الاثنين، 13 أبريل 2020

هل يعلن ترامب الانتصار قبل أوانه؟

واشنطن - من حسين عبدالحسين

لخّص الرئيس دونالد ترامب سياسته لإنهاء الحجر الصحي، الذي تفرضه 42 ولاية على نفسها ويشمل 95 في المئة من الشعب الأميركي البالغ تعداده 335 مليوناً، بتغريدة قال فيها: «يا حكّام الولايات، أعدّوا برامج الكشف (عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد) والآليات اللازمة، وكونوا مستعدين، فأمور كبيرة ستحدث». 
وأضاف متوجهاً إلى حكّام الولايات الخمسين: «لا أعذار لديكم، والحكومة الفيديرالية جاهزة للمساعدة، ونحن نجري أكبر عدد من الفحوصات لكورونا في العالم». وختم: «أيضاً، جهّزوا أنفسكم بمخزونات من كمّامات الوجه».
كما أعاد الرئيس الأميركي نشر وسم على «تويتر»، أمس، يدعو إلى إقالة الدكتور أنتوني فاوتشي، بعد أن قال مدير دائرة الأمراض المعدية والحساسية في «المكتب الفيديرالي لمكافحة الأوبئة»، إنه كان من الممكن إنقاذ أرواح لو اتخذت البلاد إجراءات الإغلاق مبكراً خلال تفشي الفيروس.
وأعاد ترامب الأحد، نشر رسالة من مرشح سابق للكونغرس استشهد بتصريحات أدلى بها فاوتشي في لقاء تلفزيوني، وقال على «تويتر»: «حان الوقت... أقيلوا فاوتشي».
وسبق أن أعاد الرئيس الجمهوري من قبل نشر تغريدات تنتقد مسؤولين أو خصوماً له بدلا من أن ينتقدهم بشكل مباشر. وأثارت إعادة نشر الوسم تكهنات بأن صبر ترامب تجاه الخبير الشهير قد بدأ ينفد وقد يقيله بالفعل.
خطة ترامب، واضحة... كثافة الفحوصات من شأنها أن تساهم في عزل المصابين، عن غير المصابين. أما الكمّامات، فهي لا تساهم فقط في وقاية من يلبسونها، بل في وقاية الآخرين. 
وكثّف ترامب سعيه لإقناع الأميركيين بضرورة إنهاء الحجر وإعادة عجلة الاقتصاد الى الدوران، بعدما صارت نماذج التوقعات تشير الى أن البلاد بلغت «يوم الذروة» السبت الماضي، وأن عدد الإصابات الجديدة بدأ بالانخفاض تدريجياً، ومعه عدد الوفيات. واذا ما بقيت الأمور على حالها، يتوقع نموذج «معهد الصحة» التابع لجامعة ولاية واشنطن أن يصل عدد الإصابات الجديدة الى الصفر يوم 8 يوليو المقبل. 
لكن الاقتصاد لا يمكنه انتظار كل هذه المدة للقضاء على الوباء بالكامل، بل ان ترامب يسعى الى احتواء الفيروس والسيطرة عليه، وانتظار توصل العلماء الى لقاح أو علاج للقضاء عليه بالكامل. لذا، يعتقد أنه يمكن إنهاء الحجر الصحي مع نهاية الشهر الجاري، وعودة قطاعات واسعة من الاقتصاد الى العمل مطلع الشهر المقبل. 
والعودة التي يطمح إليها الخبراء ليست كاملة، اذ هي ستستثني قطاعات واسعة في الخدمات، مثل المطاعم، والمباريات الرياضية والحفلات الموسيقية وأي نشاطات ترفيهية فيها حشود، على الأقل حتى التوصل إلى علاج أو لقاح. 
لكن العلماء لا يوافقون ترامب على حتمية «فتح الاقتصاد» يوم الأول من مايو، بل هم يحذّرون من مغبة إعلان الانتصار قبل أوانه، وهو ما من شأنه أن يقوّض كل الإنجازات التي تمت بفضل سياسات الإقفال والابتعاد الاجتماعي وعزل المصابين. 
ويبدو أن فاوتشي، تنبّه الى محاولات السياسيين تثبيت مطلع مايو، كتاريخ مؤكد لانهاء الحجر، فاستبقها بإطلالاته في برامج الأحد الاخبارية التي تتمتع بجمهور واسع، قال فيها ان الوكالات الفيديرالية المعنية ستطالع كل البيانات المتوافرة مع حلول آخر أبريل، «فان تبين أننا في وضع يسمح لنا بإعادة بعض القطاعات الى العمل، فسندعو الى ذلك. أما ان أظهرت البيانات أن العودة ستطيح بما حققناه، فسنقوم بتمديد الحجر إلى أن تبدأ البيانات بالإشارة الى أن وقت إنهاء الاقفال صار ممكناً». 
والى أن يرى فاوتشي أن الوقت صار مناسباً لإنهاء الحجر، أو لتخفيفه، يعتقد الخبراء أن المطلوب رفع قدرات الفحص، لتطبيق سياسة «الكشف والعزل». 
وتحدث الخبراء، في هذا السياق، عن إمكانية مساهمة شركات التكنولوجيا العملاقة، مثل «غوغل» و«آبل»، في نشر تطبيقات هاتفية تسمح بتحديد أماكن تواجد المصابين لتحذير عدم المصابين باتخاذ المسافة اللازمة والابتعاد. 
ويقول الخبراء إن على مدى الأسابيع الماضية، نجحت أميركا في تحسين برنامج الفحص من سيئ الى مقبول، ولكن العدد لا يزال دون المطلوب لفرض برنامج رقابة وعزل للمصابين لتقليص نسبة انتشار الوباء.
وتقول الدكتورة آشيش جها، مديرة المعهد الدولي للصحة في جامعة هارفارد، إن كان السؤال «متى يمكنني مغادرة المنزل والذهاب لاحتساء فنجان قهوة مع صديق لي، من دون أن يدب في الذعر أن ما أفعله له عواقب وخيمة على صحتي»، فالإجابة «يمكن حصول ذلك بعد شهرين من اليوم». 
وتضيف لموقع «بيزنس اينسايدر»، أنه «مع نهاية مايو، أعتقد أن الناس ستفقد عقلها اذا ما طلبنا منها البقاء في منازلها أكثر من ذلك، ولن يقبل أحد البقاء في منزله بعد ذلك التاريخ».
لكن الخبراء يعتقدون أن انهاء الحجر من دون تجهيز البنية التحتية اللازمة من الفحوص والعزل والتنبيه ولبس الكمّامات، من شأنه أن يؤدي الى حصول موجة ثانية من الاصابات تكون أكبر في عدد الاصابات من الموجة الأولى التي بدأت بالانحسار.
وتظهر نماذج التوقعات الحسابية أنه في حال تم إنهاء الحجر الصحي بالكامل، ومن دون أي تدابير ترافقه، مع نهاية ابريل، فان 95 في المئة من الأميركيين سيصابون بالفيروس في غضون أربعة أسابيع. «وقتذاك، سيكون المطلوب من الأميركيين البقاء في منازلهم على مدى أشهر يوليو وأغسطس وسبتمبر، وعندها سيعاني الجميع، ومنهم أنا، من التعاسة»، بحسب الدكتورة.
وقارب إجمالي الإصابات الـ 600 ألف مع بداية الأسبوع، مع تسجيل 26 ألف إصابة جديدة و1414 حالة وفاة. إلا أن عدد الإصابات الجديدة مثل انخفاضاً، بالنسبة لليوم الذي سبقه وبلغت فيه 30 ألفاً. كذلك، انخفضت أعداد الوفيات من 1830، ليتخطى إجمالي ضحايا الفيروس، الـ 22 ألفاً، في حين سجّل طاقم حاملة الطائرات «ثيودور روزفلت»، أول حالة وفاة، إثر التقاط العديد من أفراد الطاقم الفيروس، لدى رسو الحاملة في ميناء فيتنامي الشهر الماضي.
إلى ذلك، أظهرت الأرقام أن قاعة جافيتز الشهيرة العملاقة في نيويورك، التي تم تجهيزها بـ2500 سرير استعداداً لـ«يوم الذروة»، لم يتم استخدام أكثر من عشرات الأسرّة فيها. 
ويقول المسؤولون إن «الاستعداد أكثر من اللازم لأزمة متوقعة أفضل من أن تكون الاستعدادات أقل من المطلوب».

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008