واشنطن – حسين عبد الحسين
العراق صار مصدرا للملل بين معظم الاميركيين من الحزبين، حسب عدد من المؤشرات التي يجري تناولها في العاصمة الاميركية، اذ يسود مزاج قاتم، يشوبه التشاؤم حيال دور واشنطن في العراق بعد نحو 7 اعوام من حرب 2003.
وتقول اوساط سياسية ومعلقون وخبراء اميركان ان جميع المؤشرات تدل على تراجع في الاهتمام بالملف العراقي، ليس لدى ادارة الرئيس باراك اوباما فحسب، بل بين معظم الجمهوريين، وهم كانوا – حتى الامس القريب – من ابرز المؤيدين للحرب ولدعم الديموقراطية العراقية. بل باتت وسائل الاعلام تنقل عن قياديين في الحزب الجمهوري قولهم ان حرب العراق "كانت غلطة".
ويمتد التشاؤم في الرأي العام الاميركي ليشمل التوقعات المستقبلية، فيعتبر 56 في المئة من الاميركان ان الجيش الاميركي لن ينسحب من العراق في الموعد المقرر. واظهر استطلاع آخر اجراه معهد غالوب اليساري، نهاية شهر شباط الماضي، ان اكثرية الاميركيين يعتقدون انه على الرغم من تضحياتهم في العراق، فان العراقيين "لا يردون الجميل". لذلك، تشهد نسبة الاميركيين ممن ينظرون الى العراق بسلبية تزايدا مضطردا وتصل الى 73 في المئة، في مقابل انخفاض في عدد الاميركيين ممن ينظرون اليه بايجابية.
ويعود السبب في هذا التراجع، حسب معظم الباحثين، الى ما يمكن تلخيصه بمقولة يرددها الساسة وكبار جنرالات الجيش، وهي: "لا يمكننا (الاميركيين) ان نكون اكثر عراقية من العراقيين".
ويقول اميركيون ان الولايات المتحدة انفقت حتى الان اكثر من 700 مليار دولار، وتكبدت اكثر من اربعة الاف قتيل بين صفوف جيشها، فيما يستمر السياسيون العراقيون في خلافاتهم، التي تعيق نمو البلاد ونظامها السياسي، وتؤثر سلبا على الاستقرار الامني.
مالو انوسنت، وهو باحث يميني في معهد "كاتو" المحافظ، كشف ان عضوين من الحزب الجمهوري من الكونغرس حضرا الى المعهد مؤخرا، وابلغا القيمين عليه بأن "معظم الجمهوريين في الكونغرس صاروا الان يعتقدون ان حرب العراق كانت غلطة".
ويمثل هذا التغيير في الموقف الجمهوري، انقلابا جذريا لا سابق له بين الاميركيين. ويعزو باحثون اميركيون "الانقلاب الجمهوري" هذا الى انعطافة مماثلة لدى الرأي العام الاميركي، اذ اشارت احدث استطلاعات الرأي، التي اجراها معهد راسموسن اليميني اواخر الشهر الماضي، الى ان ما يقارب ثلثي الاميركيين يعارضون استمرار الوجود في العراق الى ما بعد موعد الانسحاب المقرر في 2011. ويعتقد هؤلاء انه في حال تجددت اعمال العنف بين العراقين، فانه على العراقيين انفسهم تولي ضبط الوضع الامني.
وفي افتتاحية صحيفة "كريستيان ساينس مونيتر" امس الاول، كتب مالوا اونسنت "ان ازاحة صدام حسين كقوة رئيسية استراتيجية مواجهة لايران، مهدت الطريق لتمدد النفوذ الايراني في العراق، وسمحت لطهران بمزيد من المناعة، دعم حلفائها السياسيين في بغداد".
واضاف "هناك عدد من المراقبين ممن اعتبروا ان انتخابات 7 آذار هي دليل على ان نشر الديموقراطية عن طريق الاحتلال العسكري امر ممكن. لا تصدقوا ذلك. مازالت حرب العراق غلطة ذات ابعاد هائلة... اما الانتخابات، فتمثل انتصارا صغيرا، اذ ترتفع التكلفة الافتصادية والسياسية والمعنوية للاحتلال لتتفوق على المكاسب بكثير".
وختم انوسنت مقالته بالقول "بعد سبع سنوات، لنأمل ان الاميركيين تعلموا الدروس اللازمة، ولنأمل ان الاوضاع في الشرق الاوسط ستتغير نحو الافضل".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق