| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
انتقال السلطة في الولايات المتحدة عملية سهلة يندر ان تستأهل اي تغطية اخبارية.
لكن في هذه الانتخابات، تتصدر عملية انتقال البيت الابيض من الرئيس باراك أوباما الى خلفه المنتخب دونالد ترامب الاخبار، فهذه هي المرة الأولى التي يصل فيها رئيس لا مقربين لديه غير عائلته، اي ابنيه وابنته وزوجها، وهو ما دفع ترامب الى طلب «تراخيص امنية» حتى يتسنى لهؤلاء الاطلاع على معلومات حكومية سرية.
لكن في الولايات المتحدة قوانين منع الوساطة والفساد والمحاباة، خصوصا عبر العلاقات العائلية، وهو ما يمنع الادارة الحالية من اصدار هذه التراخيص لافراد عائلة ترامب.
وخلال حملته الانتخابية، لطالما اجاب الرئيس المنتخب عن امكانية تضارب مصالح بين امبراطوريته المالية ومنصب الرئاسة بالقول انه سيتخلى عن منصبه على رأس شركاته، وسيسلمها لاولاده، وسيتفرغ للرئاسة.
لكن في أقل من اسبوع، تراجع ترامب عن وعده المذكور، فقام بتعيين ابنته ايفانكا وزوجها جارد كوشنر، وابنيه دونالد جونيور واريك، اعضاء في فريقه الانتقالي.
وكان ترامب عيّن، قبل فوزه في الانتخابات، حاكم ولاية نيوجيرزي الجمهوري كريس كريستي رئيسا لفريقه الانتقالي.
لكن اثبات محكمة اميركية ان كريستي أمر باغلاق جسر يصل الى مقاطعة انتخابية رفضت انتخابه، وتاليا احداث ازدحام خانق، اثار فضيحة في وجهه، ما اجبر ترامب على استبداله بنائب الرئيس المنتخب مايك بنس.
على ان بنس بدوره، تسلم منصبه كرئيس الفريق الانتقالي من دون ان يستقيل من منصبه حاكما لولاية انديانا.
اما سبب رفض نائب الرئيس الاستقالة، فمرده الى اصراره على الابقاء على مراسلاته عبر البريد الالكتروني سرية، وهو ما يبدو ان محكمة اميركية سترفضه وتجبره على كشف هذه المراسلات التي يعتقد البعض انها قد تكون فضائحية بحق نائب الرئيس.
في السياق نفسه، اثار تعيين ترامب مدير موقع «برايتبارت» الاخباري اليميني المتطرف ستيف بانون مستشارا للشؤون الاستراتيجية عاصفة من الانتقادات ضد المستشار المعين، الذي تتهمه غالبية الاميركيين بالعنصرية.
وبانون، وهو جندي سابق في البحرية ومتمول، جمع ثروته من العمل في «وال ستريت»، أسس ويترأس مركز ابحاث يحمل اسم «معهد محاسبة الحكومة»، وهو اسم يشبه «مكتب محاسبة الحكومة» التابع للكونغرس. والمعهد الذي يترأسه بانون يتمتع بامكانات ضخمة، وهو يقوم باستقصاء اي قصص فضائحية عن السياسيين الذين يسعى بانون لاحراجهم، مثل المرشحة الديموقراطية السابقة للرئاسة هيلاري كلينتون والمرشح الجمهوري جب بوش.
ولبانون تصريحات يقول فيها انه يهدف الى تأجيج الكراهية لدى البيض لأن الكراهية وحدها تؤدي الى التغيير. كما يقول بانون انه معاد لكل الحكومات، وانه يسعى لتفتيت النظام الاميركي.
في هذه الاثناء، مازال فريق ترامب يبحث، متعثرا، عن من يشغلون المناصب الحكومية التي سيرثها.
وكانت مصادر الادارة الحالية أكدت ان ترامب وفريقه تفاجآ حين علما ان كل موظفي البيت الابيض سيرحلون وسيتم استبدالهم قبل حلول 20 يناير المقبل، يوم قسم اليمين وانتقال السلطة، وهو ما دفع أوباما الى تعديل جدول اعماله من اجل الانخراط، اكثر من المعتاد، في عملية اعداد الادارة المقبلة.
ولأن ترامب لا يجد من يمكنه تعيينهم في مراكز في ادارته، خصوصا الحساسة منها، فهو لجأ الى محاولة منحها الى المقربين منه، بغض النظر عن كفاءتهم.
ويقول المتابعون ان ترامب يسعى الى تعيين عمدة نيويورك السابق رودي جولياني وزيرا للخارجية.
وجولياني كان استحدث فرع استخبارات لجهاز شرطة نيويورك، وسمح بتفتيش المواطنين لمجرد الاشتباه بجذورهم العرقية، كما فرض رقابة لصيقة على المساجد الاسلامية.
على انه لم تلبث اخبار تعيين جولياني ان تذيع، حتى راحت وسائل الاعلام الاميركية تنشر انباء مفادها ان وزير الخارجية المتوقع سبق ان تقاضى اجورا من حكومات وجهات اجنبية مقابل القيام بأعمال «لوبي» لمصلحتها. وتظهر البيانات المالية ان جولياني سبق ان عمل لمصلحة حركة «مجاهدين خلق» الايرانية المعارضة، كما سبق ان عمل لمصلحة حكومة فنزويلا، التي يعاديها غالبية الجمهوريين، ولمصلحة حكومة خليجية.
ورغم نفي الرئيس المنتخب ان تكون المحادثات القائمة لتشكيل فريقه تجري في اجواء فوضوية او متوترة،تبقى مشكلة تضارب المصالح بين شركاته والرئاسة والمحاباة لاولاده، الى «فضيحة الجسر» التي اطاحت بكريستي، ففضيحة البريد الالكتروني التي تهدد نائب الرئيس بنس، الى أزمة تعيينه مستشارا يؤمن بالعنصرية البيضاء، الى فضائح تقاضي وزير خارجيته المتوقع جولياني اموالا من جهات خارجية، لا تكاد تمر ساعة او اثنتين حتى يبرز اسم مرشح لمنصب في الادارة المقبل عبر الاعلام الاميركي، يلي الاسم فضيحة او فضائح مرتبطة به، يلي ذلك تراجع ترامب، وهذا ما جعل من عملية نقل السلطة في واشنطن تبدو، للمرة الأولى في تاريخها، وكأنها أمر شديد التعقيد. فاذا كانت العملية الانتقالية السهلة نسبيا على هذا الشكل، فكيف سيكون شكل الحكم في رئاسة دونالد ترامب؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق