واشنطن - حسين عبد الحسين
تحوّل قطاع السياحة في الولايات المتحدة إلى أولى ضحايا سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أولاً بسبب إصداره مرسوماً تنفيذياً يحظّر فيه سفر مواطني سبع دول ذات غالبية سكانية مسلمة إلى أميركا، وثانياً نتيجة تفعيله قوانين الهجرة ومطاردة القوات الأمنية المهاجرين غير الشرعيين العاملين عادة في وظائف بمرتبات منخفضة.
وفور إصدار ترامب مرسومه التشريعي القاضي بحظر السفر، ألغى 80 في المئة من مواطني الدول المحظورة حجوزاتهم بين 27 كانون الثاني (يناير) و4 شباط (فبراير). وحجوزات مواطني هذه الدول، العراق وسورية واليمن والصومال وإيران وليبيا والسودان، لا تأتي من دولهم الأم فحسب، إذ إنهم يشكلون جاليات كبيرة في دول العالم.
ويحمل كثر منهم جنسيات مزدوجة وجوازات ســفر أوروبية، ما يعني أن مداخيلهم مرتفعة نسبياً، وتعود زيارتهم الولايات المتحدة للسياحة بمداخيل لا بأس بها على هذا القطاع.
وفور إعلان الحظر، تدنّت نسبة السياحة في الولايات المتحدة 6.8 في المئة. ورجح خبراء أن مسلمين من دول لم تُدرج في خانة فرض حظر السفر عليها، قلقوا أيضاً من أن يطاولهم الحظر مستقبلاً، فألغوا أسفارهم التي كانت مقررة إلى أميركا. وتظهر بيانات البحث على الإنترنت، أن البحث عن تذاكر سفر حول العالم للسفر إلى الولايات المتحدة، انخفض 17 في المئة.
وبعدما أطاحت المحاكم الفيديرالية مفاعيل مرسوم حظر السفر، لم تعد الحجوزات إلى سابق عهدها. ويُعدّ قطاع السياحة الأميركي الأكبر في العالم، ويعود على البلاد بنحو 100 بليون دولار، ما دفع الخبراء إلى احتساب التراجع بنسبة 6.8 في المئة، يعني خسارة ربما تصل إلى 7 بلايين دولار هذه السنة.
ويعتقد الخبراء أن انهيار الحظر قد يعوّض بعض الخسائر، لكن اعتبروا أن الحظر كلّف الولايات المتحدة 3 بلايين دولار على الأقل.
ومنذ هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وبسبب تضييق السلطات الأمنية على منح تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة وتضييق سلطات المطار على الوافدين، تقلّصت عائدات السياحة مع حلول عام 2009 بواقع 600 بليون دولار، فيما انخفض عدد الوافدين من العالم إلى المطارات الأميركية بواقع 9 في المئة.
ويرى خبراء أن الإجراءات الرسمية ليست وحدها مسؤولة عن تكبيد السياحة الأميركية خسائر، بل دفع الخطاب السياسي والإعلامي لترامب وأعوانه، والذي يحمل في طياته ما قد يبدو تحريضاً ضد بعض شعوب العالم، مواطني هذه الشعوب إلى الإحجام عن الزيارة والسياحة في أميركا، خوفاً من تحرش أميركيين بهم أثناء زيارتهم أو تعرضهم لمضايقات.
وكمسمار أخير في نعش القطاع السياحي، أدت سياسات ترامب القاضية بمطاردة العمال غير الشرعيين في البلاد وترحيلهم، إلى ارتفاع حاد في كلفة اليد العاملة، وهؤلاء يعملون في الفنادق والمطاعم والمقاهي والأماكن التي يقصدها السياح عموماً.
وفرض ارتفاع كلفة اليد العاملة زيادة مشابهة في معدل كلفة الليلة الواحدة في الفنادق الأميركية بواقع يتراوح بين 10 و 15 في المئة، وفقاً للتقديرات المتوافرة، وهي زيادة مرجحة إلى مزيد من الارتفاع.
ودفعت سياسات ترامب هذه القائمين على القطاع السياحي الأميركي، إلى التداعي والطلب من الحكومة تفادي فرض أنواع من الحظر على دول وجنسيات بكاملها، وحصر الحظر بحالات فردية ومسافرين ممّن لا يستوفون الشروط الأمنية المطلوبة لنيل التأشيرة الأميركية. وفي هذا السياق، عقد المسؤولون عن القطاع مؤتمراً في مدينة لاس فيغاس في ولاية نيفادا، وهي أكثر المدن الأميركية استقطاباً للسياح، وتحدث في المؤتمر رئيس «المجلس العالمي للسفر والسياحة» ديفيد سكاوسيل، لافتاً إلى أن السياحة «تزدهر عندما تنسف الدول الجدران والمعوقات بينها، وتتقلص عندما تتخذ الحكومات إجراءات قاسية مثل فرض حظر سفر عام من دون التدقيق بهويات الأفراد».
ودعا سكاوسيل حكومة ترامب إلى «إبقاء السياسة خارج السياحة»، وإلى الاعتماد على التقنيات المتطورة التي صارت تسمح للأجهزة الأمنية والمطارات حول العالم بإنشاء قاعدة بيانات ضخمة، يمكن أي موظف أمن في المطار اللجوء إليها، للتدقيق بهوية الوافدين والتمييز بين المقتدين بالقوانين منهم، وبين المخربين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق