واشنطن - من حسين عبدالحسين
زودت وكالات الاستخبارات الأميركية، البيت الأبيض، الأسبوع الماضي، تقريراً اعتبرت فيه أن بكين تقوم بالتضليل لناحية عدد الإصابات بين سكانها، مؤكّدين أنّ العدد الحقيقي للوفيات الناجمة عن وباء «كوفيد - 19» أعلى بكثير، بحسب ما ذكرت وكالة «بلومبيرغ».
لكن الرئيس دونالد ترامب، وخلال مؤتمره الصحافي اليومي في البيت الأبيض حول تطوّرات مكافحة الوباء في الولايات المتحدة، لم يرد بوضوح على سؤال بهذا الشأن.
وقال ليل الأربعاء: «كيف يمكننا أن نعرف» ما إذا كانت صحيحة. وأضاف أن «أرقامهم تبدو أقل من الواقع قليلاً».
وأكد أن «العلاقات مع الصين جيدة» وأنه يبقى قريباً من الرئيس شي جينبينغ.
وأوضح ترامب بعيد ذلك «بشأن معرفة ما إذا كانت أرقامهم صحيحة، لست محاسباً صينياً».
ويقدم الخبراء عدداً من الدلائل التي يعتقدون أنها تثبت تلاعب بكين بالأرقام، منها قياس عدد الأيام التي سبقت إعلان الحكومة إقفال ووهان، وهي نحو 30 يوماً. وكانت الصين أعلنت أولى إصاباتها في 23 ديسمبر، فيما أعلنت فرض حظر تجول في 23 يناير، وبالنظر إلى تجربة كل مدن العالم، فان شهرا من دون إقفال أو ابتعاد اجتماعي، في مدينة يبلغ عدد سكانها 11 مليوناً، يصعب ألا يتجاوز عدد الإصابات الـ150 ألفاً كحد أدنى، فيما تعلن الصين أن إجمالي الإصابات لديها لم يبلغ التسعين ألفاً.
وكانت الصين قامت بطرد كل الصحافيين الأميركيين العاملين لديها، وهو ما زاد في الشبهات حول قيامها بالتستر على الرقم الحقيقي لإصابات كورونا المستجد والوفيات الناجمة بين الصينيين.
الدليل الثاني، الذي يشير إليه الخبراء الأميركيون، هو عدم تطابق عدد «الجرار» التي يستخدمها الصينيون لتخزين رفات موتاهم بعد حرق جثثهم، مع إجمالي عدد الوفيات، الذي تؤكد بكين انه 3318، حتى الآن. كما يشير الخبراء الى قيام بكين، الأسبوع الماضي، بإضافة 1500 إصابة، فيما كانت حرصت، على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، على إضافة أعداد تراوح بين 30 و50 يومياً.
أما الدليل الثالث الذي يستند إليه الأميركيون، فمبني على انخفاض كبير في مستخدمي أرقام الهواتف الخليوية الصينية.
وتشير التقارير المتداولة في العاصمة الأميركية، إلى أن هناك أكثر من 15 ألف خط صيني خرجت من الخدمة وتم إقفالها في الفترة التي رافقت تفشي وباء كورونا المستجد في ووهان ومناطق صينية أخرى.
ويعتقد الخبراء أن تراجع القدرة الشرائية للمواطنين قد يدفعهم الى التوقف عن تسديد فواتير الخلوي، لكن خروج الخطوط من الخدمة كلياً لا يحصل بهذه السرعة، خصوصاً مع قيام شركات الخلوي الصينية بالتراخي مع تحصيل المتأخرات على استخدام الخلوي أثناء حظر التجول القاسي التي فرضته السلطات.
لكل هذه الأسباب، تعتقد وكالات الاستخبارات الأميركية، وعدد من الخبراء، أن فداحة التفشي في الصين، وأرقام الوفيات التي نجمت عنه، أكبر بكثير مما تعلنه السلطات، تفادياً للإحراج السياسي أو تلطيخ سمعتها.
كما يعتقد الخبراء أن دولاً أخرى في العالم تعمل على التلاعب بأرقام الإصابات وإبقاء أعداد منها خارج تقاريرها الرسمية... ومن بين هذه الدول، كوريا الشمالية وروسيا وأندونيسيا.
وتخطّى عدد الوفيات الناجمة عن الفيروس في الولايات المتحدة، 5137 حالة، في حين ارتفع عدد المصابين إلى نحو 220 ألفاً.
وسببت وفاة مولود جديد في ولاية كونيتيكت صدمة، بعد وفاة رضيع في شهره التاسع في شيكاغو.
وبعدما ظلّ لأسابيع يقلّل من الأخطار المحتملة للفيروس، جدّد الرئيس الأميركي مساء الأربعاء التحذير من أنّ الأيام المقبلة ستكون قاتمة على صعيد الفاتورة البشرية للوباء في الولايات المتحدة. ودعت الولايات المتحدة، الأربعاء، رعاياها الموجودين في الخارج والراغبين بالعودة إلى ديارهم بأن يفعلوا ذلك الآن قبل أن يتحوّل الفيروس إلى «تسونامي» تفقد معه القدرة على إجلائهم.
ونظّمت وزارة الخارجية حتّى الآن، عمليات إجلاء لأكثر من 30 ألف أميركي من الخارج، وحذّرت من أنّ قدرتها على الاستمرار في فعل ذلك قد تضمحلّ «في غضون أسابيع».
وفي بكين (رويترز)، اعتبرت وزارة الخارجية الصينية، أن المسؤولين الأميركيين يدلون بتعليقات «وقحة».
وأكدت الناطقة هوا تشون ينغ، أمس، أن الصين تصرفت بطريقة منفتحة وشفافة بشأن تفشي الفيروس.
وأضافت أنه يتعين على الولايات المتحدة التوقف عن تسييس قضية صحية والتركيز بدلاً من ذلك على سلامة شعبها.
وفي المقابل، وبعد رحلة جوية دامت 15 ساعة، حطّت في مطار جون كنيدي الدولي في نيويورك المنكوبة، طائرة شحن آتية من شنغهاي، وأفرغت 50 طناً من المستلزمات الطبية.
الحمولة الطبية التي اشترتها الوكالة الفيديرالية لإغاثة الأزمات (فيما)، كانت الأولى من بين 22 طائرة شحن ستقوم برحلات مشابهة من مدن متعددة في شرق آسيا، بما فيها الصين وكوريا الجنوبية واليابان، وستقوم طائرات الشحن الأميركية بنقل ألف ومئة طن من المستلزمات الطبية، على مدى الأيام العشرة المقبلة، وهو ما سيشكل أكبر جسر جوي في تاريخ الأزمات الطبية الحديثة.
وفي العادة، يعتمد الشحن بين شانغهاي ونيويورك على الناقلات البحرية، في رحلة تستغرق 37 يوماً. لكن بسبب تفشي الوباء في ولاية نيويورك، وبدء تفشيه في ولايات أخرى، وجدت واشنطن نفسها مضطرة لتأمين حاجتها الطبية جواً.
نفاد «المخزون الإستراتيجي لاحتياطي المستلزمات الطبية» من مخازن الحكومة الفيديرالية، أكده ترامب، الذي عزا ذلك، في مؤتمره الصحافي اليومي، إلى الطلب الكبير للمستشفيات والولايات. لكن الخبراء يشيرون إلى أن المخزون الإستراتيجي الطبي لم يكن مستعداً أصلاً لتفشي وباء في 50 ولاية في الوقت نفسه.
وفي المؤتمر الصحافي، ليل الأربعاء، أشار نائب الرئيس مايك بنس إلى أن 19 من الولايات الخمسين لا تزال الإصابات فيها قليلة ويمكن السيطرة عليها من خلال تعقب الشخص المصاب وعزله وعزل كل من تواصلوا شخصياً معه.
وجاء تصريح بنس في وقت انضم عدد من الولايات، مثل فلوريدا، إلى الولايات التي تفرض حظراً كاملا للتجول، ليصبح إجمالي عدد الولايات المقفلة كلياً 32، فضلاً عن العاصمة واشنطن وجزيرة بورتوريكو.
وقام بنس بمقارنة بين أميركا وإيطاليا، وقال إن مسار بلاده في مكافحة الوباء يشبه المسار الايطالي، وهو تصريح فتح الباب واسعاً للانتقادات، إذ صار معروفاً أن النموذج الإيطالي هو الأسوأ عالمياً، بعدما تأخرت إيطاليا، ولم تفرض أي حظر حتى بعد مرور 82 يوماً على الوفاة رقم عشرة في صفوف سكانها.
كم ألقى بنس بلائمة التأخير الأميركي على الصين بتهمة الفشل في إبلاغ واشنطن والعالم عن تفاصيل الوباء المروع، الذي كان يتفشى في صفوف سكانها.
البحرية الأميركية تخلي «روزفلت»
تقوم البحرية الأميركية، بإجلاء آلاف البحارة من حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية «يو اس اس ثيودور روزفلـت» في جزيرة غـوام، في غرب المحيط الهادئ، بعد تحذير قبطانها من أن تفشـي فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19) على متنها، يهدد حياة الطاقم.
ووفقاً للبحرية الأميركية، تم حتى الآن، تسجيل 93 حالة إصابة بين طاقم حاملة الطائرات البالغ عددهم نحو 4800 فرد.
وقال مسؤولون في البنتاغون، الأربعاء، إنهم يعدون بسرعة غرفاً فندقية في جزيرة في المحيط الهادئ لاستقبال العديد من الأفراد، بينما يجهزون طاقماً أساسياً من البحارة غير المصابين لإبقاء الحاملة النووية قيد العمل.
«نمبر وان»
وصف الرئيس دونالد ترامب، نفسه، بأنه «نمبر وان» (الرقم واحد)، على موقع «فيسبوك»، وذلك على هامش المؤتمر الصحافي اليومي لفريق إدارته حيال جهود مكافحة فيروس كورونا المستجد، ليل الأربعاء.
وكان الرئيس الأميركي يجيب عن سؤال لمراسل صحافي عن معنى تغريدة له على «تويتر»، الأربعاء، حيث رفض الخوض في تفاصيل كتابته لها، واتهم فيها إيران أو وكلاءها بالتخطيط لـ«هجوم خاطف» على القوات الأميركية في العراق، وهددها بأنها «ستدفع ثمناً باهظاً». وحيال ما إذا كانت تغريدته ستمنع طهران من شن هجوم محتمل، قال ترامب إنها «تمثل شيئاً».
واستدرك ترامب «إنها وسائل التواصل الاجتماعي... لديّ مئات الملايين من الناس (المتابعين)»، قبل أن يتفاخر بكونه «نمبر وان» أو رقم واحد على «فيسبوك».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق