| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
تتسابق العواصم الاوروبية حليفة واشنطن، باستثناء باريس، في انفتاحها على طهران وفي محاولتها زعزعة نظام العقوبات الدولية المفروضة على ايران بسبب برنامج الاخيرة النووي.
وزير الخارجية الالماني فرانك والتر ستاينماير قال انه يؤيد حضور ايران مؤتمر «جنيف - 2» المخصص لتسليم السلطة الى حكومة انتقالية في سورية.
وزير الخارجية البريطاني السابق، جاك سترو، الذي زار طهران على رأس وفد برلماني والتقى وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، قال ان لايران «حقا غير قابل للتصرف» في الحصول على طاقة نووية سلمية.
وما لم يقله الالمان والبريطانيون علنا، صار من شبه المؤكد ان حكوماتهم تعمل عليه خلف الكواليس.
الالمان اعادوا قنوات الاتصال مع الرئيس السوري بشار الاسد، حليف ايران، بذريعة التنسيق في مكافحة الارهاب المتمثل بالمجموعات الاسلامية المتطرفة المسلحة في بعض المناطق السورية، مثل «جبهة النصر» و«الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش)، واللتين تضعهما واشنطن على لائحة التنظيمات الارهابية.
لكن يبدو ان الاوروبيين يسعون لمحاربة «بعض الارهاب»، او على الاقل لا يمانعون من الحوار مع تنظيمات اخرى تصنفها واشنطن ارهابية، مثل «حزب الله» اللبناني، الذي تستمر الديبلوماسية البريطانية في التواصل معه بشكل مستمر.
ولأن الديبلوماسية البريطانية تبدو سباقة في انفتاحها على ايران وحلفائها، ان كان عبر اعادتها فتح سفارتها في طهران وتعيينها آجاي شرما قائما بالاعمال هناك قبل شهرين، او عن طريق الحوار مع «حزب الله»، فهي تسعى الى تعويض ما لا تستطيع حليفتها الاقرب، اي واشنطن، القيام به.
في هذه الاثناء، يعمل الاوروبيون على استصدار احكام قضائية في محاكم الاتحاد الاوروبي تطيح بمفاعيل التزامهم العقوبات الدولية التي يفرضها مجلس الامن على الحكومة الايرانية بحجة ان العقوبات «غير ديموقراطية»، وانها لا تفتح المجال لمن تطالهم بالاعتراض عليها، حسبما اورد موقع «فورين بوليسي» في تقرير.
لكن الاوروبيين قد لا ينتظرون محاكمهم حتى تسنح لهم فرصة الهروب من العقوبات على ايران، بل قد يسعون الى فتح قنوات تجارية سرا وعبر اطراف ثالثة، وفي الوقت نفسه يسعون لدى الادارة الاميركية لتجاهل هذه القنوات المستحدثة.
وعلى اثر زيارة سترو الى طهران، سرت انباء في العاصمة الاميركية مفادها ان المسؤول البريطاني السابق قد يزور واشنطن في موعد قريب للطلب من واشنطن عدم ملاحقة اي قنوات اوروبية - ايرانية تجارية جديدة، وللمساهمة في المزيد من التقريب في وجهات النظر بين ايران والولايات المتحدة، التي تشهد بدورها انقساما شديدا حول جدوى الانفتاح على ايران.
الرئيس باراك أوباما وفريقه هم ابرز المؤيدين للانفتاح. وزير الخارجية جون كيري لمح الى دور ايران في الحل السياسي في سورية، ولكن بسبب المعارضة التي قد تواجهها واشنطن من حلفائها في حال تراجعها عن موقفها السابق القاضي بمطالبة ايران باعلان التزام بنود «جنيف - 1» حتى تتمكن من حضور «جنيف - 2»، قال كيري ان دور ايران في الحل في سورية يكون مع او من دون مشاركتها في «جنيف - 2».
ونقل مقربون عن كيري اعتقاده انه لا يرى مشكلة في حضور ايران طالما ان الرئيس بشار الاسد نفسه ممثل في المؤتمر.
على ان ادارة اوباما لن تشعل معركة سياسية في واشنطن من اجل حضور ايران «جنيف - 2» لان الادارة مشغولة بمعارك سياسية اكبر مع مجلس الشيوخ، الذي يبدو ان اعضاءه، من الحزبين، اقتربوا من جمع الاصوات الستين، من اصل مئة، المطلوبة من اجل فرض مناقشة واقرار عقوبات جديدة على ايران. هذه الغالبية مطلوبة لفرض النقاش على زعيم الغالبية الديموقراطية هاري ريد، الذي يمنع ادراج بند العقوبات على جدول اعمال اي جلسة، بتعليمات من اوباما.
وبالاضافة الى معارضة الادارة الشرسة لاقرار اي عقوبات اميركية جديدة على ايران، يعاني اي قانون جديد للعقوبات من احجام عدد لابأس به من اصدقاء اسرائيل، خصوصا من الديموقراطيين، عن الموافقة على القانون التزاما بحزبيتهم، وبطلب الادارة الديموقراطية منهم ذلك.
هكذا، في وقت يصارع مؤيدو عقوبات مالية جديدة في الكونغرس لتمرير مشروعهم، تعمل عواصم اوروبية على الانفتاح على ايران وعلى التوسط لدى ادارة أوباما، المؤيدة ضمنا لهذا النوع من الانفتاح.
ويبدو ان العقود التجارية التي تسعى اليها هذه الدول الاوروبية تأتي في صدارة حساباتها ومواقفها من العقوبات على ايران. فرئيس حكومة بريطانيا دايفيد كاميرون كان قد زار الصين على رأس وفد كبير تضمن رجال اعمال بهدف الربح التجاري، والهدف نفسه يبدو انه يدفع بريطانيا لاعادة افتتاح سفارتها في طهران ولزيارة برلمانييها العاصمة الايرانية.
وكما بريطانيا، تعتقد المانيا كذلك ان في ايران سوقا واعدة في حال تم رفع العقوبات، وهو ما يدفع برلين الى محاولة التقرب من الايرانيين.
وكما بريطانيا والمانيا، في واشنطن «لوبي» مؤيد للنظام الايراني يعتقد ان نهاية العقوبات قد تأتي عليه بعقود نفطية او غيرها، وهذا ما يحرك اعضاء هذا اللوبي في محاولتهم رفع العقوبات وحمل اميركا على الانفتاح على ايران، مع او من دون برنامج نووي.
وحدها فرنسا مازالت متمسكة بابقاء العقوبات الدولية، ورفع الجزء الذي تم الاتفاق عليه في جنيف في نوفمبر الماضي فقط، حتى يتم التوصل الى اتفاق نهائي تتخلى بموجبه ايران عن طموحاتها النووية، ما يسمح لمجلس الامن بالالتئام والتصويت على ابطال مفاعيل قرارته السابقة التي فرض بموجبها العقوبات.
فرنسا، التي زار رئيسها فرنسوا هولاند الخليج الشهر الماضي ووقع عقودا دفاعية وتجارية، يبدو انها بغنى عن الدخول في السباق الاوروبي - الاميركي في اتجاه طهران.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق