| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
اكدت مصادر اميركية ما اوردته صحيفة «وول ستريت جورنال» حول قيام اجهزة استخبارات اوروبية بالاتصال مع نظيرتها التابعة للرئيس السوري بشار الاسد. الا ان المصادر قالت ان «مجموعة الاسد تسعى الى تضخيم الامر لاهداف سياسية»، وان «هذا التواصل الاستخباراتي (الاوروبي - السوري) لم ينقطع حتى بعد قطع هذه الدول علاقاتها الديبلوماسية مع دمشق»، وان «لا جديد في الموضوع».
وكانت الصحيفة قالت ان مسؤولا سابقا في وكالة الاستخبارات البريطانية «ام آي 6» قام بزيارة دمشق في الصيف مبعوثا من الحكومة البريطانية للتنسيق مع اجهزة الاسد حول مقاتلين من اصول بريطانية دخلوا سورية وانضموا الى مجموعات قتالية متطرفة.
وقال المسؤولون الاميركيون ان العميل السابق المذكور مقيم في بيروت منذ سنوات، ويتمتع بعلاقات جيدة مع «حزب الله» ومع مسؤولين لبنانيين آخرين يعملون بامرة رئيس جهاز أمن الدولة السوري السابق ومدير مكتب الامن القومي حاليا علي مملوك. والوسطاء اللبنانيون يشكلون ايضا قناة بين مملوك والفرنسيين، حتى ان بعض هؤلاء اللبنانيين سبق ان شاركوا في الماضي لقاءات بين الاسد ومسؤولين فرنسيين.
وتقول المصادر الاميركية ان الاسبان لم يتخلوا كذلك عن قنوات اتصالاتهم مع الاسد، حتى بعد اندلاع الثورة في مارس 2011 وقطع معظم الدول علاقاتها الديبلوماسية معه مطلع العام 2012. وكما الاسبان، كذلك حافظ الالمان على خطوط اتصالاتهم مع دمشق.
الاميركيون بدورهم حاولوا في فترة «الانخراط مع الاسد»، التي تلت انتخاب الرئيس باراك أوباما مطلع العام 2009، اقامة قنوات مشابهة تعمل على التنسيق في شؤون مكافحة الارهاب. وتظهر وثائق وزارة الخارجية، التي سربها موقع «ويكيليكس»، انه اثر الزيارات التي قام بها مسؤولون اميركيون الى دمشق ولقائهم الاسد، وافق الاخير على استقبال منسق مكافحة الارهاب السابق في الخارجية السفير دانيال بنجامين، الذي زار العاصمة السورية، واثناء احد لقاءاته، فاجأه مملوك بمشاركة لم تكن مقررة.
الا ان القناة الاميركية - السورية لم تعمّر كثيرا، وانهارت بسرعة على اثر اندلاع الثورة المطالبة بتنحي الاسد.
الاوروبيون كذلك خففوا من وتيرة اتصالاتهم مع الاسد بعد الثورة، لكنهم لم يقطعوها كليا، حسب المصادر الاميركية.
واوضحت المصادر نفسها: «البريطانيون خصوصا يشعرون بالقلق من انخراط عدد من المسلمين البريطانيين في القتال الدائر في سورية الى جانب مجموعات اسلامية متطرفة، وهم لذلك يسعون للحصول على معلومات حول نشاطات هؤلاء من اي مصادر يمكنهم ان يصلوا اليها».
الا ان الاميركيين يعتقدون ان حاجة الاوروبيين الى الاسد مبالغ بها، فعملاء استخباراته بين الثوار ليسوا كثرا، وهم عرضة للموت الاكيد في حال انكشاف امرهم، والاسد يقاتل الثوار قتالا عسكريا تقليديا باستخدام قوات ارضية وجوية ومدفعية مشتركة، وجمع المعلومات الاستخباراتية مثل حول اماكن تواجد المقاتلين من الثوار يختلف عن رصدهم شخصيا وملاحقتهم وتتبع نشاطاتهم، وهذا ما لا يعتقد الاميركيون ان اجهزة الاسد قادرة على القيام به اليوم.
كذلك، تعبّر الاوساط الاميركية والاوروبية عن تشكيكها بمدى مصداقية الاسد في مكافحة الارهاب، وهي، بحسب «وول ستريت جورنال»، رصدت تفادي الاسد قصف مناطق انتشار مقاتلي تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) في وقت تقصف قواته مجموعات الثوار الاخرى، وهذا يهدف لاعطاء «داعش» المتطرف دفعا في محاولته السيطرة على مناطق الثوار.
ويقول الاميركيون ان للاسد تاريخا طويلا وعلاقات مع الشبكات المتطرفة التي كانت تتشكل في سورية وترسل مقاتليها الى العراق، وان آخر الخطوات التي ترجح المصادر الغربية ان الاسد قام بها من اجل تغذية وتشجيع الشبكات المتطرفة يتمثل باطلاق سراح القيادي في تنظيم القاعدة ابو مصعب السوري، الذي يحمل الجنسية الاسبانية ويعتقد انه ساهم في تخطيط وتنفيذ تفجيرات مدريد في 11 مارس 2004.
على ان الاوروبيين يتواصلون بشكل مكثف مع اجهزة الاستخبارات التركية، فغالبية الاوروبيين الذين ينضمون الى الثوار للقتال في صفوفهم يصلون مطار اتاتورك في اسطنبول، احيانا ببطاقة طائرة من دون عودة، وهؤلاء الشباب يذهبون الى «بيوت آمنة» في تركيا حيث يجري تجنيدهم وتسليحهم وارسالهم الى سورية.
واوضحت المصادر الاميركية ان «عملية اعداد الاوروبيين الرئيسية تجري في تركيا، وانقرة تدرك ذلك وتبقي اعينها مفتوحة على هؤلاء، وتتشارك المعلومات مع الاستخبارات الاوروبية»، مضيفة: «اما التنسيق مع الاسد فلا يعدو كونه حفاظا على قنوات استخباراتية قديمة، وكل الدول، حتى المتخاصمة، تحافظ على قنوات كهذه من دون ان يعني ذلك الاستناد اليها او تطويرها الى علاقات سياسية افضل».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق