حسين عبدالحسين
في وقت بثت فيه الدعاية الأميركية المعارضة لاتفاق الولايات المتحدة مع إيران حول البرنامج النووي الإيراني مقاطع تشير إلى ما وصفته تطابقاً في المواقف بين الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وأمين عام حزب الله اللبناني، حسن نصرالله، لجهة حديث الاثنين عن ضرورة التوصل إلى اتفاق بين مجموعة دول الـ5+1 وإيران حول برنامجها النووي، والتحذير من أن البديل سيكون مواجهة عسكرية، احتدم النقاش داخل العاصمة الأميركية حول كيفية العودة إلى جنيف لجولة مقبلة من المفاوضات يومي الأربعاء والخميس المقبلين.
"لا يهم مدى قوتنا العسكرية، الخيارات العسكرية تؤدي دائماً إلى فوضى، وهي دائماً صعبة، ولديها عواقب غير إرادية. وفي هذه الحالة غير كاملة لجهة التأكيد أنهم (الإيرانيون) لن يذهبوا بعدها بشكل حازم أكثر للحصول على أسلحة نووية في المستقبل". هذا ما قاله أوباما للصحافيين في البيت الأبيض، الخميس.
في قول أوباما هذا ما يشبه الإقرار بعدم جدوى الخيار العسكري في إجبار إيران على التخلي عن صناعة قنبلة نووية، على الرغم من قول الرئيس الأميركي إن "الخيار العسكري لا يزال على الطاولة".
وانتقد معارضو الاتفاق موقف أوباما، وذكّروا باعتبار أوباما للتحركات العسكرية الأميركية قبالة الشواطئ السورية أنها هي التي أجبرت نظام الرئيس السوري بشار الأسد، على التنازل عن ترسانته الكيماوية، وأنه ليس مستحيلاً تكرار السيناريو مع إيران.
وكان أوباما، الذي عملت إدارته على مدى الأسبوع الماضي على إقناع الكونغرس بجدوى اتفاق جنيف وتأجيل رزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية على إيران، دعا السلطة التشريعية إلى إعطاء المحادثات السلمية فرصة، بقوله: "دعونا نختبر مدى نيتهم حل هذه (الأزمة) دبلوماسياً وسلمياً".
وأضاف أوباما: "لن نخسر شيئاً إذا اتضح، في آخر المطاف، أنهم (الايرانيين) غير مستعدين لتزويد المجتمع الدولي بدلائل قاطعة، وضمانات ضرورية، كي نعرف أنهم لا يسعون لسلاح نووي".
في هذه الأثناء، استمرت المعارضة الشرسة لاتفاق جنيف داخل الكونغرس، ووقع 63 عضواً في مجلس النواب، من الحزبين الديموقراطي والجمهوري، رسالة إلى قيادة مجلس الشيوخ، طالبوا فيها السماح بإجراء تصويت حول إقرار عقوبات جديدة على إيران.
ومما جاء في الرسالة أن قانوناً أقره مجلس النواب في تموز الماضي بغالبية ساحقة مؤلفة من 400 من أصل 435 عضواً، "تم تصميمه لإجبار إيران على التخلي عن سعيها للأسلحة النووية"، وتم إرساله إلى مجلس الشيوخ حيث وضعه زعيم الغالبية الديموقراطية السناتور هاري ريد في الادراج، ورفض مناقشته والتصويت عليه.
وأضافت الرسالة أنه "في وقت تجري مفاوضات جينيف، نشعر أنه من المهم ابقاء الضغط على إيران من أجل تحسين الموقف الاميركي إلى حده الاقصى"، وأنه "بسبب العقوبات الأميركية القاسية ضد إيران، جاءت طهران إلى طاولة المفاوضات، فالأمن في الشرق الأوسط وحول العالم يعتمد على قيادة أميركية قوية ضد إيران نووية".
الرؤية الاميركية لاتفاقية جنيف اليوم يمكن تلخيصها بكلمات المسؤول الرئاسي السابق عن الملف الإيراني، دينيس روس، الذي كتب في مطالعة أن ما يحصل في جنيف هو "وضع سقف (للعقوبات) مقابل سقف (للبرنامج النووي) ".
ويعتقد روس أن هذه المعادلة حلت محل أخرى كان اقترحها الأوروبيون في العام 2007 ورفضها الايرانيون، وكانت تقضي "بتجميد (العقوبات الدولية) في مقابل تجميد (ايران لتخصيب اليورانيوم)".
مقايضة "وضع السقف" هذه أدت إلى انقسام الأميركيين إلى مجموعتين: الأولى تعتبر أن كمية الأموال الايرانية التي سيتم الافراج عنها في المرحلة الاولى من الاتفاق، على شكل السماح لايران باستخدام ودائعها المجمدة في بنوك العالم، وبيع ذهب وبرتوكيماويات وسيارات، ستعود على الخزينة الإيرانية بمبلغ يعتقد المعارضون انه يتراوح بين 20 و50 مليار دولار.
أما وضع إيران سقفاً لبرنامجها النووي، على مدى ستة أشهر، فسيؤدي إلى تأخير حصول إيران على القنبلة النووية بضعة أسابيع فقط.
في هذا السياق، شكك السناتور عن ولاية نيويورك، تشاك شومر، وهو ثالث الديموقراطيين في أهمية في مجلس الشيوخ، بما أسماه التناسب في صفقة جنيف، معتبراً انه بينما تقلص الولايات المتحدة العقوبات، فإن إيران لا تقلص برنامجها النووي.
لكن أوباما نفسه رد على هذه المجموعة المشككة عندما وصف تخفيف العقوبات بأنه "تخفيف متواضع جداً على هامش العقوبات التي وضعناها"، مضيفاً: "الأهم أننا سنبقي قلب العقوبات، التي أثبتت فعالية قصوى في تأثيرها على الاقتصاد الإيراني، قائماً، ولا سيما لناحية العقوبات على النفط وعلى البنوك والتمويل".
وكان مساعد وزير الدفاع السابق، كولن كال، قال في جلسة استماع هذا الأسبوع، أن الأموال التي ستحصل عليها طهران بموجب الاتفاق لن تتعدى 10 مليارات دولار، فيما سيؤدي الاتفاق إلى "استغراق إيران ضعف المدة اللازمة" لإنتاج يورانيوم عالي التخصيب لصناعة قنبلة نووية.
وختم كال بالقول إن اتفاق جنيف النووي مع إيران "يخدم مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل"، وذلك في محاولة لتهدئة حالة الغضب الاسرائيلية من الاتفاق، والتي لخصها وزير الاقتصاد الاسرائيلي، نفتالي بينيت، زعيم "حزب البيت اليهودي" الديني المتشدد . الأخير اتهم الولايات المتحدة، في حديث امام معهد بروكينغز سابان للدراسات حول سياسة الشرق الاوسط في واشنطن، بأنها تقامر بأمن إسرائيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق