واشنطن - من حسين عبد الحسين
أكدت تصريحات مسؤولين سوريين ولبنانيين حول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ما نقلته «الراي»، في سبتمبر الماضي، عن مصادر تعمل عن كثب على موضوع المحكمة، وقالت في حينه ان حجر العثرة امام اصدار القرار الظني كان «يكمن في صعوبة استدعاء شهود للتحقيق، قد يثبت لاحقا تورطهم، ويتم الادعاء في حقهم، في جريمة اغتيال رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري».
وسرت انباء في لبنان، عن ان فريق التحقيق الدولي قام باستدعاء عددا من اللبنانيين للتحقيق في الجريمة، من بينهم افراد في «حزب الله».
وتوقعت المصادر في حينه: «في غضون 12 شهرا، ستظهر الحقيقة الى الملأ، حتى لو اضطرت المحكمة الى اصدار القرار الظني غيابيا».
وعلمت «الراي»، ان في ظل الحركة الجدية لطاقم المحكمة، وصل الاسبوع الماضي الى نيويورك حيث مقر الامم المتحدة والى واشنطن، عدد من مسستشاري الفريق السوري - اللبناني «لاستكشاف الى اي مستوى قيادي وصلت المحكمة في السيناريو الذي ترسمه لحصول الجريمة».
وكررت المصادر المعنية ما قالته في سبتمبر، من ان «المطلوب قضائيا قبل اصدار قرار ظني في حق هذا الشخص او ذاك، ان يتم استدعاء الشخص اولا بصفة شاهد والتحقيق معه، وان ظهرت امكانية تورطه يصار الى توجيه تهم الادعاء في حقه، من دون احتجازه على ذمة التحقيق، ولكن مع وضعه تحت برنامج حماية الشهود خوفا على حياته».
وقالت ان الملف المتوافر في ايدي المحكمة يشير الى امكانية تورط افرادا مرتبطين باحزاب لبنانية نافذة، ما دفع المدعي العام القاضي دانيال بلمار الى تدبيج مسودة اتفاق مع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، تلحظ آلية استدعاء شهود لبنانيين. واضافت «ان تعذر الاتفاق بين المحكمة الدولية وحكومة لبنان، التي تواجه صعوبات اصلا في فرض سلطتها على بعض اراضي الجمهورية حيث يعتقد وجود بعض الشهود او المتهمين، جعل من غير الممكن المتابعة في العمل على اصدار القرار الظني».
المصادر تابعت انه بعد ان تمت عرقلة عمل المحكمة الدولية من خلال القنوات الرسمية المعتمدة، «استشارت المحكمة اجهزة امنية لبنانية في امكانية مؤازرة قوة دولية لاعتقال بعض الشهود وجلبهم الى العدالة، على غرار عملية القبض على الضباط الاربعة».
الا ان الاجهزة الامنية اللبنانية، في ذلك الوقت، «رفضت مؤازرة اي عمليات من هذا النوع في ضاحية بيروت الجنوبية، او الجنوب، او البقاع».
اذ ذاك عاد القيمون على المحكمة الى الشرعية الدولية، من دون المرور بالاجهزة اللبنانية، فوقعت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اتفاقية مع الشرطة الدولية (الانتربول) التي كان يؤمل في ان تتمكن من القبض على مطلوبين ونقلهم الى لاهاي، حيث مقر المحكمة، ليصار التحقيق معهم، واما الافراج عنهم، واما اصدار اتهامات في حقهم وسوقهم الى المحاكمة.
توقعات المصادر لـ «الراي» في سبتمبر، جاءت فيما كان رئيس حكومة لبنان سعد الحريري يخوض في عملية معقدة لتشكيل حكومته، في وقت تولى فؤاد السنيورة رئاسة حكومة تصريف اعمال.
تقول مصادر اميركية انها رصدت، منذ ذلك الوقت، عددا من الاجتماعات بين رموز كبيرة من الغالبية والامين العام «حزب الله» السيد حسن نصرالله، خصوصا منذ فوز تحالف الحريري بالانتخابات في يونيو الماضي. واضافت: «من السهل الوقوف على مضمون هذه الاجتماعات حتى لو من خلال التقارير الاعلامية وحدها».
وأشارت الى ما كتبته احدى الصحف اللبنانية المحلية، اثناء تغطيتها لاجتماع بين الحريري ونصر الله في 26 مايو، وجاء فيها ان خلال محاولة اقناع نصرالله دخول الحكومة، قال الحريري انه «مستعد لتقديم كل الضمانات التي تخص الحزب والمقاومة من جهة، وتخص بقية قوى المعارضة من جهة ثانية».
واضافت الصحيفة، حسب المصادر، ان الحريري «حاول التركيز على ملف المقاومة، لكن يبدو أن نصرالله شرح له بما فيه الكفاية انه موضوع خارج البحث». وتساءلت «لماذا ابقى نصرالله ضمانات الحريري خارج البحث»؟ لتجيب بالاشارة الى خطاب لنصرالله في 17 يوليو، ذكر فيه «يقال ان حزب الله لديه مخاوف وهواجس معينة مما يثار حاليا في مكان وآخر في ما يتصل بعمل المحكمة الدولية في المرحلة المقبلة، ولذلك يعوق او يعطل او يعقد موضوع الحكومة لأنه يريد ضمانات في مسألة المحكمة، وأنا أيضا أقول هذا كلام غير صحيح ونحن لا نطلب ضمانات في مسألة المحكمة، ولم نطلب ضمانات في مسألة المحكمة، وهذا الامر لم يناقش اساسا بيني وبين الرئيس المكلف... اصلا هذا الامر مش طارحينه للنقاش نهائيا».
وتقول المصادر ان المعلومات المتوافرة لديها تفيد ان «رموزا في الغالبية حاولوا تقديم ضمانات بانه في حال ادانت المحكمة الدولية فردا او اكثر من حزب الله، فان الادانة لن تطول الحزب ككل، ولا قيادته، بل سيتم التعامل مع سيناريو كهذا ان المجموعة هي اختراق داخل الحزب». وتضيف ان نصرالله اجاب من تحدثوا اليه في هذا الشأن، بالقول ان الطرح مرفوض بكل اشكاله، و«هو غير مطروح للنقاش»، حسب المصادر الاميركية، «وهذا ما رواه نصرالله علنا... ونحن نعرف ان حزب الله لا يمانع ان يبدي له اي سياسي لبناني دعما، وهو ما يجعل رفض الضمانات لما يسمى بالمقاومة موضوعا غير منطقي».
بدورها، تعود المصادر المعنية بالمحكمة للتذكير بما قالته لـ«الراي»، في سبتمبر، من ان المحكمة الدولية «لا تراوح مكانها، بل هي تتقدم في عملها وشارفت على كشف كل خيوط الجريمة، ما ادى الى توتر بعض الاطراف المعنية للمرة الاولى منذ سنوات، بعد ان اعلنت هذه الاطراف نفسها مرارا في الماضي ان المحكمة الدولية لا تعنيها». وتضيف ان «العدالة الدولية ليست بيد احد من السياسيين الدوليين او اللبنانيين، ولا يمكن لاي احد منهم تقديم ضمانات للآخر بشأن عملها، او ما ستتوصل اليه».
وتختم بالقول ان «اقصى ما يمكن لاي سياسي تقديمه هو موقف سياسي متضامن، لا يؤثر في مسار العدالة، وقد يكون هذا الموقف هو الذي جرى الحديث عنه في العلن، وغيابه هو ما ادى الى اندلاع حملة لبنانية داخلية ضد كبار مسؤولي الدولة».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق