الجمعة، 3 مارس 2017

سباق اردوغان والسيسي في سوريا

حسين عبدالحسين

سيترك خروج الرئيس باراك أوباما من الحكم، وتاليا الانهيار المتوقع للتحالف الاميركي - الايراني في الحرب ضد تنظيم “الدولة الاسلامية” (داعش)، فراغا تتسابق القوى الاقليمية المنافسة لايران على ملئه. 

الجبهة الاولى يقودها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الذي يحظى بدعم أميركي مشروط بمشاركة خليجية تتضمن دعما سياسيا وماليا، وهو ما حمل اردوغان على زيارة عواصم خليجية في مسعاه لتشكيل تحالف يوسّع “عملية درع الفرات”، التي تخوضها القوات التركية في الشمال السوري، خصوصا في مناطق شرق الفرات. 

سينتج عن امكانية اكتساح هذه الجبهة التركية - العربية - السورية لداعش فراغ، يتم تسليم ادارته لسوريين معارضين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، مع ما يتطلب ذلك من حمايتهم عسكريا لمنع قوات الأسد وروسيا وايران من اكتساحهم، وهو ما يتطلب اقامة “مناطق آمنة” تحدث عنها علنا الرئيس الاميركي دونالد ترامب وعدد من كبار قادته العسكريين.

الجبهة الثانية، يقودها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بدعم دولة خليجية، ويحظى وإياها بصداقة الرئيس الاميركي دونالد ترامب. هذه الجبهة يشارك فيها الأسد وروسيا، مع اعتراض أميركي - اسرائيلي حاد على استمرار المشاركة الايرانية. 

مصر، التي تبيع أميركا واسرائيل ثلاث “مصالح قومية” للولايات المتحدة هي أمن الحدود المصرية - الاسرائيلية، وأمن الملاحة في قناة السويس، وحقوق تحليق الطيران العسكري الاميركي في الاجواء المصرية، مقابل معونة سنوية أميركية تبلع ملياري دولار، تحاول تقديم المزيد من الخدمات للأميركيين، على أمل ان يعود ذلك على السيسي بمنافع سياسية داخل مصر، وعلى أمل ان يمنح ذلك مصر قيادة اقليمية يطمح اليها الرئيس المصري.

ولا شك ان عضوية مصر في مجلس الأمن، والتي تنتهي مع نهاية هذا العام، تمنح مصر شعورا بالحضور الدولي، وهو ما يحاول السيسي تعزيزه بقيادة جبهة حرب في الشرق الاوسط تمتد من الصحراء الليبية وسيناء الى ضفاف الفرات، هي حرب لا ضد داعش فحسب، وانما ضد الاسلام السياسي برمته، وفي طليعته “الاخوان المسلمين”، مع ما يتضمن ذلك من تحريض يقوم به السيسي في أميركا والغرب ضد اردوغان والحكومة التركية. 

تشكيل جبهة ممولة خليجيا ضد داعش، وفيها الأسد من دون ايران، وادراج الاخوان على لائحة التنظيمات الارهابية التابعة لوزارة الخارجية الاميركية، وأمن اسرائيل، هي فحوى محادثات وزير خارجية مصر سامح شكري في واشنطن، إعداداً لزيارة السيسي المتوقعة للبيت الابيض في وقت لاحق من هذا الشهر. وسيحاول السيسي اظهار ان زيارته واشنطن ولقاء ترامب هي اعادة مصر الى دورها العالمي للمرة الاولى منذ زيارة الرئيس السابق حسني مبارك الى العاصمة الاميركية قبل اكثر من عقد.

ومن الوعود التي سيقدمها السيسي لترامب ان الجبهة التي ستقودها مصر في سوريا ستعيد الأسد، حامي الاقليات المزعوم، الى دوره، بدلا من اناطة المناطق التي تستعيدها الجبهة التي تقودها تركيا بمعارضة سورية يصرّ شكري، والديبلوماسية المصرية ككل، على وصفها بالاسلامية المتطرفة.

هاتان الجبهتان الاقليميتان تتنافسان على صياغة السياسة الخارجية الاميركية المقبلة في الشرق الاوسط، كل في مصلحتها. لتركيا نقاط قوة عديدة، تتصدرها خبرة اردوغان الطويلة في السياسة الدولية، مقابل حداثة السيسي. كذلك، يتفوق جيش تركيا، عضو “تحالف الأطلسي”، على الجيش المصري المتهالك. ولتركيا حدود طويلة مع سوريا، فيما ستضطر الجبهة المصرية الى تموين قوات الأسد بحرا. كما تتمتع تركيا بدعم خليجي، مالي وسياسي، أكبر من الذي تتمتع به مصر. 

نقاط ضعف تركيا انها قد تغرق في وحول مواجهة مفتوحة مع الميليشيات الكردية في سوريا، فيما نقاط ضعف مصر انه، في حال اصرار الاميركيين على اخراج ايران من التحالف الذي تقوده مصر ويشارك فيه الأسد، لن يجد المصريون قوات ارضية مع خبرة محلية لخوض الحرب ضد داعش. 

هو سباق اقليمي واسع تقوده تركيا من جهة، وتحاول مصر ان تتسلق قيادته من جهة ثانية، فيما تقف أميركا في حالة استدراج العروض حتى تختار افضل عرض يناسبها، وقد تختار الاثنين سويا، على تناقضاتهما، وقد لا تختار ابدا.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008