واشنطن – حسين عبد الحسين
لو فرض المجتمع الدولي عقوبات على ايران شبيهة بتلك التي تم فرضها على العراق في التسعينيات، لاوقفت طهران برنامجها النووي وهرولت الى المفاوضات للتوصل الى تسوية، على حد تعبير خبراء اميركيين.
وجهة النظر الاميركية هذه تأتي في وقت يحتدم النقاش حول جدوى العقوبات التي تحاول واشنطن فرضها على طهران من خلال مجلس الامن الدولي، فيعتبر الرئيس باراك اوباما وادارته ان مجموعة العقوبات المتوقع اقرارها قبل نهاية الشهر الحالي، ستكون "عقوبات موجعة"، حسب التعبير الذي استخدمه اوباما في مقابلة اجرتها معه صحيفة "نيويورك تايمز"، فيما يقول مناوؤون ان العقوبات بشكلها الحالي لن تجدي نفعا.
"تغيير النظام في ايران" كان عنوان الحوار الذي تم عقده في "معهد العلاقات الخارجية"، امس الاول، وشارك فيه الباحثان في "مركز العلاقات الخارجية"، الاميركي من اصل ايراني راي تقية، ومسؤول الشرق الاوسط السابق في مجلس الامن القومي اليوت ابرامز، الى جانب الباحثة في معهد "اميريكان انتبرايز" دانيال بلتكا.
تقية قال: "ان الطريقة الوحيدة لاجبار طهران على التعاون في ملفها النووي هو في فرض عقوبات شبيهة بتلك التي تم فرضها على عراق صدام حسين في التسعينيات". واضاف: "لو تم التلويح بعقوبات جدية كهذه، لرأينا النظام الايراني يهرع الى ايقاف برنامجه النووي والحضور الى طاولة المفاوضات، لكني لا ارى نظاما دوليا متماسكا حاليا او متجها صوب هذا النوع من العقوبات".
وتساءل تقية: "هل يقبل الصينيون بسحب 3 ونصف مليون برميل نفط ايراني من سوق النفط الدولية؟" واضاف: "منذ 12 حزيران (يونيو) تاريخ انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد لولاية ثانية)، ارتكب النظام الايراني سلسلة من الاخطاء، كان من الممكن ان يتفاداها، ولكن التفكير السائد لديه هو ان اي تنازل من قبله للمعارضة سوف يشكل بداية انهيار النظام باكمله... بذلك لم يقدم النظام على اي شيء منطقي منذ 12 حزيران (يونيو)". وفي معرض حديثه عن المعارضة الايرانية التي بدأت تتشكل بعد الانتخابات الايرانية قال تقية: "الحركة الخضراء وهي متواضعة في مطالبها" موضحا ان "حتى (الرئيس السابق هاشمي) رفسنجاني قدم ثلاثة او اربعة خيارات للحلول، ولكن النظام اصر على رفضها جميعها". وكما رفض نظام طهران الحلول التي تقدمت بها المعارضة، يرى تقية انه رفض الحلول الدولية بشأن ملفه النووي، وهو لا يأبه كثيرا للعقوبات. وقال: "هذا نظام يقبع تحت العقوبات منذ 30 عاما... الامم المتحدة فرضت عليه اربعة حزم من العقوبات حتى الان، فضلا عن عدد كبير من التوبيخات من وكالة الطاقة الذرية".
واضاف المحلل الايراني قائلا: "لو سمح النظام الايراني بانتخاب زعيم المعارضة مير حسين موسوي رئيسا، لاختلف التعاطي العالمي مع ايران، ولكان فرض العقوبات اصعب، اذ كانت الاصوات العالمية ستتعالى من اجل تقديم كل ما هو ممكن لتقوية وضع موسوي في وجه النظام".
بدوره، قال ابرامز ان المفارقة تكمن في ان موازنة ايران الدفاعية لا تصل الى 10 بليون دولار سنويا، ومع ذلك نرى طهران تفرض مشيئتها في المنطقة، فيما تقف اميركا، وموازنتها الدفاعية البالغة ترليون دولار، عاجزة عن وقف ايران. واضاف: "على مدى عقود مضت، قامت ايران ومازالت تقوم بقتل اميركيين فيما المؤسسة العسكرية الاميركية تصر على ان تبتعد عن المواجهة مع ايران... كان من المفروض ان تستخدم الولايات المتحدة قوتها العسكرية لجعل ايران وسورية تدفعان الثمن في مقابل دعمهما لقتل اميركيين، وعندما لم نفعل ذلك، لم يعد امام هذه الدول من رادع في الاعتداء علينا، بالرغم من التباين الكبير في القوة العسكرية".
اما بلتكا فرأت ان العقوبات لم تعد تجدي نفعا في هذه المرحلة بالذات مشيرة الى "الرئيس السابق جورج بوش فتح باب الحوار مع ايران، ومنذ ذلك الحين وحتى الان، لم يتوصل المجتمع الدولي الى نتائج في الحوار مع طهران". واوضحت بلتكا: "ليس لدينا خطط بديلة... والآن نتصرف بسعادة عند سماعنا تفاصيل، مثل ان الصين وافقت على الحوار معنا عن موضوع ايران النووي". وحذرت بلتكا من القوة الايرانية المتعاظمة في الشرق الاوسط بالقول انه في حال اندلاع مواجهة عسكرية، فانه "لدى الايرانيين امكانية تغيير الديناميكية الاقليمية بطريقة لا يمكننا حتى ان نبدأ بتصورها".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق