدفعت الحكومة، على مدى الاسبوع الماضي، بأبرز اسلحتها في المواجهة مع السلطة التشريعية: نائب الرئيس جو بيدن ووزير الخارجية جون كيري، وكلاهما خدم في مجلس الشيوخ لعقود، ليعقدا لقاءات في مبنى الكابيتول لاقناع المشرعين بجدوى الاتفاقية الاولية مع ايران، ولثنيهم عن تبني مجموعة جديدة من العقوبات الاقتصادية على طهران.
المشروعون، بدورهم، عقدوا جلسات استماع مغلقة، في الشيوخ، ومفتوحة، في النواب، لنسف الاتفاقية، فيما مضى بعضهم في تسويق قانون العقوبات الجديدة.
في مجلس الشيوخ، الذي تسيطر عليه غالبية من حزب أوباما الديموقراطي، انسحب الجمهوريون من جلسة مغلقة عقدتها لجنة الشؤون الخارجية للاستماع الى كيري. كان الانسحاب بمثابة رفض مطلق للاتفاق مع ايران. زملاؤهم الديموقراطيون بقوا في الجلسة، «حتى لا نعطي ادارتنا انفا ينزف دما»، وفق قال احد اعضاء اللجنة لـ «الراي».
لكن على الرغم من التزامهم بحدود اللباقة السياسة بهدف اظهار وحدة حزبهم الديموقراطي، قال معظم اعضاء اللجنة الديموقراطيين، بمن فيهم رئيسها روبرت مينينديز، انهم ماضون في اقرار قانون العقوبات الجديدة.
واول من امس، حضرت مساعدة كيري للشؤون السياسية ويندي شيرمان، وهي تترأس الوفد الاميركي المفاوض في جنيف، جلسة مغلقة اخرى بهدف استمهال مجلس الشيوخ حتى الاربعاء المقبل، موعد انعقاد جلسة المفاوضات المقبلة بين دول خمس زائد واحد وايران.
«اذا كانت الاتفاقية جيدة، لماذا عرقلتها فرنسا؟» سأل احد المشرعين شيرمان، فاجابت الاخيرة ما معناه ان الفرنسيين قد يكونوا احسوا انفسهم مستثنين من المفاوضات بعدما عقد كيري ونظيره الايراني محمد جواد ظريف، ووفداهما، جلسة مفاوضات مضنية استغرقت ساعات، وافضت الى الاتفاقية. ونقل مطلعون على مجريات الجلسة قولهم انه منذ نهاية الاسبوع الماضي، تحدث أوباما ونظيره الفرنسي فرانسوا هولاند، وتم تذليل الاختلاف في وجهات النظر، واصبحت باريس مستعدة لتبني الاتفاقية الاولية مع ايران.
في مجلس النواب، الذي تسيطر عليه غالبية جمهورية، عقدت لجنة الشؤون الخارجية برئاسة الجمهوري اد رويس جلسة استماع بحضور خبراء، اثنان منهم من المحسوبين على اليمين الجمهوري، وواحد من اليسار الديموقراطي. رويس حدد رقم الاموال الايرانية، التي ستفرج عنها اتفاقية جنيف، بـ 50 مليار دولار، فيما اعتبرت غالبية المتحدثين الجمهوريين ان الاتفاقية - في افضل احوالها - تؤخر انتاج ايران للقنبلة باسابيع قليلة، وهي اسابيع لا تستأهل الافراج عن هذه الكمية من الاموال لمصلحة طهران.
كولن كال، وهو مساعد وزير الدفاع السابق في ادارة أوباما الاولى وكان من مؤيدي الانفتاح على «حزب الله» اللبناني، قدم وجهة نظر أوباما في جلسة الاستماع التي ترأسها رويس، واعتبر ان الاموال التي ستحصل عليها طهران بموجب الاتفاقية لن تتعدى 10 مليارات دولار.
في المقابل ستؤدي الاتفاقية الى «استغراق ايران ضعف المدة اللازمة» لانتاج يورانيوم عالي التخصيب لصناعة قنبلة نووية، وان تؤدي الى جولات تفتيش دولية اكثر واقسى. وختم كال بالقول ان اتفاقية جنيف النووية مع ايران «تخدم مصالح الولايات المتحدة واسرائيل».
واضاف المسؤول السابق ان الاتفاقية تجبر ايران على تجميد التخصيب بنسبة 20 في المئة، وتبطل مفعول المخزون بنسبة 20 في المئة الذي بحوزتها حاليا، وتحصر انتاجها اليوارنيوم المنخفض التخصيب، وان كل ذلك يحصل على مدى ستة اشهر، وتحصل ايران مقابله على 10 مليارات من الافراج عن ودائع مجمدة، ومبيعات ذهب وبتروكيماويات وسيارات، من دون ان يمس ذلك بالعقوبات المفروضة على قطاعها النفطي او مصرفها المركزي. وختم ان الاتفاقية تلغى في حال لم تلتزم ايران او تراجعت.
هل تحصل ايران على 10 ام على 50 مليار دولار بموجب جنيف؟ وهل تؤدي الاتفاقية الأولية الى تأخير صناعتها القنبلة لاسابيع او لستة اشهر؟
النقاش مستمر في واشنطن، وكذلك السباق: ادارة أوباما تسعى الى توقيع الاتفاق بحلول الخميس المقبل، والكونغرس يسعى الى اصدار قانون يقيد يديها في ذلك ويضيف سلة جديدة من العقوبات.
على ان اعتبارات جديدة بدأ يطرحها المشككون في الاتفاقية، على شكل تأثيرها، وان كان بحدها الادنى، على الحرب في سورية.
وفي هذا السياق، قال معلقون ان حتى مبلغ 10 مليارات دولار من شأنها ان تسعف ايران، التي ترسل قواتها وقوات حلفائها اللبنانيين والعراقيين الى سورية، في القضاء على المعارضين تماما.
وقال احد اعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيين من المعارضين لاتفاقية جنيف في احدى الجلسات انه «يمكن لاتفاقية جنيف المؤقتة ان تقلب الموازين في سورية... بعد ذلك، حتى وان تراجعت ايران عن جنيف، تكون على الاقل قد انقذت حليفها (الرئيس السوري بشار) الاسد»،.
في الايام المتبقية قبل العودة الى جنيف، وفي وقت يبدو ان فرنسا لن تعرقل الاتفاقية في هذه الجولة ما سيسمح بمرورها، سيحاول الكونغرس تمرير قوانين تفرض على الرئيس الاميركي الحصول على موافقة السلطة التشريعية قبل قيامه بتخفيف اي عقوبات اقتصادية على ايران.
وحتى ينجح الكونغرس في مسعاه، على الغرفتين ان تصوتا بأغلبية الثلثين، ما يحرم أوباما المقدرة على ممارسة حق النقض الفيتو، ويجبره على توقيع القانون. اما السؤال فهو ان كانت الادارة قادرة على اقناع الديموقراطيين بالامتناع عن التصويت، وهي ان نجحت في كسر غالبية الثلثين في احد المجلسين، يمكن للرئيس حينذاك نقض القانون وعدم توقيعه.
لكن بما ان ابرز مؤيدي الادارة، من امثال السناتور مينينديز، يعارضون جنيف، فمن غير الواضح ان كان الديموقراطيون سيلتزمون بحزبيتهم ام لا.
كذلك، بالنظر الى قوانين العقوبات السابقة على ايران، يتضح ان معظمها تمت الموافقة عليها في المجلسين بغالبية ساحقة، وهو ما يعقد من مهمة ادارة أوباما ويجعلها في سباق مع الوقت لوقف قوانين الكونغرس. حتى بعد الاتفاقية، يمكن للكونغرس اجبار الرئيس على التخلي عنها، وهو ما يعني ان طريق التسوية مع ايران مازالت تعاني من عراقيل كثيرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق