الاثنين، 20 أبريل 2020

تراجع الاهتمام الأميركي بأخبار «كورونا» وتلاعب بكين بأرقامها مصدر... تندّر

واشنطن - من حسين عبدالحسين

تراجع اهتمام الأميركيين بأخبار فيروس كورونا المستجد، مع بدء الانحسار في عدد الإصابات الجديدة. ومع هذا التراجع، خفت بريق مؤتمرات الرئيس دونالد ترامب الصحافية اليومية، التي يبدو أنها صارت مملة لدى شريحة واسعة من الأميركيين، وتوقف بعض شبكات التلفزة عن بثّها مباشرة على الهواء. 
في هذه الأثناء، أثار السخرية لدى الأميركيين خبر مفاده بأن الصين «وجدت» أكثر من ألف حالة وفاة خارج تقاريرها، ثم قررت إضافتها. 
وأخذت برامج الكوميديا تسخر من تعمية بكين على انتشار الوباء. وقال احد نجوم الكوميديا السياسية إن «من الجيد أن بكين عثرت على هذه الأرقام التي أضافتها، ورُبما تعثر في الأيام المقبلة على بعض الأصفار لتعديل الرقم النهائي للإصابات والوفيات لديها».
إلى ذلك، هاجم عدد من وسائل الإعلام، بما فيها الجمهورية، الفوضى التي تشوب مؤتمرات ترامب الصحافية، التي وصفتها «وول ستريت جورنال» ، الجمهورية اليمينية، بأنها مملة وتتمحور حول جولات الثأر المتعددة ضد الخصوم. 
وإلى الصحيفة، قامت قناة «فوكس»، اليمينية الجمهورية والتي يملكها أيضاً صاحب «وول ستريت جورنال» روبرت موردوخ، بمهاجمة ترامب على اثر تصريح قال فيه أن «الرئيس يملك سلطة مطلقة»، في معرض تأكيد الرئيس الأميركي ان من صلاحيته انهاء الحجر الصحي رغما عن موقف حكّام الولايات، وهو ادعاء فنده الخبراء الدستوريون من الحزبين. 
على صعيد أزمة الوباء المستجد، صار جلياً أن سياسة الابتعاد الاجتماعي والإقفال نجحت في وقف انتشار الفيروس، وان بتكلفة اقتصادية عالية جدا، كلّفت الخزينة تريليوني دولار، في وقت سمعت «الراي» من العاملين في الكونغرس أن الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ والبيت الأبيض الجمهوري قاربا التوصل لاتفاق بإقرار رزمة جديدة من الدعم الاقتصادي، ولكنها رزمة أصغر بكثير من الرزمة السابقة.
ويقول المسؤولون الأميركيون أن الرقم المتوقع إقراره يبلغ 400 مليار دولار، ومن المتوقع تخصيصه لأصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة حصراً. 
وكان الديموقراطيون أبدوا استعدادهم لإضافة 800 مليار دولار للإنفاق على مشاريع صيانة البنية التحتية، وهذا النوع من الإنفاق هو الذي تعتمده الحكومات عادة لتحريك الاقتصاد في أوقات الأزمات والركود. 
لكن أسلوب الرئيس في التعامل مع توزيع مبلغ تريليوني دولار، لناحية طرده المفتش المراقب على كيفية الإنفاق لتأكيد خلوها من الفساد، فضلاً عن إصرار ترامب على إضافة توقيعه على شيكات المساعدة المالية التي أرسلتها الحكومة الفيديرالية الى كل مواطن أميركي، دفع الديموقراطيين للتيقن أن ترامب لا يتصرف من باب التخفيف من وطأة أزمة وطنية طارئة، بل انه يستغل هذه المساعدات لتعزيز حظوظه للفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل.
وفي وقت قامت معظم الولايات، خصوصاً التي يديرها حكّام من الديموقراطيين ، بتمديد مهلة الحجر الصحي الذي تفرضه على سكانها حتى منتصف مايو، صار يبدو أن محاولة ترامب الإسراع في إعادة عجلة الاقتصاد الى الدوران هدفها تفادي كارثة اقتصادية قد تطيح بحظوظ فوزه بولاية ثانية.
وكانت آخر أرقام الفيروس في الولايات المتحدة سجّلت ارتفاعات ولكن بوتيرة أقل من السابق، في مؤشر يعتبر الخبراء انه يدلّ على تعدي البلاد مرحلة الذروة والبدء بالانحسار. 
وأظهرت آخر الأرقام زيادة في الإصابات الجديدة بواقع 25 ألفاً، بتراجع أربعة آلاف عن اليوم السابق، وبتراجع ثمانية آلاف عن الأسبوع الماضي. وبلغ إجمالي عدد المصابين بالفيروس، نحو 770 ألفاً، منهم 13 ألفاً في حالة حرجة. وبلغ إجمالي عدد الوفيات أكثر من 40700. 
وفي الوقت نفسه، سجّلت الولايات ارتفاعاً في عدد الفحوصات، لتقارب 12 ألفاً لكل مليون أميركي، وهي نسبة أعلى من نسبة كوريا الجنوبية، التي يشيد الخبراء بأدائها في مكافحة الوباء. لكن أميركا ما تزال متأخرة مقارنة بدول مثل إيطاليا وألمانيا، التي بلغت نسبة الفحوص فيها 22 و20 ألفا على التوالي. كما تراوح نسبة الفحوص بين الولايات، فتصل 31 ألفا لكل مليون نسمة في ولاية رود آيلند، وهي الأعلى، والى خمسة آلاف فقط في ولاية كنساس، وهي الأدنى. 
ويشدد الخبراء على ضرورة زيادة نسبة فحوص الكشف على الفيروس إلى أقصى مستوياتها بهدف تسهيل خطوات إنهاء الحجر الصحي. على أن الفحص الذي تسعى الى تسريعه حكومات الولايات هو الفحص المعروف بفحص «المضادات الحيوية»، وهو الذي يظهر ان كان الشخص أصيب ماضيا بالفيروس من دون ظهور أي عوارض عليه. 
وفي هذا السياق، تناقلت الأوساط الأميركية دراستين، الأولى صادرة عن جامعة ستانفورد، جاء فيها أن واحدة من بين كل ثمانية حوامل أظهرت التحليلات الدورية إصابتهن بالفيروس من دون ظهور أعراض عليهن. 
والدراسة الثانية جرت في مقاطعة سانتا كلارا في ولاية كاليفورنيا، وتضمنت إجراء فحوص «مضادات حيوية» أظهرت أن نسبة المصابين بالفيروس أعلى بنسبة 50 الى 85 ضعفاً.
الأرقام التي تشير إلى انتشار الفيروس، من دون عوارض أو علم أصحابه، تصب في خانة النظرية التي تعتبر أن غالبية السكان بدأت تكتسب مناعة ضد الفيروس، وأن الفيروس ليس مميتاً بالنسبة التي يعتقدها الخبراء حالياً، أي يتسبب بوفيات بنسبة واحد أو اثنين في المئة من الإصابات، بل ان النسبة الفعلية قد تكون أقل من نصف في المئة، وهي نسبة قريبة من نسبة الإنفلونزا السنوية، التي أدت الى وفاة 45 ألفا في الولايات المتحدة في موسم 2018 - 2019. 
في سياق متصل، أثار الخبر الذي أشار الى أن الصين «وجدت» 1300 حالة وفاة بالفيروس واضافتها الى احصاءاتها سخرية الأميركيين.
وترتكز التحليلات الأميركية لأرقام الصين الفعلية، والتي يرون أنها «أعلى بكثير» من الرسمية، على مجموعتي بيانات، الأولى هاتفية، والثانية ترتبط بعدد الجرّات التي يضع فيها الصينيون رفات الجثث التي يحرقونها بدلاً من دفنها، حسب التقاليد، فضلاً عن تقارير عن تنصت الاستخبارات الأميركية على مسؤولين صينيين.
وتراوح الترجيحات لأرقام الوفيات الفعلية في الصين بين 200 ألف كحد أدنى و21 مليوناً كحد أقصى. ويجري مَنْ يعتقدون بأن عدد الوفيات الصينية بلغ 200 ألف مقارنة مع ألمانيا، التي تتمتع بواحد من أفضل أنظمة الرعاية الصحية والتي قدمت أداء متميزا في كيفية مكافحة الوباء، فيقولون إن في فترة ستة أسابيع، أصاب الفيروس 145 ألف ألماني، وأدى الى وفاة 4500 فيما انتشر الوباء في الصين، الأكثر اكتظاظاً، على مدى ثلاثة أشهر من دون اي حجر صحي او مكافحة، لتعلن بكين أن عدد الإصابات بلغ 83 ألفاً فقط، مع 4600 وفاة. 
أما من يتمسكون بالبيانات الهاتفية الصينية كدليل، فيشيرون إلى انخفاض في عدد مشتركي هواتف الخليوي بواقع 21 مليوناً في فترة انتشار الوباء. كما يعتقدون أن انتاج جرّات الرفات في الصين وصل أرقاما قياسية، وهو ما حدا ببكين الى حظر اعلامي وحتى منع الاهالي من الذهاب الى مصانع هذه الجرار بأنفسهم، بل سلمتهم الحكومة جرّات ادّعت أن فيها رفات احبائهم. 
وحاول إعلاميون أميركيون في الصين، التحري بزيارتهم مصانع الجرّار لتكشّف الحقيقة، ما دفع بالحكومة الصينية الى طرد هؤلاء الاعلاميين من البلاد.
وفي السياق، كشفت بيانات ووثائق حكومية اطلعت عليها صحيفة «واشنطن بوست»، أن الولايات المتحدة صدرت معدات طبية وأقنعة واقية إلى الصين في يناير وفبراير الماضيين، بملايين الدولارات، وهو ما اعتبرته «خطوة تؤكد فشل إدارة ترامب في تقدير خطر كورونا».
ونقلت الصحيفة عن النائب الديموقراطي لويد دوجيت: «بدلاً من اتخاذ خطوات للتأهب للوباء، تجاهلوا نصيحة خبير تلو الآخر». وأضاف: «الناس الآن يموتون بسبب عدم وجود إمدادات كافية من معدات الحماية الشخصية».وبينما كانت بكين في بداية الأزمة تسابق الزمن من أجل احتواء الفيروس، لم يكن هناك شعور «جدي» لدى البيت الأبيض بخطورتها، بل وتجاهلت تقارير استخباراتية مبكرة بخصوص خطورة الجائحة.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008