| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
في وقت كان الرئيس دونالد ترامب يستقبل ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان في البيت الابيض، وقبل اسابيع من الزيارة المقررة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الى واشنطن، نسبت مجلة «فورين افيرز» الى جمعيات «حقوق الانسان» الاميركية ان الاخيرة تسلمت رسالة من وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون يعلمهم فيها انه «طالما يتشكل مجلس حقوق الانسان في الأمم المتحدة من عضوية دول عربية»، فان الولايات المتحدة ستعيد النظر في عضويتها في هذا المجلس، وستبحث في امكانية الانسحاب منه.
وتشير التقارير الاميركية انه على اثر الزيارة الى واشنطن التي قام بها وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان، مصطحبا معه سفير بلاده السابق في أميركا مايكل اورن، ولقائهما تيلرسون، انتفضت الخارجية الاميركية ضد «مجلس حقوق الانسان» الأممي، وصارت تسعى لتعديل صلاحياته وجدول اعماله.
وتكن اسرائيل عداء خاصا تجاه المجلس، الذي يكاد لا ينفك عن الالتئام لتوبيخ حكومتها بسبب تجاوزات الاخيرة لحقوق الانسان في شكل متكرر. وكانت آخر مطالب المجلس الأممي قضت بالتحري عن الشركات العالمية التي تعمل في مستوطنات اسرائيلية في الاراضي الفلسطينية ونشر لائحة باسمائها، وهو ما يصب في خانة حركة مقاطعة المنتجات الاسرائيلية، وهي حركة يقودها ناشطون فلسطينيون واجانب.
وتتألف عضوية «مجلس حقوق الانسان» في الأمم المتحدة، الذي تشكل في العام 2006، من 47 دولة، يتم انتخاب ثلثها سنويا في الجمعية العامة لولاية مدتها ثلاث سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، قبل ان تخرج الدولة لدورة من المجلس حتى يصبح ممكنا لها العودة للترشح مجددا. وتنتهي عضوية الولايات المتحدة في يونيو 2018، لكن تيلرسون لوح بانسحاب بلاده قبل ذلك.
وتترافق تهديدات تيلرسون الى «مجلس حقوق الانسان» بتهديدات اوسع من وزارة الخارجية الاميركية للأمم المتحدة حول امكانية قيام واشنطن بخفض مساهمتها السنوية الضخمة، والبالغة 10 مليارات دولار، للجمعية الأممية.
وقطع تمويل الأمم المتحدة هو واحد من المواضيع المحببة على قلب اعضاء الحزب الجمهوري الحاكم. وسبق لموفد أميركا السابق الى الأمم المتحدة جون بولتون ان دعا الى تفكيك المنظمة بالكامل. وقال بولتون في حديث تلفزيوني، قبل نحو عقد من الزمن، ان مبنى الأمم المتحدة في نيويورك يتألف من 39 طابقا، وانه «لو اطحنا بواحد من هذه الطوابق، لن يكون هناك اي تأثير في الاداء السيئ للمنظمة».
ولاسرائيل عداء كذلك ضد هيئات اخرى في الأمم المتحدة، مثل «اونيسكو»، التي صوتت في اكتوبر الماضي على قرار وصف الوجود الاسرائيلي في القدس بالاحتلال، ودان اختراقات اسرائيل ضد حقوق الفلسطينيين، واعتبر ان تراث القدس اسلامي. ولطالما طالب اعضاء كونغرس من الجمهوريين، بتحريض من اسرائيل، بقطع التمويل عن هيئات الأمم المتحدة التي تعترف بوجود الدولة الفلسطينية.
كذلك شكلت الـ «اسكوا» آخر الوافدين الى نادي «اعداء اسرائيل» في الأمم المتحدة بعد اصدارها تقريرا وصف اسرائيل بـ «حكم الابارتايد»، تيمنا بنظام الفصل العنصري الذي كان سائدا في جنوب افريقيا في الماضي.
وفي هذا السياق، تباحث الجمهوريون في الكونغرس حول الهيئات التي تنوي واشنطن الاطاحة بتمويلها، والتي تصدرتها قوات حفظ السلام في السودان ومالي. كذلك، بحث الجمهوريون امكانية انهاء تمويل عدد من المحاكم الدولية، لكن الاسرائيليين آثروا المثابرة في تمويل بعضها، مثل «المحكمة الخاصة بلبنان»، والتي تتهم خمسة من «حزب الله» اللبناني بالتورط في عملية اغتيال رئيس حكومة لبنان رفيق الحريري في العام 2005.
وعلى رغم مطالبات الاسرائيليين بقطع التمويل عن الأمم المتحدة، الا ان تل ابيب يبدو انها تفيد من عدد لا بأس به من الهيئات اوعمالها، مثل الـ «اونروا» التي تمول عيش اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، وغزة، ولبنان، والاردن، وسورية. ومن دون الـ «اونروا»، تتحول المخيمات الفلسطينية، خصوصا في الضفة وغزة، الى كارثة انسانية تجبر اسرائـــــيل على التعامل معها.
كذلك، يفيد الاسرائيليون من هيئات الأمم المتحدة مثل «وكالة الطاقة الدولية الذرية»، التي ينتشر مراقبوها في ايران حيث «يراقبون عن كثب» المنشآت النووية الايرانية بموجب اتفاقية مع ايران.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق