| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
قلب انتخاب الجمهوري دونالد ترامب رئيسا الموقف المتوقع للولايات المتحدة تجاه ايران.
المرشحة الخاسرة الديموقراطية هيلاري كلينتون كانت تتباهى بالاتفاقية النووية مع ايران، فيما وعد فريقها للسياسة الخارجية بمتابعة سياسة الانفتاح على طهران، من دون التنازل لها في بعض المناطق الساخنة مثل سورية.
اما ترامب، فهو وعد منذ اليوم الاول لترشيحه بتمزيق الاتفاقية النووية مع الايرانيين، في الوقت نفسه الذي تباهى فيه المرشح الجمهوري بصداقته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
صداقة ترامب مع بوتين لا تعني انخراط الولايات المتحدة في «محور الممانعة» الذي يفترض ان ايران تقوده في المنطقة، فهذا رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو يتمتع بصداقة متينة مع موسكو، لكن من دون ان يعني ذلك تقاربا بين اسرائيل والايرانيين.
صداقة ترامب مع بوتين تبدو جزءاً من «محور مسيحي» عالمي، فلبوتين شعبية واسعة بين اليمين الاميركي المحافظ بسبب دفاعه المزعوم عن المسيحيين في الشرق، وبسبب اقراره قوانين اجتماعية محافظة في روسيا، مثل قانون حظر المثلية الجنسية. ترامب يعتقد ان مكافحة «الارهاب المسلم» تتطلب الانخراط في جبهة واحدة مع بوتين في حربه ضد الاسلاميين الارهابيين، لا مواجهة بوتين نفسه.
ويبدو ان المسؤولين الذين يتوقع ان يشغلوا مناصب رفيعة المستوى في الادارة الاميركية المقبلة، يرون الارهاب من منظار اوسع بكثير من نظرة ادارة الرئيس باراك أوباما، التي حصرت رؤيتها للارهابيين بتنظيم «القاعدة» والتنظيمات المشابهة له او المنشقة عنه كتنظيمي «الدولة الاسلامية» (داعش) و«جيش فتح الشام» (جبهة النصرة سابقا).
مسؤولو ترامب يرون تنظيمات مثل «حزب الله» اللبناني في خانة الارهاب ايضا، وهو ما يعني ان ايران - من وجهة نظر ترامب ومساعديه - دولة راعية للارهاب وهو ما يتطلب مواجهتها.
وكان وزير الخارجية جون كيري اجاب معارضين سوريين، لدى اثارتهم عداء أميركا لبعض التنظيمات الارهابية مثل «النصرة» ومهادنتها مع اخرى مثل «حزب الله»، ان «(حزب الله) لا يفعل حاليا ما من شأنه ان يؤذينا».
الجنرال مايك فلين، رئيس «الاستخبارات العسكرية» سابقا والذي يتوقع ان يشغل منصبا رفيعا جدا في ادارة ترامب، يعتبر ان ادارة أوباما اخطأت، بل ضللت الاميركيين، لابقائها علاقة ايران بـ «القاعدة» سرا. فلين، الذي يتمتع بعلاقة وطيدة جدا ببوتين، اعتبر في كتاب اصدره بعنوان «حقل القتال» ان الحكومة الاميركية تعرف، على وجه اليقين، ان «القاعدة» تعد لهجوم بأسلحة دمار شامل ضد الولايات المتحدة، وان هذا التنظيم يعد لهذا النوع من الهجوم عن طريق استعدادات وتدريبات يجريها في ايران.
وقال فلين ان من الوثائق الكثيرة التي جمعتها القوات الاميركية الخاصة، اثناء عملية قتل زعيم «القاعدة» اسامة بن لادن في باكستان في 2011، تشير بعضها الى الاستعدادات المذكورة التي كانت تجري في ايران.
وكانت ادارة أوباما اصدرت، في يوليو الماضي، سلسلة من العقوبات على ثلاثة من قياديي «القاعدة». اثنان منهما، ياسر محمد ابراهيم بيومي وابو بكر محمد غمين، يقيمان في ايران.
ولفت خبراء اميركيون الى ان المسؤول في «القاعدة» سليمان ابو غيث، والذي تم اعتقاله في الاردن العام 2013 ونقله الى نيويورك حيث تمت محاكمته وانزال عقوبة المؤبد به، كان يسكن في ايران بين 2002 و2012. واقامة مسؤولي «القاعدة» هؤلاء في ايران تحمّل طهران مسؤوليتهم، وقد تسمح لعائلات ضحايا هجمات ارهابية، مثل ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001، بالادعاء ضد الجمهورية الاسلامية والمطالبة بتعويضات، بموجب قانون «جاستا» الصادر أخيرا. كما يبدو ان عائلات ضحايا تفجير الخبر في 1996 يستعدون لرفع دعاوى قد تطول الحكومة الايرانية.
هذا التصعيد الاميركي، بقيادة ترامب، ضد ايران عن طريق ربطها بالارهاب ورعايته، يختلف تماما عن السياسات الاميركية الماضية للادارات المتعاقبة.
كذلك، تساءل بعض مراقبي السياسة الخارجية عن كيفية تأثير اي تصعيد أميركي ضد ايران على الجبهة ضد الارهاب التي يسعى ترامب لاقامتها مع بوتين.
وينقل البعض عن فلين اعتقاده ان روسيا وايران ليستا جبهة واحدة، وانهما تحاربان في سورية ضد الولايات المتحدة لأن سياسة أوباما اجبرتهما على ذلك، لكن ان وجدت روسيا خيارا بديلا، يمكن ان تبدل موقفها من العلاقة مع الايرانيين في منطقة الشرق الاوسط.
ويضرب مؤيدو سياسة «فصل روسيا عن ايران» مثالا بالاشارة الى اعتراض ايران على اقلاع قاذفات روسية من قواعد ايرانية لتنفيذ غارات في سورية. ويقول هؤلاء ان الايرانيين رفضوا ان يبدوا وكأنهم في تحالف تحت قيادة الروس، فأقفلوا قاعدتهم في وجه القاذفات الروسية، وهو ما يشي بأن العلاقة بين الاثنين ليست على شكل التماهي الذي يظنه البعض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق