واشنطن - من حسين عبدالحسين
انشغل العاملون في إدارة الرئيس دونالد ترامب، والخبراء والأكاديميون، في عملية تكهنات حول عدد الضحايا المرتقبة لفيروس كورونا المستجد بين الأميركيين، في حين أرسلت روسيا، طائرة محملة بالمساعدات الإنسانية الى الولايات المتحدة.
كما انغمس الاقتصاديون في محاولة استشراف حجم المشكلة الاقتصادية، والتي توقّعت دراسة لـ «الاحتياطي الفيديرالي» - فرع ميسوري، أن تكون أقسى من «الكساد الكبير» الذي ضرب الولايات المتحدة، في بدايات القرن الماضي... «لكن النكسة هذه المرة ستكون قصيرة زمنياً»، حسب الدراسة نفسها.
ومع نهاية يوم الثلاثاء، انضم ترامب ونائبه مايك بنس ومعهما الدكتور أنتوني فاوتشي الى مجموعة الأميركيين المنشغلين بالرسومات البيانية للتوقعات، وقدم الفريق الرئاسي سلسلة من الأرقام استقاها من «معهد تقييم وقياس الصحة» التابع لجامعة ولاية واشنطن، الذي يتوقع أن تبلغ «ذروة وفيات كورونا»، في يوم واحد، 2214 في عموم الولايات المتحدة، وأن يكون ذلك في 14 أبريل الجاري.
وطلب ترامب، من مواطنيه الاستعداد، لـ«أسبوعين مؤلمين جداً جداً»، بينما أعلنت جامعة جون هوبكينز، تضاعف عدد الوفيات خلال ثلاثة أيام ليتجاوز الأربعة آلاف (2100 حتى مساء أمس)، من بين أكثر من 190 ألف إصابة، وبذلك تعدى ضحايا «كورونا» عدد ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001 البالغ 2977.
ويتوقع «معهد التقييم»، أن يبلغ عدد الوفيات، 84 ألفاً بحلول الرابع من أغسطس.
وبعدما أنكر المخاطر التي تواجهها بلاده، حذر ترامب بنبرة جدية الثلاثاء، مواطنيه قائلاً «أريد من كل أميركي أن يكون مستعداً للأيام الصعبة التي تنتظرنا». وأعلن أنّه يفكّر جدياً بحظر الرحلات الآتية من البرازيل.
وفي المؤتمر الصحافي اليومي، قال فاوتشي إن سياسة واشنطن تقضي باتخاذ أقسى إجراءات لتفادي الوصول الى الحد الأدنى من الضحايا المقدر بمئة ألف. وتابع دكتور الفيروسات والحساسية أن الأرقام التي تظهرها النماذج الحسابية واقعية، ولكنها ليست «محفورة بالصخر»، أي انه يمكن تغييرها وتقليص عدد الوفيات.
وأضاف فاوتشي أن التوقعات الحالية مبنية على «اعتبارات بين أيدينا، وكلنا نعرف القول المأثور، ان توقعات النماذج الحسابية جيدة بجودة المعطيات، وان تغيرت المعطيات بين أيدينا، تتغير التوقعات والنتائج».
وأشار الى الأهمية الفائقة لنتائج العزل الاجتماعي والإقفال، وأجرى مقارنة بين ولايتي واشنطن ونيويورك: الأولى وصلها الفيروس من الصين قبل أسابيع من الثانية، لكن التوقعات تشير الى أن اجمالي عدد وفيات واشنطن سيبلغ 1600 مع حلول أغسطس، فيما من المتوقع ان يبلغ عدد وفيات نيويورك عشرة أضعاف ذلك.
أما سبب نجاح واشنطن في «تسطيح الرسم البياني»، والسيطرة على الوباء، والحد من أعداد الاصابات والوفيات، فيعود الى قيامها، في وقت مبكر نسبياً - مقارنة بنيويورك - بفرض حظر تجول واقفال في الولاية.
وتأتي توقعات البيت الأبيض في وقت تظهر التقارير الواردة من ايطاليا، أن سياسة الاقفال والابتعاد الاجتماعي القاسية التي فرضتها الحكومة بدأت تؤتي ثمارها، مع بدء انخفاض أعداد الاصابات الجديدة.
وتظهر التقارير الدولية نفسها، حسب صحيفة «فاينانشال تايمز»، أن أداء الولايات المتحدة هو الأسوأ في العالم. ويظهر الرسم البياني أن الأرقام فيها ماضية في الارتفاع.
ويأتي التشاؤم بسبب رفض بعض الولايات، مثل فلوريدا الجنوبية، اتخاذ اجراءات إقفال وابتعاد اجتماعي قاسية، وهو ما يعني أن النتائج قد تكون أسوأ من التوقعات. أما رفض هذه الولايات اتخاذ إجراءات قاسية فيعود الى تراخ في تعليمات الحكومة الفيديرالية، وهو ما يأخذه المعارضون الديموقراطيون على أداء الرئيس الجمهوري ترامب.
وبين الأدلة على الوضع الجديد، واجه قائد حاملة طائرات رفضاً من البنتاغون لطلبه إجلاء طاقمه العالق في جزيرة غوام في المحيط الهادئ.
واعترف الكابتن بريت كروزيير قائد «تيودور روزفلت» بأن «سحب الجزء الأكبر من طاقم حاملة طائرات أميركية نووية يجري نشرها وعزلهم لأسبوعين قد يبدو إجراء استثنائياً». وأضاف «لكنه أمر ضروري». إلا أن الطلب رفض حتى الآن.
كما حذّر رئيس شركة «هولاند أميركا» المشغلة لسفينتين سياحيتين تقلّان أربع وفيات وعشرات المرضى الذين يعانون من عوارض الفيروس، الثلاثاء من امكانية ارتفاع الحصيلة في حال لم يُسمح للسفينتين بالرسو في فلوريدا.
والى توقعات الضحايا، ينشغل الأميركيون بالتوقعات الاقتصادية. وذكرت دراسة «الاحتياطي الفيدرالي» - فرع ميسوري أن نسبة البطالة ستتعدى 30 في المئة مع نهاية الربع الثاني من العام، أي نهاية يونيو.
وللمقارنة، حققت نسبة البطالة رقماً قياسياً في زمن «الكساد الكبير» في 1929، اذ بلغت 25 في المئة، فيما بلغت 10 في المئة في ذروة الركود الكبير الذي اندلع في سبتمبر 2008.
على أن الدراسة توقعت أن يعود الناتج المحلي الى النمو بسرعة، مع بداية التراخي في إجراءات الإقفال في الفصل الثالث، وأن يعود الاقتصاد الى ما كان عليه في الربع الأول من العام المقبل.
في سياق اقتصادي متصل، أعلن «الاحتياطي الفيديرالي» افتتاح دائرة مخصصة لتموين المصارف العالمية بالنقد. وأعلن المصرف المركزي تخصيص مبلغ خمسة تريليونات دولار، نقداً، لشراء سندات الخزينة التي تملكها حكومات تجد نفسها بحاجة لنقد أجنبي في وسط أزمة كورونا العالمية التي تعصف بالكوكب.
وكان الطلب العالمي على الدولار الأميركي حقق ارتفاعات غير مسبوقة، ما ساهم في رفع سعره ونقصان في السيولة عالمياً، وهو طلب تعهد «الاحتياطي الفيديرالي» بتلبيته لمنع انكماش النظام المصرفي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق