واشنطن - من حسين عبدالحسين
وجد الرئيس دونالد ترامب، في منظمة الصحة العالمية، «كبش فداء» يحمّله مسؤولية أي تقاعس ارتكبته ادارته في مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة، معتبراً أن المنظمة قامت بدور دعائي لتحسين صورة الصين والتغطية على التضليل الصيني ومسؤولية بكين في انتشار الوباء عالمياً.
وقال ترامب ليل الثلاثاء: «اليوم أوعزت لإدارتي بوقف التمويل لمنظمة الصحة العالمية. قرار المنظمة معارضة فرض حظر على السفر من الصين كان كارثياً، وهو ما أدى الى وفيات كثيرة. لو قامت الدول الاخرى بالأمر نفسه، لوفّرت على نفسها وفيات كثيرة».
وأضاف أن «دولاً كثيرة استمعت إلى تعليمات المنظمة، وهو ما أدى الى انتشار الوباء».
وتابع الرئيس الأميركي أنه و«منذ إنشائها في العام 1948، دعم الشعب الأميركي منظمة الصحة العالمية بهدف منع أزمات صحية عالمية، لكن مع انتشار فيروس كورونا، لدينا شكوك بأن الكرم الأميركي تم استخدامه بطريقة مفيدة»، معتبراً أن المنظمة «فشلت في واجبها الأساسي بإعلان ما يحدث، وباء، وهو ما يوجب محاسبتها، واخطأت في إعلانها ان الفيروس لا ينتقل من شخص إلى آخر».
وقال ترامب إن «تأخر المنظمة في إعلان حالة طوارئ عالمية أدى الى ما أدى اليه اليوم، وأن صمتها وعدم إجبارها بلد منشأ الفيروس مشاركة ما لديه من معلومات، أدى الى تأخير التعامل معه، ولولا غياب الشفافية في الصين، لكان أمكننا السيطرة على الفيروس من دون كل هذه الأعداد من الموتى».
عوضاً عن ذلك، تابع ترامب «صدّقت المنظمة مزاعم الصين، ووصفتها بالشفافة. وقالوا لنا إن لا حاجة لمنع سفر». بسبب تصرفات الصين والمنظمة «تضاعف عدد الوفيات حول العالم 24 مرة»، بحسب قوله.
وعن أسباب قراره وقف التمويل، قال ترامب: «نحن نعتمد على المنظمة في معلوماتها الشفافة عن الأوبئة حول العالم، واذا كان لا يمكننا الركون اليها، علينا البحث عن مصادر أخرى، وربما نعمل مع الحلفاء والاصدقاء على تطوير ما يمكنه إنذارنا عند إندلاع وباء في بقعة ما من العالم».
وبحسب ترامب، فإن الولايات المتحدة تساهم بما يراوح بين «400 و500 مليون دولار سنوياً» للمنظمة مقابل نحو 40 مليون دولار «وحتى أقلّ» من جانب الصين.
وأكدت بكين، امس، أنها دفعت 20 مليون دولار للمنظمة، في إشارة إلى هبة قدّمتها في مارس.
وأمس، أكد وزير الخارجية مايك بومبيو، أن الولايات المتحدة تعتزم «تغيير» عمل المنظمة «بشكل جذري».
وقال: «في الماضي، قامت منظمة الصحة العالمية يعمل جيّد. للأسف هذه المرة، لم تبذل قصارى جهدها وعلينا أن نمارس ضغوطاً لتغيير ذلك بشكل جذري».
ويلقى العداء لمنظمة الصحة صدى بين الأميركيين من الحزبين. وسبق أن نشرت صحيفة «نيويورك تايمز»، التي تتماهى مع الديموقراطيين، مقالة هاجمت فيها المنظمة، ونقلت عن وزير المالية الياباني تيرو آسو أن اليابانيين صاروا يسمّونها «منظمة الصحة الصينية».
كما نقلت الصحيفة عن مسؤولين تايوانيين أنهم حذّروا المنظمة من بدء انتشار الوباء في ووهان الصينية، وأن بكين أوعزت للمنظمة برفض الاستماع للتحذيرات لأن الاستماع الى شكوى تايوان هو بمثابة اعتراف بعضوية الجزيرة في الأمم المتحدة.
وفور انتهائه من هجومه على منظمة العالمية، استأنف ترامب عملية الثناء على أدائه وإدارته، في سياق تسويقه الدعائي لانتخابات نوفمبر المقبل، الرئاسية، والتي يسعى فيها للفوز بولاية ثانية. وقال: «بسبب أدائنا، لم يتم حرمان أي مريض أميركي من جهاز تنفس اصطناعي، رغم كل ما تسمعونه في الأخبار».
واستذكر الرئيس الأميركي الأيام الأولى التي بدأت إدارته تتحرك لمواجهة الفيروس، وأضاف: «أكثر يوم ذعر في حياتي، كان يوماً طويلاً من الاجتماعات، وقال لي فريقي سنحتاج الى 130 ألف جهاز تنفس، وأننا لا نملك هذا العدد، وأن الولايات لم يكن لديها هذا العدد».
وتابع: «كنت أعلم أن كل من يحتاج لجهاز تنفس من دون ان يتمكن من الحصول عليه سيموت، وأن الأطباء في دول أخرى كان يختارون من يعطونه جهازاً ومن يحرمونه، فيتسببون بموته».
وتابع ترامب: «طلبت من فريقي تحريك السماء والأرض لتأكيد أن ذلك لن يحصل في الولايات المتحدة الأميركية، وأوعزت لفريقي استخدام قانون الدفاع لانتاج أكبر كمية من الأجهزة».
العام الماضي، يقول ترامب، «أنتجنا 30 ألف جهاز تنفس اصطناعي، والسنة سننتج 100 ألف، وقد نصل الى 200 ألف، وهو ما يسمح لنا بتخزينها، وكلها من النوعية العالية، وسيكون لدينا منها ربع مليون في حال اندلاع أزمات. أما اليوم، فلدينا 10 آلاف في مخازننا جاهزة لإرسالها لأي ولاية في حال احتاجتها».
وأكد أن أميركا تساعد إسبانيا وإيطاليا بتزويدها بأجهزة تنفس اصطناعي.
ثم انتقل الرئيس الأميركي الى الانخراط في النقاش المندلع حول موعد إنهاء الحجر الصحي وإعادة إطلاق عجلة الاقتصاد. وكان انحسار التوجس من إمكانية انهيار النظام الصحي تحت وطأة عاصفة من الاصابات بالفيروس، دفع الحكومة الفيديرالية وحكومات الولايات الى نقاش حول موعد تخفيف قيود الحجر الصحي الذي تفرضه 42 ولاية ويشمل 95 في المئة من السكان، وسط التحذيرات المتواصلة من العلماء وأطباء الصحة العامة من أن أي عودة سريعة وغير مشروطة من شأنها أن تطلق موجة ثانية من الفيروس أكثر شدة من الأولى.
وكانت الولايات المتحدة سجّلت الثلاثاء، 24 ألف اصابة جديدة، مقارنة بـ27 ألفاً، الاثنين، وهو ما يشي ببدء انحسار الموجة الأولى، بسبب اجراءات الحجر، بما في ذلك التباعد الاجتماعي وعزل المصابين. على أن أرقام الوفيات الجديدة ارتفع من 1535 الى 2216. ويعتقد الخبراء أن نسب الوفيات تكون متأخرة في العادة عن أرقام الاصابات الجديدة، ما يعني أن انخفاضاً في الوفيات متوقع في الفترة المقبلة.
أمام التحذيرات العلمية، عكف حكّام الولايات على التباحث في كيفية وشكل العودة، وصار من شبه المعلوم أن العودة ستكون جزئية، الى حين التوصل الى صناعة لقاح او علاج، وأن من شروط العودة رفع قدرات البلاد على إجراء ملايين الفحوصات بشكل متواصل استباقاً لانتشار الفيروس مجدداً عبر من لا تبدو عليهم أي عوارض مرض.
وفضلاً على ملايين الفحوصات، يتباحث المسؤولون في إنشاء هيئات قادرة على ملاحقة المصابين وكل من كان على اتصال بهم. ويعتبرون أن هيئة من هذا النوع تتطلب تجنيد وتدريب نحو 300 ألف أميركي ممن يقومون بعملية الاتصال الهاتفي وملاحقة أي من يحتمل إصابتهم. كذلك تبحث الولايات في المصادقة على تشريعات تفرض حظراً منزلياً إجبارياً على المصابين لمدى ثلاثة أسابيع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق