| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
انشغلت الأوساط الأميركية بتقارير عن إمكانية تقاضي الرئيس دونالد ترامب، في شكل غير مباشر، اموالا مصدرها «الحرس الثوري» الايراني. ونشرت مجلة «نيويوركر» المرموقة مقالة مطولة عن فندق ترامب في العاصمة الاذربيجانية باكو، وأرفقتها بتفاصيل حول وزير النقل السابق ضياء محمدوف، الذي كتبت المجلة أنه منح شركة بناء يديرها قيومار درويشي، وهو من القياديين المعروفين في «الحرس الثوري الايراني»، عقوداً ضخمة لتأهيل الطرقات، في ما تبدو صفقة تقاسم الاموال العامة الاذربيجانية بين الاثنين.
وتقاضى ترامب ما يقارب خمسة ملايين دولار، من آل محمدوف شركاء درويشي، للسماح لفندق في باكو ان يحمل اسمه. وأوردت المجلة ان مبنى الفندق يقع في منطقة بعيدة عن النشاط السياحي والتجاري في العاصمة الاذربيجانية، وان لا شوارع تصل المبنى بشبكة الطرقات المحلية.
وتحظر القوانين الاميركية على الشركات ورجال الاعمال الاميركيين تسديد اي رشوة لموظفي حكومات العالم. كما تحظر تعاطي الشركات الاميركية مع أي مواطنين غير أميركيين ممن يثبت ارتباطهم بجرائم مالية تتعلق بالارهاب او تبييض الاموال، وهو ما يجعل من علاقة ترامب بمحمدوف موضع شك في المحاكم الاميركية.
وكانت المحاكم الاميركية قاضت عددا من الشركات الاميركية وغير الاميركية بتهم تتعلق بتسديد رشاوى أو تلاعب في الحسابات في عدد من دول العالم، منها الكويت.
وفي حالة ترامب، يبدو ان الرئيس الذي جمع ثروة طائلة كرجل اعمال، أمضى السنوات الاخيرة الماضية وهو يعمل بمثابة واجهة لشبكات تبييض الاموال حول العالم، او هذا على الأقل ما قاربت التوصل اليه وسائل الاعلام الاميركية المختلفة، ربما احيانا بمساعدة من بعض وكالات الاستخبارات الاميركية، التي تمضي في تزويد الاعلاميين بتسريبات متنوعة حول علاقات ترامب بروسيا وبعض شبكات الاعمال الدولية غير الشرعية.
وكان ترامب دعا، في اطلالة له قبل انتخابه رئيسا، الى الاطاحة بالقوانين الاميركية التي تحظر الرشوة في دول العالم غير الولايات المتحدة. واعتبر حينذاك ان القانون المذكور يعيق عمل رجال الاعمال الاميركيين حول العالم، ويعطي افضلية كبيرة لمنافسيهم من رجال الاعمال غير الاميركيين الذين لا يتوانون عن تقديم الرشاوى من اجل خدمة مشاريعهم ومصالحهم.
وترامب هو أول رئيس أميركي لا يكشف عن بيانات ضرائبه منذ العام 1976، وهو يعلل ذلك بادعائه ان دائرة الضرائب تخضع بياناته الضريبية للتدقيق.
«لماذا يريد آل درويشي (الايرانيين) التعامل مع آل محمدوف (الاذربيجانيين)؟»
تتساءل «نيويوركر»، لتجيب بالقول انه قد يكون لفت نظر «الحرس الثوري» ان عائلة محمدوف يملكون مصرفا خاصا، وان هذا المصرف «يتمتع بصلة مفتوحة مع النظام العالمي المالي».
ومنذ هجمات 11 سبتمبر 2001، صادقت واشنطن على قوانين قاسية لمراقبة النظام المصرفي العالمي بهدف مكافحة تمويل الارهاب. وأدى التشدد الذي فرضته واشنطن الى عرقلة عمليات تبييض الاموال التي كانت تجري في المصارف حول العالم. ومع تشديد الأمم المتحدة خناق العقوبات الاقتصادية على ايران بسبب برنامجها النووي، ومع تشديد الولايات المتحدة عقوباتها على طهران بسبب ما تسميه أميركا دعم ايران للارهاب، كان لابد للايرانيين من البحث عن مصارف بديلة عن مصارفهم التي اصبحت بمجملها خاضعة لعقوبات دولية وأميركية.
وتعتقد مصادر مكافحة الجريمة المالية في وزارة الخزانة، وفي وكالات الاستخبارات الاميركية، ان ايران نجحت في تحويل عدد من المصارف في عدد من الدول المجاورة لها، مثل كازاخستان واذربيجان وتركيا، الى واجهات لتبييض أموال مسؤولي «الحرس الثوري» وكبار اركان النظام في الجمهورية الاسلامية. ولترامب فنادق في الدول الثلاثة المذكورة.
«في مشروع برج ترامب في باكو، كانت الاموال تدخل وتخرج من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وتركيا، ورومانيا، ودولة عربية، ودول كثيرة اخرى»، حسب «نيويوركر»، التي تضيف: «مع مشاريع من هذا النوع، يصبح صعبا جدا تحديد كمية انتشار الاموال غير المشروعة».
وفي ديسمبر الماضي، انسحب ترامب من مشروع باكو، وعلّق كل اعماله في اذربيجان.
تكاثر الحديث عن مشاريع ترامب، إن في صفقاته مع كبار متمولي الكرملين أو في باكو حيث تنتشر اموال «الحرس الثوري»، بات يؤشر على أن الرئيس الاميركي قد يكون جمع ثروته، التي يقدرها البعض بعشرة مليارات دولار، بتقديمه واجهة لمبيضي الاموال حول العالم، فترامب سبق ان أعلن افلاسه ثلاث مرات، وهو لم يدخل مشروعا حقق نجاحا، لا في كازينواته التي افلست، ولا في جامعته التي اغلقها، ولا في مشاريعه العقارية التي بدأها قبل انهيار السوق الاميركية بأشهر.
والحال هذه، كيف يمكن لرجل أعمال أفلس في معظم مشاريعه ان يجمع ثروة مقدارها 10 مليارات دولار؟ الاجابة يبدو انها صارت تأتي - عبر وكالات الاستخبارات الاميركية - التي تخوض حروبا طاحنة مع المافيا المالية العالمية. ويبدو انه في وقت دأبت الاستخبارات على تسريب اسرار ترامب الى الاعلام الاميركي، دأب الكرملين على تسريب اسرار «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي اي)، الى موقع «ويكيليكس»، الذي نشر كمية ضخمة من المراسلات داخل الوكالة، في خطوة روسية يبدو ان هدفها اظهار ضعف وعدم أهلية وكالات الاستخبارات الاميركية في حماية كمبيوتراتها، وفي الوقت نفسه، زعزعة الثقة الشعبية بها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق