واشنطن – حسين عبد الحسين
قالت مصادر مطلعة في واشنطن لـ»العالم» امس الجمعة، ان النقاش حول تأجيل الانسحاب الاميركي من العراق قد «بدأ لتوه» بعد مطالبة رسمية بإبقاء لواء في محيط كركوك، وكشفت ان الجنرالات بحاجة الى قرار سياسي سريع كي يغيروا خططهم إن لزم الامر، لكن خبيرا اميركيا ذكر ان هذا الملف سيحرج البيت الابيض كثيرا لا سيما وأن انتخابات الكونغرس على الابواب.
وفي مؤشر على مدى القلق الذي يسيطر على المسؤولين الاميركيين من هشاشة الوضع الامني في العراق مع اقتراب موعد انسحاب القوات الاميركية المقاتلة، اوردت مصادر في واشنطن ان قائد القوات الاميركية في العراق، راي اوديرنو، طالب بابقاء لواء مقاتل في محيط مدينة كركوك الشمالية، الى ما بعد التاريخ المحدد للانسحاب.
ومن المقرر ان تنسحب القوات الاميركية المقاتلة من العراق مع حلول شهر آب (اغسطس) المقبل، مخلفة وراءها ستة ألوية غير مقاتلة (ما مجموعه 30 الف جندي) تكتفي بتقديم الدعم اللوجستي والمؤازرة للقوى الامنية العراقية. بيد انه، حسب جدول الانسحاب الذي حددته واشنطن، سيتم سحب القوات كافة قبل نهاية العام 2011.
المصادر الاميركية قالت انه اثناء اجتماعه مع الرئيس باراك اوباما، الاسبوع الماضي، طالب اوديرنو بابقاء لواء في محيط مدينة كركوك المتنازع عليها بين العرب والكرد، الى ما بعد موعد الانسحاب المقرر.
واضافت المصادر ان الرئيس الاميركي «اومأ برأسه» ردا على مطلب الجنرال الاميركي، من دون ان تحدد ان كان اوباما اعطى موافقته على مطلب اوديرنو ام لا.
وفي حال قررت الولايات المتحدة ابقاء الوية مقاتلة اضافية، فان ذلك سيتطلب تعديلا للاتفاقية الامنية مع الحكومة العراقية، ويخشى المسؤولون الاميركيون في هذه الحالة ان تطول عملية تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في 7 آذار (مارس)، مما قد يؤثر سلبا على الوضع الامني في البلاد، وقد يعرقل اقرار اي تعديل على الاتفاقية الامنية، في حال طرأت الحاجة الى ذلك.
ولطالما كـــرر المسؤولون الاميركيون قلقهم من ان يؤدي اي توتر في العلاقات العربية – الكردية الى ضعضعة الوضع الامني في البلاد، وان تقوم المجموعات المتطرفة باستغلال هذا الانقسام السياسي لارتكاب اعمال عنفية بحق السكان من الجهتين.
ويطالب الكرد بالالتزام بالمادة 140 من الدستور، التي تلزم الحكومة باجراء استفتاء لتحديد مصير المدينة، الغنية بالنفط، وتحديد امكانية انضمامها الى اقليم كردستان، فيما ينقسم العرب بين مطالب بالحاق كركوك بالحكومة المركزية ومعارض.
المصادر الاميركية علقت ان «النقاش حول تمديد محتمل للقوات الاميركية المقاتلة بدأ للتو»، وان الخيار امام الرئيس الاميركي سيكون صعبا، اذ ان عدم الالتزام بجدول الانسحاب سيكسر تعهد اوباما امام الاميركيين، وهو الموضوع الذي قد يستغله خصومه السياسيون على ابواب انتخابات الكونغرس الاميركية المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
في هذا السياق، علق المحلل السياسي والخبير في شؤون العراق اندرو ماكنيلي في تصريح لـ «العالم»، بالقول ان المشكلة الرئيسية «تكمن في ان المسؤولين العراقيين ما زالوا لا يتحملون المسؤولية المطلوبة، فحل المشاكل العربية – الكردية هو موضوع عراقي داخلي، ولا يجب اقحام الولايات المتحدة فيه او اجبارها على التمديد لوجود قواتها المقاتلة الى ما بعد موعد الانسحاب».
واضاف «ما زال من المبكر الحديث عن موضوع التمديد لوجود القوات المقاتلة، على الاقل حتى تتم الانتخابات العراقية وينجلي المشهد السياسي قليلا».
ولكن الجنرالات، حسب الخبير الاميركي، غالبا ما ينظرون الى المستقبل، اذ ان «اي قرار تمديد للقوات المقاتلة يحتاج الى تخطيط مسبق، ولا يمكن ابرامه في آخر لحظة، على عكس القرارات السياسية التي تحتمل التأجيل حتى ربع الساعة الاخير».
وختم ماكنيلي بالقول ان احتمال التمديد للقوات يعني ان العراق سيبقى اولوية بالنسبة لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط على المديين المتوسط والبعيد.
وينفي المسؤولون الحكوميون في بغداد اي اتفاق على تأجيل الانسحاب الاميركي ويتحدثون بتفاؤل عن جاهزية القوات العراقية، كما يحاولون تبديد اي مخاوف تثيرها واشنطن بشأن احتمالات تصاعد العنف او تفجر النزاعات مع الاكراد في المناطق المختلف بشأنها شمال البلاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق