| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
ذكرت مصادر أميركية رفيعة المستوى ان التباين في الرؤى بقي سائدا بين الرئيس باراك أوباما وضيفه ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، خصوصا في ملفي سورية والعراق، وان هذا التباين عاد الى الواجهة اثناء لقاء الزعيمين في البيت الابيض، الجمعة الماضية.
وقالت المصادر الاميركية انه «منذ وصول الملك سلمان (بن عبد العزيز) الى الحكم في 23 يناير 2015، اي قبل أقل من 600 يوم، عقد زعيما الدولتين خمسة لقاءات على مستوى القمة شارك فيها جميعا أوباما ومحمد بن سلمان»، وان وتيرة لقاءات القمة هذه «جرت بمعدل لقاء قمة كل 100 يوم، وهذه وتيرة مرتفعة جدا في اي مقياس».
وتابعت المصادر الاميركية ان «أوباما هو اكثر رئيس (أميركي) زار السعودية اثناء حكمه، اذ بلغت عدد زياراته اربع زيارات». وقالت المصادر ايضا ان الدولة الوحيدة التي تقدمت على السعودية في عدد زيارات أوباما اليها هي فرنسا، التي زارها الرئيس الاميركي ست مرات، والمانيا وبريطانيا والمكسيك، التي زارها خمس مرات، وهذه الدول الاربع هي أكثر الدول قربا من بين حلفاء أميركا حول العالم، فيما تساوت السعودية في عدد زيارات أوباما اليها مع حلفاء كبار لأميركا مثل اليابان وكوريا الجنوبية.
ويشير ارشيف البيت الابيض ان سلفي أوباما في الحكم، اي الديموقراطي بيل كلينتون والجمهوري جورج بوش الابن، زارا السعودية مرة واحدة ومرتين على التوالي، رغم الانطباع السائد ان علاقة كل من كلينتون وبوش بالرياض كانت اكثر متانة من علاقة أوباما.
ومنذ وصول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الى الحكم، استضافت واشنطن زعماء السعودية في ثلاث مناسبات في سنة ونصف السنة، كانت الاولى في لقاء قمة ثنائي، على هامش قمة كامب ديفيد الصيف الماضي، استضاف اثناءها أوباما ولي العهد محمد بن نايف وولي ولي العهد محمد بن سلمان في المكتب البيضاوي. وفي سبتمبر الماضي، استقبل أوباما خادم الحرمين في المكتب البيضاوي كذلك، وشارك في اللقاء وقتذاك الأمير محمد بن سلمان، الذي شكل لقاؤه بأوباما، الجمعة الماضية، زيارته الثالثة الى البيت الابيض.
وتلفت المصادر الاميركية الى ان أوباما سعى لارساء تقليد يقضي بعقد قمة سنوية بين الرئيس الاميركي وزعماء دول «مجلس التعاون الخليجي»، على ان تتداور واشنطن والعواصم الخليجية على استضافة هذه القمة السنوية.
هذا البرنامج من اللقاءات المكثفة على اعلى مستوى بين واشنطن والرياض يؤشر، لا الى متانة العلاقة بين أميركا والسعودية فحسب، بل إلى سياسة أوباما التي تنظر الى دول الخليج عموما، والسعودية خصوصا، على انهم في صدارة الشركاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة حول العالم.
وتعتبر المصادر الاميركية انه «رغم الانطباع السائد، والقائل ان التوتر يسود العلاقة الاميركية- السعودية منذ وصول الرئيس أوباما الى الحكم، الا ان الواقع يشي بعكس ذلك، بل ان التعاون بين البلدين زاد وصار اكثر متانة في عهد باراك أوباما».
وتتمسك المصادر الاميركية باعتبار ان «التباين بين الحلفاء ممكن ولا يعني اختلافا او توترا في العلاقة، بل اختلاف في رؤية تجاه مواضيع دولية لا تدخل في صلب العلاقة بين الحليفين».
في هذا السياق، تشير المصادر الاميركية الى التباين بين أوباما وبن سلمان، الذي عاد الى الواجهة مجددا الجمعة الماضية. تقول المصادر: «نحن نعتقد ان الحاق الهزيمة بداعش (تنظيم الدولة الاسلامية) هو مفتاح الحل في العراق وسورية، وهم (السعوديون) يرون انه يستحيل التخلص من داعش من دون التخلص من جذور المشكلة واسبابها، اي التخلص من (الرئيس السوري بشار) الأسد، وممارسة المزيد من الضغط على بغداد للقبول بشراكة حقيقية في الحكم مع عشائر غرب العراق».
لكن هذا لا يعني اختلافا. فالدولتان، اي أميركا والسعودية، تتفقان على ضرورة الحاق الهزيمة بداعش، والدولتان تتفقان على ضرورة حصول تغييرات واسعة في الحكم في دمشق وبغداد كجزء من التسوية السياسية التي تمنع قيام مجموعات مشابهة لداعش مجداد. «الا ان الفارق الوحيد يكمن في ترتيب الاولويات»، حسب المصادر، التي ختمت بالقول: «هم يعتقدون ان الحل يبدأ بتسوية سياسية أولا تسمح بتوجيه الاهتمام نحو الحرب ضد داعش، ونحن نعتقد ان التخلص من داعش يسمح بالتفرغ لمشكلة الأسد».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق