| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
فيما كان مرشد الثورة الايراني علي خامنئي يصف الولايات المتحدة انها «مخادعة وكاذبة»، وانه لا يمكن الوثوق فيها، وانها تطعن في الظهر، كان المسؤولون الحكوميون الايرانيون والمسؤولون في شركة «بوينغ» الاميركية يضعون اللمسات النهائية على صفقة شراء ايران ٨٠ طائرة مدنية. وتبلغ قيمة الصفقة ٢٥ مليار دولار.
و»بوينغ» هي الشركة نفسها التي تصنع مقاتلات أف ١٦ الاميركية، عماد سلاح الجو الاميركي ومعظم القوات الجوية الغربية.
وفيما تستمر وزارة الخزانة الاميركية في اصدار التعليمات المتتالية التي تخفف من القيود على الشركات الاميركية في تعاملها مع نظيراتها الايرانية، تسعى ادارة الرئيس باراك أوباما الى تمتين العلاقات التجارية بين البلدين في الاسابيع التسعة المتبقية لها في الحكم.
وتعتقد الادارة الحالية انه من شأن تمتين العلاقات التجارية مع ايران ان يخلق لوبي مؤلف من كبرى الشركات الاميركية التي ستواجه اي محاولة في الكونغرس لاعادة فرض عقوبات على ايران، او فرض عقوبات جديدة، بهدف الحفاظ على مكتسباتها المالية في السوق الايرانية.
الا ان أوباما قلق من احتمال انقلاب الادارة المقبلة، خصوصا ان كانت جمهورية، على سياسته تجاه ايران. وينقل مقربون عن الرئيس الاميركي انه يعتقد انه في حال وصول وزيرة خارجيته السابقة المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون الى البيت الابيض، في الانتخابات المقررة الثلاثاء، فان ادارتها ستحافظ على معظم المكتسبات الاميركية الديبلوماسية والسياسة مع ايران.
ويدير فريق السياسة الخارجية في حملة كلينتون جايك سوليفان، وهو من مهندسي الاتفاقية النووية مع ايران وكان واحدا من اثنين ممن انخرطوا في المفاوضات الاميركية السرية مع ايران في عمان صيف العام ٢٠١٣. كذلك ينخرط في فريق السياسة الخارجية لكلينتون ويندي شيرمان، الوكيلة السابقة لوزارة الخارجية والتي يقترن اسمها مع سلسلة المفاوضات الطويلة التي افضت الى التوصل للاتفاقية مع ايران.
الا ان من يعرفون سوليفان وشيرمان ينقلون عنهما اعتقاديهما ان ادارة أوباما ذهبت في ديبلوماسيتها مع ايران، من دون لزوم، الى ما هو ابعد من الملف النووي والاتفاقية النووية. وصار من شبه المتفق عليه في العاصمة الاميركية ان واحدة من ابرز الاسباب التي دفعت أوباما الى الوقوف متفرجا امام الحرب السورية، التي أودت بحياة مئات الالاف وهجرت الملايين، كان حرصه على عدم اثارة غضب الايرانيين المتورطين في هذه الحرب الى اقصى حدود.
عليه، يتوقع فريق الرئيس الاميركي ان يحمي فريق كلينتون الاتفاقية النووية مع ايران، التي يعتبرها أوباما ابرز انجازاته في السياسة الخارجية. كما يتوقع الفريق الرئاسي - في اسابيعه الاخيرة في الحكم - ان يسعى فريق كلينتون لتطوير علاقة واشنطن التجارية، وربما الديبلوماسية، مع ايران. لكن الادارة الحالية تعلم ان كلينتون قد تتخذ مواقف اقسى، في مواجهة الايرانيين، في بقاع تصنفها واشنطن ساخنة، مثل سورية.
على ان الايجابية الاميركية الحالية تجاه ايران، والمتوقع استمرار غالبها في حال وصول كلينتون الى البيت الابيض، لا يبدو انها تنعكس على تصريحات خامنئي النارية ضد اميركا، ولا على اعضاء الكونغرس، الذين يسعون الى تجديد فرض قانون عقوبات على ايران بسبب ملفيها: النووي وبرنامج الصواريخ الباليستية.
وكان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الجمهوري اد رويس اعلن نيته طرح مسودة قانون، مع عودة الكونغرس للالتئام في ١٤ الجاري، لتجديد العقوبات على ايران، وهي عقوبات تنتهي صلاحيتها مع نهاية هذا العام. الا ان مصادر ادارة أوباما اعتبرت مبادرة رويس هذه من قبيل الدعاية الانتخابية. وقال مسؤولون في الادارة تحدثت اليهم “الراي” ان اعضاء الكونغرس يعرفون ان تشريع العقوبات بين ايديهم، ولكنهم يعرفون ايضا ان فرضها او تعليقها هي عملية بأيدي الرئيس حصريا، ما يعني انه في حال انتخاب كلينتون رئيسة، لا يعني تجديد قانون العقوبات على ايران الكثير.
وتعتقد المصادر الاميركية انه «مثلما يلجأ الجمهوريون الى تصريحات نارية وسن قوانين لا تأثير لها على العلاقة الاميركية المالية والسياسية مع ايران، كذلك في طهران مسؤولين بحاجة الى الابقاء على وجه معاد للولايات المتحدة، اذ في نفس الوقت الذي يقوم به المسؤولون الايرانيون بوضع اللمسات الاخيرة على صفقات ضخمة مع الشركات الاميركية، تصدر التصريحات المعادية لأميركا في طهران، وهي تبدو تصريحات في سبيل التصريحات».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق