الجمعة، 3 مارس 2017

ترامب: «داعش المتوحش» يذبح المسلمين والمسيحيين وسنعمل مع حلفائنا المسلمين لتخليص الكوكب منه

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

- في انعطافة واضحة وافتراق عن خطابه المعادي للمسلمين منذ ترشحه للرئاسة وحتى بعد انتخابه، أكد الرئيس الاميركي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة ستعمل مع حلفائها وأصدقائها في العالم الاسلامي لمحاربة تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) والقضاء عليه.

وإذ ذكر بأنه أعطى توجيهاته لوزارة الدفاع (البنتاغون) لتطوير خطة لتدمير التنظيم، وصف ترامب «داعش» بأنه «شبكة من المتوحشين الخارجين عن القانون قامت بذبح مسلمين ومسيحيين، رجال ونساء واطفال، من كل المذاهب والمعتقدات».

وقال «سنعمل مع حلفائنا، بما في ذلك حلفاؤنا واصدقاؤنا في العالم الاسلامي، لتخليص الكوكب من هذا العدو الشرير».

كلمات ترامب جاءت أثناء خطابه الأول (فجر أمس بتوقيت الكويت) أمام الكونغرس مجتمعاً بغرفتيه، في ما يشبه خطاب «حال الاتحاد» السنوي، الذي لا يكتسب هذه التسمية في السنة الاولى من حكم الرئيس.

وجاء خطاب ترامب، الذي استمر ساعة، مختلفاً عن كل خطاباته السابقة، بما في ذلك خطاب القسم الذي أدلى به يوم تسلمه الحكم في 20 يناير الماضي، وتحدث فيه عن الخراب الذي تعيشه البلاد. هذه المرة، كانت كلمات ترامب مرتبة ومنتظمة، وكأن كاتبها من كاتبي الخطابات المحترفين. كما بدا ان ترامب - على غير عادته - لم يكن على سجيته، بل بدا وكأنه استعد للخطاب وقام بجولات تدريبية على القائه والتزم بالنص الحرفي للخطاب.

وعلى غير عادة الرؤساء الاميركيين المتعاقبين الذين يتطرقون للسياسة الخارجية في اواخر الخطاب، تحدث ترامب عن سياسته الخارجية في ثلث الخطاب الاول، رغم قيامه بحصر هذه السياسة، التي لاتزال غامضة وهلامية، بالحرب ضد «داعش»، والعقوبات ضد ايران لتجاربها الصاروخية، وأبدية تحالف أميركا مع اسرائيل.

وتطرق ترامب في شكل عابر الى الشرق الاوسط، في معرض حديثه عن الشؤون الداخلية، قائلاً إن أميركا انفقت ستة ترليونات دولار على الحروب في هذه المنطقة، وان هذه الاموال كانت أكثر نفعاً للاميركيين لو ان واشنطن انفقتها داخل الولايات المتحدة.

على ان خطاب ترامب لم يتعال تماما عن العداء تجاه المسلمين، وان حاول هذه المرة الرئيس الاميركي ادراج هذا العداء تحت خانة حماية أميركا من وفود ارهابيين الى اراضيها. واستخدم ترامب هذا التعليل ليدافع عن مرسومه الذي حظر بموجبه استقابل مواطنين من سبع دول ذات غالبية سكانية مسلمة هي العراق وايران وسورية والصومال واليمن والسودان وليبيا، والذي قامت في ما بعد المحاكم الاميركية بالاطاحة به وتعليقه.

وقال ترامب انه يعمل «لحماية (البلاد) من الاسلام الراديكالي المتطرف»، واضاف انه حسب وزارة العدل الاميركية، فان غالبية من تمت ادانتهم بتهم ارهاب في المحاكم الاميركية «جاؤوا من خارج البلاد». واعطى ترامب مثالا على الوافدين الارهابيين بهجومي بوسطن وسان برناردينيو، وقال انه «لا يجوز السماح بدخول مواطنين من دول حيث يتعذر التمحيص بهوياتهم»، متابعا: «لن نسمح لرأس حربة ارهاب ان يتشكل في أميركا، ولن تتحول أميركا الى معقل للارهابيين».

ولم يكترث ترامب لمفارقة ان الارهابيين في هجومي بوسطن وسان برناردينيو، كانوا هم او اهلهم هاجروا الى أميركا من الشيشان وباكستان على التوالي، وان الدولتين لم تكونا على لائحة حظر السفر الذي فرضه ترامب، قبل ان تبطله المحاكم.

من ناحية أخرى (ايلاف، وكالات) وبعيدا عن اللهجة الصارمة التي اتسمت بها كلمته عند أداء اليمين الدستورية، تعهد الرئيس الأميركي بلهجة رئاسية أكثر من المعتاد «تجديد الروح الأميركية»، التي لا يمكن فصلها برأيه عن تدابير صارمة حول الهجرة.

وحيا شعورا جديداً «بالفخر الوطني» يسود الولايات المتحدة.

واستعاد ترامب المواضيع الرئيسية لحملته الانتخابية وتعهد توفير «ملايين الوظائف» وندد باتفاقات التبادل الحر المضرة ببلاده، وشدد على ان مكافحة الجرائم ستكون بين الاولويات.

وخلافًا للعادة، كان ترحيب الديموقراطيين بالرئيس فاترا، فقد ظلوا جالسين في مقاعدهم مكتوفي الايدي من دون تعبير على وجوههم.

في المقابل، كان الجمهوريون يصفقون من دون توقف ويقفون تحية عند ذكر المشاريع الكبرى للرئيس مثل تشييد انابيب للنفط واقامة جدار على الحدود مع المكسيك ومكافحة «الارهاب الاسلامي المتطرف» وحتى عند ذكر شعار «لنعيد أميركا عظيمة مجدداً».

كما ارتدت نحو 40 نائبة ديموقراطية اللون الابيض الذي يرمز الى الدفاع عن حقوق النساء كنوع من الاحتجاج الصامت.

حاول ترامب استغلال المناسبة لاعطاء تماسك لعمله بعد شهر اول فوضوي في سدة الرئاسة، فتعهد مطولاً اتخاذ اجراءات صارمة جدا على الحدود، احد ابرز مواضيع حملته الرئاسية.

وقال: «عندما نطبق اخيراً قوانيننا حول الهجرة، فسنزيد الرواتب وسنساعد العاطلين عن العمل وسنوفر مليارات الدولارات وسنعزز امن مجمعتنا».

ودعا ترامب ارملتي شرطيين من كاليفورنيا قتلا بأيدي مهاجر غير شرعي في العام 2014.

وتحدث عن اصلاح تشريعي من دون أن يأتي على ذكر تطبيع أوضاع المقيمين في شكل غير شرعي، واقترح استبدال النظام الحالي بنظام يقوم على «الجدارة».

كما اعلن تشكيل مكتب خاص لضحايا جرائم الهجرة سيحمل اسم «فيكتيمز اوف ايميغريشون كرايم انغيجمنت» او «فويس». وقال: «سنعطي صوتًا للذين تتجاهلهم وسائل الاعلام وتسكتهم المصالح الشخصية».

ويمكن ان يوقع ترامب في الايام المقبلة على مرسوم جديد حول الهجرة بدل المرسوم الذي عرقله القضاء.

وحول الاقتصاد، تعهد ترامب اصلاحًا ماليًا «تاريخيًا» من خلال تخفيض «كبير» للضرائب على الطبقة المتوسطة من شأنه أن يتيح للشركات «منافسة أي كان».

وأوضح: «علينا العمل بحيث يصبح من السهل على شركاتنا أن تقوم باعمالها في الولايات المتحدة، ومن الصعب عليها ان ترحل».

واقترح ترامب خطة للاستثمار في البنى التحتية من المتوقع ان تصطدم بمعارضة عدد كبير من الجمهوريين، منددا بأن البلاد «انفقت مليارات الدولارات في الخارج».

وندّد رئيس الاقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر بالخطاب «الشعبوي»، وقال: «هناك تباين واضح بين ما يقوله الرئيس للفقراء وما يقوم به للاغنياء».

من جهتها، علقت غوين مور وهي نائبة ديموقراطية ارتدت اللون الابيض: «هناك أمور يمكن بالفعل ان نشيد بها. لكن كيف سيسدد كل هذه التكاليف؟».

وطلب ترامب في خطابه الذي يشكل ايضًا مقدمة للمعركة حول موازنة العام 2018 من النواب التصويت على زيادة تاريخية في النفقات العسكرية تبلغ 54 مليار دولار أي نحو 10 في المئة.

لكن العديد من المسؤولين الأميركيين عبروا عن رفضهم لاقتطاع اكثر من ثلث تمويل الديبلوماسية والمساعدات الخارجية.

وللمرة الاولى منذ العام 2006، يسيطر الجمهوريون على البيت الابيض ومجلسي الشيوخ والنواب وجدول اعمالهم مكتظ من اصلاحات قطاع الصحة والضرائب في 2017.

وقال بول راين رئيس مجلس النواب «إنها فرصة لا تحصل الا مرة كل عدة اجيال». لكن الغالبية لا تتفق مع الرئيس حول كل النقاط خصوصا في ما يتعلق باستبدال اصلاح نظام الصحة المعروف بـ«اوباماكير».

وعلى صعيد العلاقات الخارجية التي تناولها في شكل مقتضب جدًا، شدد ترامب على ان دوره ليس «تمثيل العالم، بل تمثيل الولايات المتحدة».

لكنه، قال بنبرة تصالحية «نريد الانسجام والاستقرار وليس الحروب والنزاعات»، مؤكدًا التزام الولايات المتحدة في حلف شمال الاطلسي. اضاف: «زمن المعارك غير المجدية قد ولى»، مشدداً على ضرورة توحيد البلاد.

وختم ترامب الذي سجلت شعبيته تراجعا قياسيا بالنسبة الى اسلافه في مطلع ولاياتهم بالقول: «هذه رؤيتنا ومهمتنا لكن السبيل الوحيد للتوصل اليها هو من خلال وحدتنا».

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008