الخميس، 30 يناير 2014

خبراء للكونغرس: الاتفاق الدائم مع إيران رهن بكشفها عن برنامج تسلّحها النووي

• معهد اميركي يؤكد انها تقيم منشآت سرية منذ التسعينات
• يمكن لطهران الاقتراب إلى حد 3 أشهر من صناعة السلاح النووي من دون معرفة المجتمع الدولي

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

تتناقل الاوساط الاميركية حادثة مفادها انه لم يكد يمض اسابيع على توقيع «خطة العمل المشترك» بين مجموعة دول خمس زائد واحد وايران، في جنيف في 24 نوفمبر الماضي، حتى وقع خلاف بين ممثلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعاملين ايرانيين في منشأة ناتانز حاولوا ضخ غاز «يورانيوم هيكسافلورايد» في طرد مركزي متطور لم تكن ايران قد وضعته في الخدمة قبلا، وهو ما أرجأ التوصل الى اتفاقية «التفاهم التقني» بين الطرفين الى 11 يناير.

وتضيف الاوساط ان «الاتفاق التقني» سمح في ما بعد للايرانيين بتشغيل هذا الطرد، معتبرة ان اتفاقية جنيف المؤقتة، اي «خطة العمل المشترك»، لا تشمل كل اعمال «الابحاث والتطوير» الايرانية في مجال الطرود المركزية، وان الاتفاقية تمنع فقط ضخ غاز «يورانيوم هيكسافلورايد» في طرود تتم اضافتها حديثا، اي انه يمكن لايران ان تطور طرودا وتضخ فيها غازات من نوع آخر من دون ان تخرق الاتفاقية المؤقتة.

ويعتقد ابرز الخبراء المتابعين للملف النووي الايراني في العاصمة الاميركية دايفيد اولبرايت ان المجتمع الدولي وايران توصلا الى ما يمكن للطرفين الاتفاق عليه في جنيف، لكن الجزء الاصعب يكمن في التوصل الى تسوية في المجالات التي يختلف عليها الطرفان، وهي كثيرة.

وكان «معهد العلوم والامن الدولي»، الذي يترأسه اولبرايت، اصدر دراسة هذا الاسبوع اشار فيها الى مكامن الضعف في اتفاقية جنيف، وابرزها ان الاتفاقية تغطي منشآت معينة مثل ناتانز وفوردو وآراك، ولكنها لا تغطي منشآت اخرى سبق للايرانيين ان اجروا فيها ابحاثا ونشاطات نووية في الماضي، مثل «محطة كهرباء كالايه» وموقعي «فاراياند تكنيك» و«بارس تراش».

وسبق لايران ان اجرت ابحاثا نووية سرية في هذه المواقع اثناء اتفاق مع الاوروبيين قبل العام 2003 قضى بتجميد نشاطاتها النووية. ثم حاولت اخفاء هذه النشاطات عن اعين مفتشي وكالة الطاقة الذرية بنقلها المواد بين المنشآت. وفي وقت لاحق، اعترفت ايران انها خبأت ابحاثا ومواد مرتبطة ببرنامجها النووي اثناء فترة التجميد، وابلغت الوكالة انها نقلت نشاطات «محطة كهرباء كالايه» الى ناتانز.

لكن الدراسة تخشى من ان غياب بند لمراقبة المواقع المذكورة في اتفاقية جنيف قد يسمح لطهران بتطوير ابحاث ونشاطات نووية فيها من دون اشراف دولي، وهو الذي يفترض انه صار يراقب كل نشاطات ايران النووية الحالية.

وتحدث اولبرايت امام مجموعة من العاملين في الكونغرس في مبنى رايبرن، وقال ان معهده كان من المؤسسات القليلة التي طعنت في رواية الادارة حول امتلاك نظام صدام حسين لاسلحة كيماوية في العراق. وقال اولبرايت انه «فيما كنا نشكك برواية العراق، كنا نرى كوضح النهار ان ايران تقيم منشآت نووية سرية، وتتقدم في برنامجها النووي، وتتحدى وكالة الطاقة الذرية، وذلك كان تحديا يعود في تاريخه الى منتصف التسعينات».

واضاف اولبرايت ان «هناك ازمة ثقة حقيقية مع ايران، وواحدة من المشاكل الكبرى في التوصل الى اتفاق معها تكمن في رفض طهران الاعتراف بنشاطاتها السرية الماضية، وهي نشاطات نووية معمقة، وتتضمن العمل على تطوير اسلحة نووية، لا على غاز اليورانيوم فحسب».

وتابع الخبير الاميركي ان التوصل الى اتفاق دائم مع ايران هو رهن بكشفها عن برنامج تسلحها النووي، وان «مجموعة دول خمسة زائد واحد تعمل بالاجماع، ما يعني انه يمكن لاي منها عرقلة رفع العقوبات في مجلس الامن الدولي اذا لم تقتنع بشفافية الايرانيين، وهو ما يعني ان على ايران ان تغير سلوكها بشكل جذري في حال ارادت التوصل الى اتفاق».

وبالتعليق على الجدال في واشنطن حول حصر الخيارات بين التوصل الى اتفاق مع ايران او الذهاب الى حرب معها، قال اولبرايت انه يخالف هذا الرأي، ويعتقد ان هناك خيارا ثالثا هو المعتمد منذ سنوات وحتى الآن، والمبني على مزيج من الضغط الديبلوماسي والعقوبات الاقتصادية المقترنة بالتهديد باللجوء الى الخيار العسكري ان اقتضى الامر.

والخيار العسكري مشكلة، بحسب الخبير الاميركي، الذي يعتقد انه يمكن لايران ان تقترب الى حد ثلاثة اشهر من صناعة سلاح نووي من دون معرفة المجتمع الدولي بذلك. فترة الاشهر الثلاثة هذه ليست كافية لبناء تحالف دولي يوجه ضربة عسكرية اذ ان بناء اي تحالف من هذا النوع يحتاج الى ستة اشهر من الاستعدادات السياسية والعسكرية، وهو ما سيجبر واشنطن على شن حرب احادية ضد ايران، وهو امر لا تحبذه غالبية الاميركيين.

وختم اولبرايت ان التراجع عن توجيه ضربة عسكرية اميركية الى قوات بشار الاسد في سبتمبر الماضي، على اثر شن قواته هجوما كيماويا ضد مدنيين في ضاحية دمشق، عزز من اعتقاد الايرانيين بأن اميركا لن تشن اي حروب احادية في الوقت الراهن.

ووافق الخبير انتوني كوردسمان، وهو رئيس «مركز الدراسات الدولية»، اولبرايت القول ان ضربة استباقية او سريعة ليست كافية للقضاء على البرنامج النووي الايراني. وقال كوردسمان في الجلسة نفسها: «اذا قرأتم في اي صحيفة او دراسة انه يمكن انجاز ضربة ايران في اقل من 80 هدفا، اعلموا ان هذا الكلام هو قمامة».

وتابع كوردسمان ان تدمير البرنامج النووي الايراني يحتاج الى ضربات اولية، ثم تقييم، فضربات متابعة، وان ذلك غير ممكن في غارة واحدة وسريعة، بل يتطلب طلعات متعددة، ما يعني ان على اميركا شن ضربة لتعطيل الدفاعات الجوية الايرانية وتأمين الاجواء اولا، حتى تتمكن من شن غارات متتالية لتتأكد من القضاء على كل المفاعل والمواقع.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008