واشنطن - من حسين عبد الحسين
كشف الصحافي جايمس روزن، نقلا عن وزير الخارجية الراحل الكسندر هيغ، ان الخطة الاميركية الاصلية في لبنان، في العام 1982، كانت تقضي بارسال قوات متعددة الجنسية للاشراف على انسحاب كل من «سورية، ومنظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل»، وتسليم البلاد لسيادة اللبنانيين، لا لحماية منظمة التحرير، من الاسرائيليين.
وكان روزن اجرى، في يوليو 2000، حوارا مطولا مع وزير الخارجية الاميركي ابان الاجتياح الاسرائيلي للبنان في 1982، والذي توفي في 20 فبراير الماضي. ولم ينشر الصحافي الا مقتطفات من الحوار، للمرة الاولى، في صحيفة «واشنطن بوست»، اول من امس.
ويقول هيغ: «عندما وصلنا الى حرب الشرق الاوسط، في لبنان، كان بامكاننا ان ننهي تلك الحرب بشروط كان من شأنها ان تجنبنا الوضع الذي نواجهه اليوم». ويضيف: «كنا سنعيد لبنان الى سيطرة سيادة شعبه».
ويصف وزير الخارجية الراحل، كيفية التوصل الى وضع خطة، التي لم يتم تنفيذها، لانهاء الاجتياح الاسرائيلي، الذي بدأ في 5 يونيو، ويقول: «ذهبت الى الرئيس (الراحل رونالد ريغان) وقلت له، اسمع، ستواجه مشاكل كبيرة جدا، وانا لا اريد ان اكون جزءا منها... اذن، اما دعني افعل ما عينتني لافعله، او آتي لنفسك بوزير خارجية غيري».
وقال ريغان، حسب هيغ، «حسنا يا آل، ارجوك ان تبقى في الادارة وان تتوصل الى حل لهذه المشكلة في الشرق الاوسط».
ويزعم هيغ انه توصل الى حل المسألة اللبنانية مرتين، المرة الاولى كانت قبل وفاة العاهل السعودي الراحل الملك خالد في 13 يونيو، 1982. ويقول: «كان لدينا جدول زمني لانسحاب القوات الاسرائيلية من لبنان، ولذلك قمت بانشاء القوات المتعددة الجنسية كي تذهب الى بيروت، لا لتمنع الاسرائيليين من (تنفيذ أي اعمال) وحشية بحق منظمة التحرير الفلسطينية، بل للاشراف على انسحاب سورية، والمنظمة، واسرائيل».
لكن الخطة الاساسية تم تقويضها. يتابع هيغ: «ذهب (نائب الرئيس جورج) بوش و(وزير الدفاع كاسبر) كاب واينبرغر، بتعليمات من (رئيس موظفي البيت الابيض جيمس) جيم بيكر، الى مأتم الملك خالد، واجتمعوا مع السعوديين سرا، وقالوا لهم، اسمعوا يا شباب، هذا هيغ لا يتكلم باسم حكومة الولايات المتحدة». ويضيف وزير الخارجية السابق: «بناء عليها، تنصل السعوديون فورا من الاتفاقية، التي كنت قد اضطررت الى الضغط عليهم كي يقبلونها».
ومما يرويه هيغ، ان رسالة سرية وصلته عن فحوى الاجتماع الاميركي السعودي، فذهب بها الى ريغان، وقال له «انظر، لا تستطيع ان تدير حكومة بهذا الشكل»، فاجابه ريغان: «ارجوك ان تبقى».
ويتابع هيغ: «بقيت، واعدت بناء الخطة باكملها عن طريق ترويع السعوديين، وقلت للرئيس اعتقد ان لدينا خطة الآن، لكنها دقيقة جدا، وعلينا ان نتعاطى معها بعناية، وذهبت لقضاء عطلة نهاية الاسبوع في منزلي». واتصل مساعد ريغان، جورج شولتز، بهيغ، وقال له ان الرئيس يبلغه ان «الوقت حان لمغادرة منصبه». واستقال هيغ في 5 يوليو 1982، وتم تعيين شولتز، وهو خبير اقتصادي، خلفا له على رأس وزارة الخارجية.
ويوضح هايغ: «ثم جاء مستشار الامن القومي بيل كلاركس، وقال (لوزير الدفاع)، انظر يا كاب، تعال نرسل تلك القوات متعددة الجنسية لمنع الاوغاد الاسرائيليين من ممارسة الوحشية بحق منظمة التحرير الفلسطينية».
ودخلت متعددة الجنسية الى بيروت في الاسبوع الاخير من اغسطس 1982، الا انها لم تمنع وقوع مذابح بحق المدنيين في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين، ارتكبتها ما يعتقد انها مجموعات لبنانية، بمؤازرة اسرائيلية.
ويختم ان «في اللحظة التي دخلت فيها» القوات متعددة الجنسية الى بيروت، «هل تعرف ما الذي حصل»؟ ويجيب: «الروس، الذين كانوا غادروا دمشق لتوهم، قالوا آه، ها هو (تحالف) الناتو، واوروبا، قد جاؤوا، ثم، بوم، عادوا الى دمشق، وكانت تلك النهاية».
وفي 23 اكتوبر 1983، تعرضت متعددة الجنسية في بيروت الى هجومين متزامنين، اديا الى مقتل 241 جنديا اميركيا، و58 جنديا فرنسيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق